سعر صرف الليرة التركية يسجل هبوطاً قياسياً جديداً أمام الدولار .. آراء وتحليلات الخبراء

تواصل الليرة التركية مواجهة ضغوطات اقتصادية قوية على خلفية التحديات المستمرة في الاقتصاد التركي، ما أدى إلى تسجيل انخفاض قياسي جديد في قيمتها مقابل الدولار الأمريكي ومع ذلك، تبرز هذه العملة كواحدة من أكثر الفرص الاستثمارية جاذبية ضمن عملات الأسواق الناشئة لعام 2025.

 

في هذا السياق، يشير العديد من مديري الصناديق في شركات استثمارية مرموقة مثل "باينبريدج للاستثمارات" و"تي رو برايس" إلى أن الليرة التركية قد تكون أحد الرهانات المغرية في المستقبل القريب، خاصة في ظل التوقعات بأن البنك المركزي التركي سيعتمد سياسة نقدية مستقرة في المرحلة القادمة.

هبوط قياسي لسعر صرف الليرة التركية أمام الدولار

في الآونة الأخيرة، سجلت الليرة التركية تراجعًا كبيرًا، حيث تجاوزت قيمتها حاجز الـ 35 ليرة للدولار الأمريكي لأول مرة في تاريخها، مسجلة انخفاضًا بلغ 0.13% يشير هذا الانخفاض إلى استمرار الضغوط التي تواجه العملة التركية نتيجة لعوامل اقتصادية محلية وعالمية، وهو ما يعكس تذبذبًا مستمرًا في قيمتها على المدى القصير.

 

هذا التراجع يأتي في وقت حساس بالنسبة للاقتصاد التركي الذي يعاني من معدلات تضخم مرتفعة، مما يزيد من التحديات أمام السلطات التركية في محاولات استقرار الاقتصاد.

 

سجل سعر صرف الدولار الأمريكي 35.03 ليرة تركي وسجل اليورو 36.73 ليرة تركي وسجل غرام الذهب  3010 ليرة تركي للغرام عيار 24 وغرام عيار 22 سجل 2785 ليرة تركي وغرام عيار 21 سجل 2633 ليرة تركية للغرام الواحد عند الساعة 14:20 بتوقيت تركيا 

استقرار نسبي للعملة التركية وسط تقلبات الأسواق الناشئة

على الرغم من الانخفاضات القياسية الأخيرة، فإن الليرة التركية شهدت نوعًا من الاستقرار النسبي مقارنة ببعض العملات الأخرى في الأسواق الناشئة. ففي حين كانت الليرة التركية من بين أكثر العملات تعرضًا للتقلبات الشديدة في السنوات الماضية، إلا أن الوضع تغير نسبيًا في الأشهر الأخيرة.

 

تأتي هذه التغيرات وسط جهود الحكومة التركية للحد من تأثير التضخم من خلال تعديل السياسة النقدية، والتي تهدف إلى منع المزيد من الانخفاض في قيمة العملة.

 

على الرغم من الضغوط التضخمية المستمرة، فإن سعر الفائدة القياسي في تركيا، الذي يبلغ 50% حاليًا، جذب اهتمام العديد من المستثمرين الأجانب الباحثين عن عوائد مرتفعة في بيئة اقتصادية غير مستقرة.

 

تشير بعض التوقعات إلى أن البنك المركزي التركي قد يميل إلى اتباع سياسة نقدية أكثر استقرارًا في عام 2025، بما في ذلك تقليص معدلات الفائدة بشكل تدريجي في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية.

آراء الخبراء حول الاستثمار في الليرة التركية

وينتينغ شين، محللة استراتيجيات الحلول متعددة الأصول ومديرة المحافظ في شركة "تي رو برايس"، ترى أن الليرة التركية تظل جذابة للمستثمرين على الرغم من التراجع الأخير في قيمتها. ففي حديثها عن الوضع الحالي، أشارت شين إلى أن الليرة التركية كانت جزءًا من محفظة متعددة الأصول لشركتها منذ يونيو 2024، وخاصةً بعد انخفاض قيمتها بشكل مفاجئ.

 

وأضافت قائلة: "لقد عززنا مراكزنا في الليرة التركية مؤخرًا بعد الهبوط المفاجئ في قيمتها، ونعتقد أن هذه التجارة ما زالت تحمل فرصًا للنمو خلال الأشهر المقبلة."

 

وتعكس هذه التصريحات ثقة بعض مديري الصناديق في قدرة العملة التركية على التعافي والنمو في المستقبل القريب، خاصة في ظل الاستقرار النسبي الذي شهدته الأسواق العالمية بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2024، حيث استهدفت صناديق التحوط العملة التركية نظرًا لدعم البنوك المملوكة للدولة للعملة التركية.

 

من جانب آخر، أشار أندرس فيرغيمان، الرئيس المشارك للدخل الثابت للأسواق الناشئة في "باينبريدج للاستثمارات"، إلى أن الليرة التركية والديون المرتبطة بها تظهر مرونة تجاه العديد من العوامل الاقتصادية والمالية، بما في ذلك التأثيرات المحتملة من الرسوم الجمركية التي قد تفرضها الولايات المتحدة في حال فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الثانية.

 

وقال فيرغيمان: "رغم إمكانية تراجع قيمة الليرة التركية، إلا أن هذا التراجع سيكون تدريجيًا ومدروسًا، مما يجعلها فرصة جديرة بالاهتمام." وأضاف: "البنك المركزي التركي قد يلجأ إلى خفض أسعار الفائدة في المستقبل، وهذا قد يعزز من جاذبية السندات التركية."

التحديات الاقتصادية والديون الخارجية التركية

واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد التركي حاليًا هي مستويات الدين الخارجي المرتفعة، وخاصة الديون قصيرة الأجل التي تمثل عبئًا كبيرًا على الحكومة والقطاع الخاص وفقًا لبيانات البنك المركزي التركي، بلغ رصيد الدين الخارجي قصير الأجل حتى نهاية أكتوبر 2024 نحو 180.1 مليار دولار، بزيادة تقدر بـ 2.3% مقارنة بنهاية عام 2023.

 

وتوزعت هذه الزيادة بشكل رئيسي على القروض التي أخذتها البنوك من الخارج، حيث ارتفع رصيد هذه الديون بنسبة 20.1% ليصل إلى 82.2 مليار دولار.

 

وفي المقابل، انخفضت الديون الخارجية قصيرة الأجل للقطاعات الأخرى بنسبة 1.5%، ليصل رصيدها إلى 60.4 مليار دولار. وفي هذا السياق، ارتفعت القروض قصيرة الأجل التي استخدمتها البنوك من الخارج بنسبة ملحوظة بلغت 81.7% مقارنة بنهاية العام الماضي لتصل إلى 22.8 مليار دولار، مما يعكس اعتماد القطاع المالي التركي على التمويل الخارجي في ظل ارتفاع العوائد المحلية.

الاستثمارات بالليرة التركية: فرص موازية للمستثمرين الأجانب

على الرغم من ارتفاع الدين الخارجي، يشهد القطاع المصرفي التركي بعض التحولات الإيجابية، حيث ارتفعت ودائع غير المقيمين بالليرة التركية بنسبة 38.2% مقارنة بنهاية عام 2023 لتصل إلى 20.9 مليار دولار.

 

وهذا يعكس ثقة المستثمرين الأجانب في العملة التركية ويؤكد على الجاذبية المتزايدة لليرة كأداة استثمارية ذات عوائد مرتفعة. وفي الوقت نفسه، شهدت ودائع البنوك غير المقيمة انخفاضًا بنسبة 9%، مما يعكس بعض الضغوط التي تواجه القطاع المالي التركي في جذب رؤوس الأموال الأجنبية.

 

ختامًا: رغم التحديات الاقتصادية الكبرى التي تواجه الليرة التركية، تظل هذه العملة تمثل فرصة استثمارية مغرية في الأسواق الناشئة لعام 2025. في ظل السياسة النقدية المستقرة والضغوط التضخمية المستمرة، يتوقع أن تستمر الليرة التركية في تقديم عوائد مغرية للمستثمرين الذين يتطلعون إلى العوائد المرتفعة.

 

ومع تحسن مستوى الثقة في العملة التركية من قبل المستثمرين الأجانب، من المتوقع أن تشهد الليرة مزيدًا من الاستقرار والنمو خلال الأشهر المقبلة، مما يجعلها خيارًا جذابًا للمستثمرين الذين يبحثون عن فرص جديدة في الأسواق العالمية.

تم التحديث في: الأربعاء, 18 كانون الأول 2024 14:28
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول