وزير المالية الياباني يطلق تحذيرات جديدة بشأن سعر صرف الين بالتزامن مع صعود الدولار بعد فوز ترامب
مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، شهدت الأسواق المالية تحركات كبيرة، منها ارتفاع ملحوظ للدولار مقابل الين الياباني هذا التغير السريع في أسعار الصرف دفع الحكومة اليابانية للتعبير عن مخاوفها إزاء تأثيرات تدهور الين على الاقتصاد الوطني، خصوصاً من خلال تصريحات وزير المالية الياباني، كاتسونوبو كاتو.
وفي ظل توقعات السوق بأن سياسة ترامب قد تعزز قيمة الدولار، يواجه الاقتصاد الياباني تحديات تتطلب تدابير حكومية عاجلة للحفاظ على استقرار الين ودعم الاقتصاد المحلي في هذا المقال، نستعرض تصريحات المسؤولين اليابانيين، وسيناريوهات التدخل الحكومي، وتأثير هذه التحركات على الاقتصاد الياباني والأسواق الآسيوية.
تصريحات وزير المالية الياباني وتحذيراته للأسواق
في مؤتمر صحفي يوم الجمعة، أبدى وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو قلقه العميق حيال تقلبات سوق العملات، مشيراً إلى أنه يتم متابعة تحركات الدولار مقابل الين بشكل مكثف، خاصة في ظل وجود عمليات مضارباتية قوية تؤدي إلى هبوط قيمة العملة اليابانية.
وأوضح كاتو أن هذا الانخفاض الحاد في الين يبدو "من جانب واحد وسريع"، مما يدعو إلى ضرورة اتخاذ خطوات مناسبة لضبط هذه التحركات.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن تقرير يفيد بأن كاتو استخدم مصطلح "بشكل بالغ" لوصف تأثير هبوط الين، وهو ما يمكن تفسيره كتلميح إلى إمكانية تدخل الحكومة لدعم العملة ووفقاً لكاتو، فإن السلطات اليابانية ستكون مستعدة للرد عبر خطوات ملموسة في حال استمرت التحركات الحادة التي تؤثر على استقرار السوق.
التوقعات الاقتصادية وتداعيات تراجع الين
يعتبر تراجع الين إلى أدنى مستوى له خلال ثلاثة أشهر مؤشراً مقلقاً بالنسبة للاقتصاد الياباني، حيث يتزامن مع ارتفاع أسعار الواردات، مما يؤدي إلى تضخم تكاليف الاستهلاك في البلاد وتتزايد المخاوف من أن يؤدي الضعف المستمر للين إلى ارتفاعات إضافية في أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان، الذي يحاول بجهود مضنية إبقاء التضخم تحت السيطرة.
وقد ألمح وزير المالية إلى أن الإجراءات ستكون ضرورية إذا استمرت التقلبات الكبيرة، مما يعكس تصميم الحكومة اليابانية على اتخاذ خطوات ملموسة لحماية العملة.
سعر صرف الين الياباني اليوم
شهدت تعاملات اليوم في سوق الصرف الأجنبي تراجع الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني، حيث انخفض سعر الصرف إلى 152.35 ين للدولار، بعدما كان سعر الافتتاح عند 152.92 ين، ليسجل الدولار بذلك أعلى مستوى له خلال اليوم عند 153.36 ين يعكس هذا التراجع تحركات ملحوظة لسعر صرف الين مقابل الدولار وسط تقلبات السوق التي تؤثر بشكل واضح على العملة اليابانية.
أداء الين الياباني في تعاملات الخميس
أنهى الين الياباني تعاملات يوم الخميس بارتفاع ملحوظ، إذ سجل صعوداً بنسبة 1.1% مقابل الدولار الأمريكي. وجاء هذا الارتفاع بعد أن كان الين قد وصل في وقت سابق من التعاملات إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر، حيث بلغ 154.70 ين للدولار.
ويشير هذا التعافي إلى رد فعل سريع من المستثمرين على ارتفاع الدولار الكبير بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والذي رفع الدولار لفترة وجيزة إلى مستوى 154.70 ين للدولار في بداية الأسبوع.
تأثير فوز ترامب على الدولار مقابل الين
أدى فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية إلى تقلبات ملحوظة في سعر صرف الدولار، حيث شهد الدولار الأمريكي ارتفاعاً قصير المدى إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الين الياباني هذا التغير السريع يعكس حالة عدم الاستقرار التي تشهدها الأسواق نتيجة للتوقعات بأن سياسات ترامب الاقتصادية قد تدعم الدولار، وهو ما يؤدي إلى ضغوط إضافية على العملة اليابانية.
احتمالات التدخل الحكومي لدعم الين
يرى العديد من الخبراء أن الحكومة اليابانية قد تلجأ إلى التدخل في سوق العملات لحماية الين من الهبوط الحاد ووفقاً لتوموهيسا فوجيكي، الاستراتيجي في "سيتي غروب"، فإن وصول الدولار إلى مستوى 155 ين قد يعزز فرص التدخل من وزارة المالية ويشير فوجيكي إلى أن تجاوز هذا المستوى سيزيد من احتمالات اتخاذ خطوات جذرية لتحقيق التوازن.
من جانبه، يعتقد تومويوكي أوتا، كبير خبراء الاقتصاد في "ميزوهو للأبحاث والتكنولوجيا"، أن حاجز 160 ين مقابل الدولار يُعد خطاً أحمر للسلطات اليابانية، وقد يدفع البنك المركزي إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة لدعم الين، مثل رفع أسعار الفائدة أو تنفيذ عمليات شراء ضخمة للين في السوق.
سيناريوهات محتملة لتدهور الين
في حال استمر تراجع الين، قد يصل إلى مستويات حرجة مثل حاجز 162 ين مقابل الدولار، وهو مستوى لم تشهده العملة اليابانية منذ ثلاثة عقود وقد دفع هذا المستوى بنك اليابان في يوليو الماضي إلى رفع أسعار الفائدة إلى 0.25% للحفاظ على استقرار العملة.
وفي ذلك الوقت، كانت هذه الخطوة استجابة لمطالب بعض نواب الحزب الحاكم الذين طالبوا برفع أسعار الفائدة للحد من التدهور السريع للين ويرى المحللون أن وصول الين إلى هذا المستوى الحرج قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على الحكومة والبنك المركزي للتحرك بشكل عاجل من خلال إجراءات إضافية للحفاظ على قيمة العملة.
وتشمل هذه الإجراءات، التي قد تتخذها السلطات، تنفيذ عمليات شراء واسعة للين لضبط سعر الصرف والحفاظ على استقرار السوق.
تدخلات اليابان السابقة في سوق العملات
في سياق التدخلات الحكومية، قامت اليابان في يوليو الماضي بشراء الين وبيع الدولار بمبلغ ضخم بلغ 3.168 تريليون ين، أي ما يعادل حوالي 20.71 مليار دولار، إضافة إلى عمليات أخرى بقيمة 2.367 تريليون ين في اليوم التالي.
هدفت هذه التدخلات إلى وقف تدهور الين ودعم استقراره، حيث أظهرت الحكومة عزمها الجدي على حماية العملة الوطنية ومنع انخفاضها ومع ذلك، يظل التحدي قائماً في ظل تقلبات السوق والضغوط الاقتصادية الناتجة عن ضعف الين وارتفاع تكاليف الاستيراد.
تأثير فوز ترامب على الأسواق الآسيوية
لم تقتصر تداعيات فوز ترامب على الأسواق اليابانية فقط، بل امتدت إلى الأسواق الآسيوية الأخرى. فقد تراجعت الأسهم الصينية يوم الجمعة نتيجة لضعف معنويات المستثمرين بشأن آفاق النمو الاقتصادي وتداعيات التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
فقد أنهى مؤشر "سي إس آي 300" آخر جلسات الأسبوع منخفضاً بنسبة 1%، بينما تراجع مؤشر "شنغهاي المركب" بنسبة 0.53%، و"شنتشن المركب" بنسبة 0.29% تعكس هذه التراجعات مخاوف المستثمرين من تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ما يشير إلى أن تأثير فوز ترامب يمتد إلى ما هو أبعد من حدود الولايات المتحدة.
الخلاصة: تبرز تصريحات وزير المالية الياباني وتحذيراته من التقلبات الحادة في سوق العملات مدى القلق الذي تشعر به اليابان إزاء تداعيات تراجع الين ومع توقعات بتأثيرات كبيرة على الاقتصاد الياباني، تبدو التدخلات الحكومية ضرورية لحماية العملة واستقرار الاقتصاد المحلي.
كما أن فوز ترامب وإمكانية صعود الدولار قد يدفع السلطات اليابانية إلى اتخاذ تدابير سريعة للحفاظ على استقرار السوق المالية في ظل هذا الوضع، يبقى السؤال قائماً حول مدى فعالية التدخلات الحكومية، وما إذا كانت قادرة على وقف تدهور الين في وجه تحديات الاقتصاد العالمي المتزايدة.