- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار الاقتصاد السوري
- تفاصيل جديدة تكشف فيما يخص اتفاق قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية
تفاصيل جديدة تكشف فيما يخص اتفاق قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية

شهدت الساحة السورية تطورًا بارزًا مع الإعلان عن اتفاق اندماج قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مع مؤسسات الدولة السورية، والذي يؤكد على وحدة الأراضي السورية ويرفض أي محاولات للتقسيم. يمثل هذا الاتفاق خطوة مهمة يمكن البناء عليها لتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد، خصوصًا مع ما تمتلكه المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد" من أهمية استراتيجية واقتصادية، نظرًا لاحتوائها على أبرز حقول النفط والغاز في سوريا.
تفاصيل الاتفاق المبرم بين قسد والحكومة السورية
تم توقيع الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وينص على عدة بنود رئيسية، من بينها:
1 - ضمان حقوق جميع السوريين في المشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، بغض النظر عن خلفيتهم الدينية أو العرقية.
2- الاعتراف بالمجتمع الكردي كجزء أصيل من الدولة السورية، وضمان حقوقه في المواطنة والحقوق الدستورية.
3- وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية.
4- دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.
5 - تأمين عودة جميع المهجرين السوريين إلى مدنهم وقراهم، وضمان حمايتهم من قبل الدولة السورية.
6- دعم الدولة السورية في مواجهة فلول الأسد وجميع التهديدات التي تستهدف أمن سوريا ووحدتها.
7 - رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفرقة بين كافة مكونات المجتمع السوري.
8 - تعمل وتسعى اللجان التنفيذية على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.
أبعاد الاتفاق وانعكاساته السياسية والاقتصادية
يعد هذا الاتفاق نقطة تحول رئيسية في مسار بناء الدولة السورية بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. ومن المتوقع أن يسهم في إعادة هيكلة القطاعات الإنتاجية في المناطق الشرقية والشمالية، عبر استعادة الدولة للسيطرة على الموارد الطبيعية وإدماجها في الخطة الاقتصادية الوطنية.
كما يشير الاتفاق إلى أن المؤسسات المدنية في مناطق الإدارة الذاتية ستحتفظ بخصوصيتها المحلية، وفق ما كشف عنه قيادي في "الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا".
واشنطن شجعت "قسد" على إبرام اتفاق
قالت ستة مصادر إن الولايات المتحدة شجعت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على التوصل إلى اتفاق تاريخي يوم الاثنين، مع الحكومة الجديدة في دمشق، وهو اتفاق قد يمنع اندلاع مزيد من الصراع في شمال سورية في وقت يسوده عدم يقين بشأن مستقبل القوات الأميركية المنتشرة هناك.
ويهدف الاتفاق إلى إعادة تشكيل دولة ممزقة بسبب حرب على مدى 14 عاماً، مما يمهد الطريق للقوات التي يقودها الأكراد وتسيطر على ربع سورية للاندماج مع دمشق، إلى جانب هيئات حاكمة كردية إقليمية. ومع ذلك، لم تتضح التفاصيل الرئيسية المتعلقة بكيفية حدوث ذلك.
وقالت ثلاثة مصادر إن مظلوم عبدي، قائد "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد، توجه جواً إلى دمشق على متن طائرة عسكرية أميركية لتوقيع الاتفاق مع الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الاثنين.
وقالت ثلاثة مصادر أخرى، من المسؤولين الأميركيين، إن الولايات المتحدة شجعت "قسد" على التحرك نحو اتفاق لتسوية وضعها في سورية الجديدة. وقال مصدر مخابرات إقليمي كبير "الولايات المتحدة لعبت دوراً حيوياً للغاية".
وتوقع مصدر المخابرات ودبلوماسي مقيم في دمشق أن يخفف الاتفاق الضغط العسكري التركي على "قسد" التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور. ورحبت تركيا بالاتفاق. وقال مسؤول حكومي سوري إن الرئاسة ستعمل على حل القضايا المعلقة بين "قسد" وتركيا.
وقال مسؤولون أميركيون لـ"رويترز"، إنّ وزارة الدفاع الأميركية بدأت في وضع خطط لانسحاب محتمل إذا ما صدر أمر بذلك، قبل اتخاذ أي قرارات سياسية بشأن سورية. لكن مسؤولاً دفاعياً أميركياً قال لـ"رويترز"، أمس الثلاثاء، إنه لا توجد أي مؤشرات على أن الانسحاب وشيك.
وقال المسؤول الدفاعي الأميركي إنّ قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، ساعد في دفع "قوات سوريا الديمقراطية" نحو الاتفاق، لكن الاتفاق كان يمضي قدماً بالفعل. وأضاف أن الإدارة الأميركية ترى أنّ "قسد" لن تحتفظ على الأرجح بالأراضي التي تسيطر عليها لأمد طويل إذا واجهت ضغوطاً من تركيا والحكومة السورية الجديدة معاً.
تصريحات حول الاتفاق
أكد مستشار "الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا"، بدران جيا كرد، في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، أن المؤسسات المدنية ستعمل بشكل موازٍ وتكاملي مع المؤسسات السورية الوطنية، مع الأخذ في الاعتبار الخصوصيات المحلية والاجتماعية والثقافية تحت مظلة المجالس الإدارية المحلية الديمقراطية في المنطقة.
أما بشأن "المؤسسات السيادية"، فقد أوضح بدران، الذي شارك في المفاوضات، أنها ستعمل بشكل مشترك مع الحكومة المركزية، مشيرًا إلى أن التفاصيل المتعلقة بالثروات الوطنية من النفط والغاز سيتم تحديدها عبر لجان مختصة.
وفي الجانب العسكري، أكد أن "قوات سوريا الديمقراطية" ستصبح جزءًا من المنظومة الدفاعية السورية، وستعمل تحت قيادة وزارة الدفاع السورية، ضمن الجيش السوري الوطني الذي سيتم تشكيله مستقبلاً.
اقرأ أيضاً : العوامل والأسباب التي أدت لانتعاش سعر صرف الليرة السورية والرابحون والخاسرون
مستقبل قوات سوريا الديمقراطية بعد الاتفاق
رفض مستشار الإدارة الذاتية الخوض في تفاصيل مستقبل قوات سوريا الديمقراطية وهياكلها التنظيمية، وما إذا كانت ستُحلّ بعد استقرار الأوضاع. لكنه أشار إلى أن تنفيذ الاتفاق سيتم عبر لجان متخصصة تتولى مناقشة التفاصيل وآليات العمل.
كما شدد بدران على أن الاتفاق يهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، والضغط على الجانب التركي لوقف العمليات العسكرية، بالإضافة إلى ضمان مشاركة كافة مكونات شمال وشرق سوريا في العملية السياسية الوطنية بشكل عادل.
مبادئ الاتفاق العامة
أوضح بدران جيا كرد أن الاتفاق تمحور حول مبادئ عامة تتعلق بكيفية إدارة البلاد والمشاركة في الحكم من قبل جميع السوريين دون تمييز، مؤكدًا أن "قسد" لم تسعَ يومًا للانفصال، بل كانت دائمًا جزءًا من سوريا الموحدة.
وأضاف أن النظام السوري السابق كان يعتقد بأن "قسد" مشروع انفصالي، بينما أكد هذا الاتفاق أن المشروع وطني بامتياز. كما لفت إلى أن الواقع السياسي والعسكري فرض على جميع الأطراف الدخول في حوار مباشر كبديل عن لغة العنف والتهديد.
الخطوات التنفيذية التالية
كشف الرئيس المشترك للمكتب الاستشاري لمجلس سوريا الديمقراطية، رياض درار، أن الاتفاق سيتم تنفيذه عبر لجان مشتركة تُشكل خصيصًا لهذا الغرض، وسيتم الاتفاق على آليات العمل والتنسيق بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، خاصة في ما يتعلق بإدارة المطارات والمعابر وحقول النفط والغاز أما بالنسبة لدمج "قسد" في القوات النظامية، فسيتم بحث تفاصيل هذه الخطوة عبر لجان عسكرية متخصصة.
نبذة عن نشأة "قسد" وتاريخها العسكري
تعود بدايات "قسد" إلى ما بعد اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، حيث تم الإعلان عن إقامة "إدارة ذاتية" في مناطق النفوذ الكردي في الشمال والشرق، بعد انسحاب القوات الحكومية من تلك المناطق في 2012. لاحقًا، توسعت "قسد" بدعم التحالف الدولي ضد "داعش"، لتصبح إحدى القوى الرئيسية في المنطقة.
تشكلت قوات سوريا الديمقراطية رسميًا في 10 أكتوبر 2015، وضمت فصائل كردية وعربية وسريانية ومسيحية، حيث لعبت دورًا محوريًا في محاربة تنظيم داعش، لا سيما خلال معركة كوباني الشهيرة عام 2014.
قد يهمك : أبرز جوانب الانهيار الاقتصادي في سوريا والقطاعات الأكثر تأثرًا بالحرب
النفوذ العسكري والجغرافي لقوات سوريا الديمقراطية
حتى سقوط النظام السوري السابق نهاية عام 2024، كانت "قسد" تسيطر على نحو 30% من الأراضي السورية، موزعة بين الحسكة، الرقة، وأجزاء من دير الزور وريف حلب الشمالي الشرقي، مما يجعلها ثاني أقوى قوة عسكرية بعد الجيش النظامي.
وتشير تقديرات إلى أن عدد عناصر "قسد" يبلغ حوالي 100 ألف مقاتل، معظمهم من العرب (60%) والأكراد (40%)، وفق تقارير وزارة الدفاع الأمريكية.
الأهمية الاقتصادية لمناطق سيطرة "قسد"
تتمتع المناطق التي كانت تحت سيطرة "قسد" بأهمية اقتصادية كبيرة، حيث تضم 95% من احتياطي النفط والغاز في سوريا، ومن أهم حقولها:
-
حقل العمر: أكبر حقول النفط في سوريا، كان ينتج نحو 80 ألف برميل يوميًا.
-
حقل التنك: في دير الزور.
-
حقل الجفرة: أول حقل استُخرج منه النفط في سوريا.
-
حقل السويدية: في الحسكة، كان ينتج 116 ألف برميل يوميًا.
-
حقل الرميلان: كان ينتج 90 ألف برميل يوميًا.
-
حقل كونيكو: أحد أكبر حقول الغاز في دير الزور.
إضافة إلى قطاع النفط، تضم هذه المناطق سدودًا كبرى على نهر الفرات، وتشتهر بإنتاجها الزراعي، مما يجعلها "سلة غذاء سوريا".
تأثير الاتفاق على الاقتصاد السوري
في 25 فبراير 2025، استؤنف توريد النفط من حقول شمال شرق سوريا إلى دمشق لأول مرة منذ سقوط الأسد، بموجب صفقة معدلة تنص على توريد 15 ألف برميل يوميًا، بالإضافة إلى مليون متر مكعب من الغاز.
من شأن اتفاق الاندماج الأخير أن يمنح الحكومة السورية سيطرة أكبر على هذه الموارد، مما يعزز جهود إعادة الإعمار ويساعد في إنعاش الاقتصاد الوطني. كما قد يفتح المجال أمام استثمارات جديدة في قطاعي النفط والطاقة، مما يساهم في تقليص العجز التجاري وتوفير فرص عمل جديدة.
الخاتمة : يعد اتفاق اندماج "قسد" مع الحكومة السورية تطورًا استراتيجيًا يحمل في طياته تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة. وبينما يبقى التنفيذ مرهونًا بالتفاهمات بين الطرفين، فإنه يمثل خطوة هامة نحو إنهاء النزاع وإعادة بناء سوريا على أسس أكثر استقرارًا ووحدة وطنية.