ارتفاع أسعار النفط 1.8% وسط قلق بشأن الإمدادات والتوترات الجيوسياسية والانتخابات الأميركية
شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 1.8% اليوم الخميس، مع تعافيها من خسائر الجلسة السابقة تعود هذه المكاسب إلى تجدد المخاوف حول التوترات في الشرق الأوسط قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقد عانى السوق من تقلبات حادة هذا الشهر مع استمرار المتداولين في تقييم المخاطر الجيوسياسية وتأثيراتها على الإمدادات العالمية.
تقلبات النفط وتقييم المخاطر
تعد منطقة الشرق الأوسط مصدرًا رئيسيًا لإمدادات النفط العالمية، حيث تضخ حوالي ثلث الإمدادات ومع تصاعد التوترات هناك، تتزايد المخاوف حول تعطل الإمدادات في الوقت نفسه، يشهد الطلب على النفط تضاربًا، خاصة مع تباطؤ استهلاك الخام في الصين، أكبر مستورد عالمي، رغم الحوافز التي أطلقتها السلطات الصينية لدعم اقتصادها.
على الجانب الآخر، كانت الولايات المتحدة تظهر إشارات إيجابية على ارتفاع الطلب، حيث وصلت معدلات معالجة النفط في مصافيها إلى أعلى مستوى لها في ست سنوات هذا التباين بين الطلب من الصين والولايات المتحدة يساهم في تشكيل حالة من عدم اليقين في أسواق النفط.
أسعار النفط اليوم
في الساعة 09:02 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 1.24% لتصل إلى 76.20 دولار للبرميل كما صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 1.84% لتسجل 72.07 دولار للبرميل. يأتي هذا الارتفاع وسط مخاوف متزايدة بشأن الإمدادات، بعد تبادل كثيف للنيران بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
تعويض الخسائر السابقة
حققت أسعار النفط مكاسب بنحو 4% حتى الآن هذا الأسبوع، مما يعوض جزءًا من الخسائر الكبيرة التي تجاوزت 7% الأسبوع الماضي تلك الخسائر كانت ناتجة عن مخاوف حول ضعف الطلب في الصين وتراجع احتمالات تعطل الإمدادات من الشرق الأوسط. بحسب وكالة "رويترز"، تعكس هذه التحركات طبيعة السوق المتقلبة والتأثير الكبير للتوترات الجيوسياسية على الأسعار.
أثر بيانات المخزونات الأميركية
تراجعت أسعار النفط بأكثر من 1% في جلسة الأربعاء عقب صدور بيانات المخزونات الأميركية التي كشفت عن ارتفاع مخزون الخام بمقدار 5.5 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 18 أكتوبر، وهو ما فاق توقعات السوق التي كانت تشير إلى زيادة تبلغ 900 ألف برميل فقط. هذا الارتفاع المفاجئ في المخزونات ضغط على الأسعار وسط مخاوف من فائض في العرض.
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
تحليل النفط
أشارت "بريانكا ساشديفا"، محللة السوق لدى "فيليب نوفا"، إلى أن التقلبات الراهنة في سوق النفط تأتي نتيجة مزيج من ردود الأفعال تجاه عدم اليقين المرتبط بالانتخابات الأميركية والتوترات في الشرق الأوسط. وأضافت أن هناك نقصًا واضحًا في المحفزات الداعمة للطلب، مما يزيد من صعوبة التنبؤ بحركة الأسعار في الفترة المقبلة.
وبحسب "فاندانا هاري"، مؤسسة "فاندا إنسايتس" في سنغافورة، فإن "التوترات في الشرق الأوسط وآفاق الاقتصاد العالمي هما المحركان الرئيسيان لأسعار النفط حاليًا". وأكدت أنه لا يوجد إشارات قوية على استقرار الأوضاع، مما قد يبقي الأسعار في نطاق واسع من التقلبات.
أسباب ارتفاع أسعار النفط
في ظل تزايد المخاوف من ارتفاع محتمل في أسعار النفط بسبب الاضطرابات في الإمدادات من الشرق الأوسط، يقوم التجار بالتحوط من المخاطر من خلال الاحتفاظ بعدد قياسي من عقود الخيارات وقد تجاوزت عقود خيارات برنت المفتوحة هذا الأسبوع 4 ملايين عقد لأول مرة، مما يعادل 4 مليارات برميل، في خطوة تهدف إلى حماية أنفسهم من تقلبات الأسعار.
تأثير الانتخابات الأميركية
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، ينتاب الأسواق حالة من الترقب تعتبر الانتخابات عاملاً رئيسيًا في تحريك الأسواق المالية وأسواق السلع، بما في ذلك النفط وتزداد المخاوف من أي تغييرات سياسية قد تؤثر على العلاقات الخارجية أو السياسة الاقتصادية الأميركية.
توقعات الفائض والإنتاج الأميركي
جاء الانخفاض المفاجئ في منتصف الأسبوع، عندما تراجعت أسعار برنت بأكثر من 1%، نتيجة توقعات بزيادة الإنتاج الأميركي التي قد تخلق فائضًا في السوق بحلول عام 2025 ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإن الطاقة الاحتياطية في "أوبك+" تقترب من مستويات قياسية، مما يعزز هذه التوقعات.
اقرأ أيضاً : مقترح أميركي يشعل أسعار البلاديوم .. والذهب يرتفع وسط توترات جيوسياسية ومخاوف اقتصادية
تأثير البيانات الاقتصادية الأميركية
سلسلة من البيانات الاقتصادية الأقوى من المتوقع بشأن إنفاق المستهلكين، سوق العمل، والتضخم دفعت المستثمرين إلى إعادة تقييم توقعاتهم حول خفض أسعار الفائدة الأميركية. خفض أسعار الفائدة بأقل من المتوقع قد يؤدي إلى تقليل تكاليف الاقتراض، مما قد يدعم النشاط الاقتصادي ويزيد من الطلب على النفط.
التوترات في الشرق الأوسط
بالتزامن مع هذه التطورات، استمر التصعيد في الشرق الأوسط، حيث قصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الأربعاء، بينما أعلنت جماعة حزب الله أنها أطلقت صواريخ موجهة بدقة على أهداف إسرائيلية هذه التوترات تضع الأسواق في حالة من الحذر الشديد، مع توقعات بتأثيرها على العرض والطلب في الأسابيع المقبلة.
الخلاصة : تظل أسواق النفط في حالة من التذبذب المستمر، مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية والانتخابات الأميركية المقبلة في ظل غياب محفزات واضحة على صعيد الطلب، واستمرار المخاطر المرتبطة بالإمدادات من الشرق الأوسط، من المتوقع أن تظل الأسعار متقلبة حتى تظهر إشارات أكثر وضوحًا حول مستقبل السوق.