ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 3% بعد تصريحات ترامب المتفائلة حول التجارة والعقوبات على إيران

قفزت أسعار النفط العالمية بأكثر من 3% يوم الخميس، مدفوعةً بتصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب فيها عن تفاؤله بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاقات تجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي، في وقت كثّفت فيه واشنطن من ضغوطها على صادرات النفط الإيرانية بفرض عقوبات جديدة. كما ساهمت بيانات حكومية أميركية حول انخفاض المخزونات في تعزيز الزخم الصعودي للأسعار.

ارتفعت أسعار النفط في ختام تعاملات الخميس، ليحقق الذهب الأسود أول مكاسب أسبوعية له هذا الشهر، بدعم من آمال توصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاتفاق تجاري.

أداء أسعار النفط

شهدت أسعار النفط العالمية انتعاشاً حاداً يوم الخميس، إذ ارتفع خام برنت بمقدار 2.11 دولار، أو بنسبة 3.2%، ليغلق عند مستوى 67.96 دولاراً للبرميل. كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بواقع 2.21 دولار، أو ما يعادل 3.54%، ليبلغ عند التسوية 64.68 دولاراً للبرميل.

جاءت هذه المكاسب بعد تراجعات شهدتها السوق خلال الأسابيع الماضية، حيث تعرضت الأسعار لضغوط شديدة بسبب تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو ما انعكس على مستويات الطلب العالمي على الطاقة.

وسجل كل من الخامين مكاسب أسبوعية بنحو 5% مع إغلاق البورصات العالمية وأسواق السلع الأساسية أبوابها غداً في عطلة رسمية.

ترامب يبعث برسائل طمأنة للأسواق

في مؤتمر صحفي من البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يتوقع التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين في المستقبل القريب، دون أن يحدد تفاصيل أو توقيتاً معيناً لاستئناف المحادثات الرسمية ورداً على سؤال أحد الصحافيين بشأن نيّته الاتصال بالرئيس الصيني شي جين بينغ، قال ترامب:

"سنبرم اتفاقاً... أعتقد أننا سنعقد اتفاقاً جيداً جداً مع الصين."

كما أعرب ترامب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق مشابه مع الاتحاد الأوروبي، حيث قال إنه "واثق بنسبة 100%" من التوصل إلى تفاهم بشأن الرسوم الجمركية. وقد أكدت هذا التوجه أيضاً رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال لقائها مع ترامب، واصفة الولايات المتحدة بـ"الشريك الموثوق".

هذه التصريحات ساهمت في تهدئة الأسواق المالية، إذ شهدت الأسهم الأميركية بدورها ارتفاعاً ملحوظاً خلال جلسة الخميس، مدفوعةً بالتفاؤل بشأن انحسار الحروب التجارية التي أثرت على حركة التجارة العالمية.

وأعرب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ورئيسة وزراء إيطاليا "جورجيا ميلوني" خلال لقاء بالبيت الأبيض عن تفاؤلهما بشأن التوصل لحل ينهي التوترات التجارية الراهنة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

الأمر الذي ساعد على تهدئة مخاوف ركود الاقتصاد العالمي، وبالتالي تباطؤ نمو الطلب على النفط.

قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها

تصعيد أميركي ضد إيران: عقوبات جديدة على شركات صينية

في سياق موازٍ، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات اقتصادية على مصفاة صينية ثانية بتهمة انتهاك العقوبات المفروضة على إيران. وأوضحت الوزارة أن مصفاة "شاندونغ شينغ شينغ كيميكال" قامت بمعالجة كميات من الخام الإيراني تزيد قيمتها على مليار دولار، وهو ما اعتبرته واشنطن خرقاً صريحاً للقيود الأميركية.

وأكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن واشنطن ستواصل فرض أقصى الضغوط لشل شبكة تصدير النفط الإيراني، في إطار سياسة "الضغط الأقصى" التي تتبعها إدارة ترامب منذ انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018.

من جانبها، حذرت طهران من أن المحادثات النووية الجارية قد تنهار تماماً إذا ما غيرت إدارة ترامب مسارها الحالي، في إشارة إلى التصعيد المستمر في ملف العقوبات الاقتصادية.

تحذيرات من تأثير التوترات الجيوسياسية على استقرار سوق الطاقة

وحول التأثيرات المحتملة للتطورات الجيوسياسية على أسواق النفط، قالت ريبيكا بابين، كبيرة متداولي الطاقة في مجموعة CIBC Private Wealth، إن البيئة الاقتصادية العالمية لا تزال "مختلطة"، وإن هذه الظروف قد تدفع السوق في أي من الاتجاهين، حسب كيفية تطور الأحداث وأضافت:

"في حين تظل الظروف الاقتصادية الكلية مختلطة، إلا أنها قد تؤدي إما إلى تضخيم ارتفاعات السوق أو إخراجها عن مسارها بالكامل، اعتماداً على كيفية تطور هذه التوترات الجيوسياسية."

مخزونات النفط الأميركية تقدم دعماً إضافياً للأسعار

من العوامل الأخرى التي دعمت أسعار النفط هذا الأسبوع، البيانات الحكومية التي أظهرت انخفاض مستويات المخزون في مركز كوشينغ بولاية أوكلاهوما، وهو نقطة التسليم الرئيسية لعقود خام غرب تكساس الوسيط. وبلغت هذه المخزونات أدنى مستوياتها لهذا الوقت من العام منذ عام 2008، ما عزز التفاؤل في السوق، ودعم الفوارق الزمنية القصيرة الأجل.

وقد ارتفع الفارق الفوري لخام غرب تكساس الوسيط إلى أقوى مستوياته منذ فبراير الماضي، وهو ما يعكس تحسناً في الطلب الفوري مقارنة بالأسعار المستقبلية، ما يُعتبر إشارة إيجابية للمتداولين والمستثمرين.

الخلاصة: تحركات الأسعار مرهونة بالتطورات السياسية والتجارية

في المجمل، جاءت مكاسب النفط هذا الأسبوع مدفوعة بعدة عوامل مترابطة، من بينها التصريحات السياسية من البيت الأبيض، والتصعيد في الملف الإيراني، إلى جانب تراجع المخزونات الأميركية، ما أدى إلى تحفيز موجة شراء جديدة في الأسواق.

لكن في المقابل، تبقى هذه المكاسب هشّة ومعرّضة للتقلبات، في حال عادت التوترات التجارية أو خفّت حدة الضغوط الجيوسياسية، ما يتطلب مراقبة دقيقة من قبل المستثمرين والمتداولين لمجريات الأحداث العالمية وتأثيرها على قطاع الطاقة.