انخفضت أسعار النفط خلال تعاملات الإثنين، متأثرةً بضعف البيانات الاقتصادية الصادرة من الصين، والتي أثارت المخاوف بشأن الطلب على الخام. وجاء هذا التراجع في ظل استمرار التوترات التجارية العالمية، خاصة مع تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية وتأثيرها على النمو الاقتصادي.
يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار المستثمرين في تقييم العوامل الجيوسياسية، بما في ذلك العقوبات المحتملة على روسيا، وسياسات تحالف "أوبك+" تجاه الإنتاج، وسط ترقب لآفاق الاقتصاد العالمي في الأشهر المقبلة.
أداء أسعار النفط اليوم
شهدت أسعار النفط انخفاضًا في التعاملات الصباحية، حيث تراجعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم مايو بنسبة 0.51% أو 36 سنتًا لتصل إلى 70 دولارًا للبرميل، وذلك بحلول الساعة 09:18 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة.
كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم أبريل بحوالي 0.58% أو 39 سنتًا، لتستقر عند 66.65 دولارًا للبرميل، مواصلةً خسائرها للأسبوع السابع على التوالي، وهي أطول سلسلة تراجعات منذ نوفمبر 2023.
في الوقت ذاته، سجل خام برنت انخفاضًا للأسبوع الثالث على التوالي، حيث تأثر بتجدد التوترات التجارية بعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية على واردات النفط من كندا والمكسيك، قبل أن يقوم بتأجيلها، مع رفع الضرائب على السلع الصينية.
وفي رد انتقامي، فرضت الصين وكندا رسومًا جمركية على بعض المنتجات الزراعية الأمريكية، مما زاد من القلق حيال تباطؤ الاقتصاد العالمي وتأثير ذلك على الطلب على الطاقة.
البيانات الصينية تضيف المزيد من الضغوط على الأسواق
كشفت البيانات الاقتصادية الصادرة عن الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، عن ضعف في مؤشرات التضخم، مما يعكس ضغوطًا انكماشية مستمرة:
- مؤشر أسعار المستهلكين في الصين انخفض بنسبة 0.7% في فبراير على أساس سنوي، في حين كانت التوقعات تشير إلى تراجع بنسبة 0.5% فقط.
- مؤشر أسعار المنتجين تراجع بمعدل 2.2%، مما يؤكد استمرار الضغوط الانكماشية في ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
ويشير هذا الانخفاض في التضخم إلى ضعف النشاط الاقتصادي، ما قد يؤدي إلى تراجع الطلب على النفط، ويؤثر سلبًا على توقعات الأسعار في الفترة المقبلة.
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
الاقتصاد الأمريكي وتصاعد التوترات
في سياق متصل، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشبكة "فوكس نيوز" بأن الاقتصاد الأمريكي يمر بـ"فترة انتقالية"، لكنه لم يستبعد احتمال دخول الولايات المتحدة في حالة ركود خلال هذا العام.
وجاءت تصريحاته بعد فرض رسوم جمركية جديدة على بعض الدول الموردة للنفط، مما زاد من التوترات التجارية العالمية، وأدى إلى تراجع شهية المستثمرين تجاه الأصول عالية المخاطر، بما في ذلك النفط.
أوبك+ تواصل سياساتها الإنتاجية
رغم التراجع المستمر في الأسعار، أعلنت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك+" – التي تضم روسيا ضمن تحالفها – أنها ستمضي قدمًا في زيادات الإنتاج المخطط لها اعتبارًا من أبريل المقبل، في خطوة تعكس استمرار استراتيجية المنظمة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب.
ومع ذلك، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة الماضي إن تحالف "أوبك+" قد يعيد النظر في قراره بزيادة الإنتاج إذا حدث اختلال في توازن السوق، ما يترك الباب مفتوحًا أمام أي تعديلات مستقبلية.
التوقعات المستقبلية لأسعار النفط
يرى الخبراء أن هناك العديد من العوامل التي قد تحدد مسار أسعار النفط في الفترة المقبلة، حيث صرح توني سيكامور، المحلل لدى شركة "آي جي"، في مذكرة للعملاء:
"لقد تأثر النفط الخام الأسبوع الماضي بسبب حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأميركية، ومخاوف النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى احتمالية قيام واشنطن برفع العقوبات عن قطاع الطاقة الروسي."
وأضاف أن الأسعار قد تتلقى دعمًا عند مستويات 65-62 دولارًا للبرميل، مشيرًا إلى إمكانية التعافي إلى 72 دولارًا للبرميل إذا استقر الطلب في الأسواق العالمية.
العقوبات الأمريكية على روسيا تظل عاملًا حاسمًا
استعادت أسعار النفط بعض خسائرها يوم الجمعة بعد أن أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستزيد العقوبات على روسيا إذا لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا.
في الوقت ذاته، أفادت تقارير نقلًا عن مصادر مطلعة أن واشنطن تدرس إمكانية تخفيف العقوبات على قطاع الطاقة الروسي في حال وافقت موسكو على إنهاء الحرب مع أوكرانيا، وهي خطوة قد تؤثر على تدفقات النفط العالمية.
ختامًا:
بشكل عام، لا تزال أسعار النفط تحت ضغط مزيج من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، حيث تلعب البيانات الصينية الضعيفة، والتوترات التجارية، وسياسات "أوبك+"، والعقوبات المحتملة على روسيا دورًا رئيسيًا في تحديد اتجاه السوق ومع استمرار حالة عدم اليقين، يترقب المستثمرون أي مؤشرات جديدة قد تؤثر على توازن العرض والطلب، وسط توقعات بأن تبقى الأسواق متقلبة خلال الأسابيع المقبلة.
