انخفاض أسعار النفط من أعلى مستوى في 3 أشهر مع استمرار قوة الدولار
تراجعت أسعار النفط بشكل ملحوظ خلال تعاملات يوم الاثنين، بعد أن وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ 14 أكتوبر في نهاية الأسبوع الماضي، متأثرة باستمرار قوة الدولار الأمريكي الذي يواصل التداول عند مستويات مرتفعة، مما يشكل ضغطًا كبيرًا على أسعار السلع المقومة بالدولار.
أسعار النفط اليوم
شهدت العقود الآجلة لخام برنت القياسي الأكثر نشاطاً تسليم مارس انخفاضًا بنسبة 0.41%، أي ما يعادل 31 سنتًا، لتسجل 76.20 دولار للبرميل بحلول الساعة 09:25 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة وفي الوقت نفسه، تراجعت العقود الآجلة لخام نايمكس الأمريكي تسليم فبراير بنسبة 0.39% أو 29 سنتًا، لتصل إلى 73.67 دولار للبرميل.
مؤشر الدولار وتأثيره على النفط
استقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، عند مستوى 108.92 نقطة، ليظل عند أعلى مستوياته منذ 18 ديسمبر الماضي. ويُعتبر هذا الاستقرار عند مستويات مرتفعة أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى تراجع أسعار النفط، حيث يؤدي ارتفاع الدولار إلى تقليل جاذبية السلع المقومة به للمستثمرين الذين يستخدمون عملات أخرى.
تأثيرات قوة الدولار والعقوبات الغربية
وفقًا لتقرير صادر عن "بريانكا ساشديفا"، خبيرة تحليل الأسواق في شركة "فيليب نوفا"، فإن تركيز المستثمرين ينصب حاليًا على قوة الدولار، مما يعزز حالة عدم اليقين في أسواق النفط. علاوة على ذلك، تأثرت معنويات المستثمرين سلبًا بسبب تشديد الدول الغربية العقوبات المفروضة على قطاع البترول في كل من روسيا وإيران.
وتوقع بنك "جولدمان ساكس" انخفاض إنتاج وصادرات إيران من النفط خلال الربع الثاني من العام الجاري نتيجة التغيرات في السياسات الداخلية الإيرانية وفرض الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" مزيدًا من العقوبات بعد توليه المنصب في 20 يناير الجاري.
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
دور الصين في دعم الأسواق
في محاولة لتعزيز الاقتصاد المتباطئ، أعلنت الحكومة الصينية يوم الجمعة أنها ستزيد بشكل كبير التمويل عبر سندات الخزانة طويلة الأجل خلال عام 2025 بهدف تحفيز الاستثمار التجاري وتعزيز الاستهلاك. هذا التحرك قد يدعم الطلب على النفط في أكبر مستورد عالمي للخام، مما قد يخفف من الضغوط على الأسعار.
التطورات التقنية في أسعار النفط
ارتفعت أسعار خامي برنت ونايمكس فوق متوسطهما المتحرك لمدة 100 يوم خلال الأسبوع الماضي، مما ساعد في خروج الأسعار من النطاق الضيق الذي ظلت تتداول فيه منذ منتصف أكتوبر. ومع ذلك، ينتظر المتعاملون إعلان السعودية الرسمي عن أسعار خامها، خاصة بعد تحسن أسعار بعض الخامات الشرق أوسطية نتيجة الطلب القوي من المصافي الآسيوية وندرة نفط روسيا وإيران في الأسواق.
تصريحات خبراء السوق وتوقعاتهم
صرح "وارن باترسون"، رئيس استراتيجية السلع الأساسية في مجموعة "آي إن جي"، بأن سوق النفط يبدو مدفوعًا بأسعار الخام في الشرق الأوسط، حيث يُباع خام دبي حاليًا بسعر أعلى من خام برنت. وأوضح أن انخفاض التدفقات النفطية من إيران وروسيا دفع المصافي الآسيوية للبحث عن بدائل أخرى.
وفي مذكرة بتاريخ 5 يناير، توقع محللون في "مورغان ستانلي"، من بينهم "مارتين راتس"، أن يبلغ متوسط سعر خام برنت حوالي 70 دولارًا للبرميل خلال العام الجاري، مشيرين إلى احتمال وجود فائض في المعروض بمقدار 700 ألف برميل يوميًا نتيجة تفوق إنتاج دول "أوبك+" والمنتجين المستقلين على نمو الطلب.
عوامل متباينة تضغط على السوق
تشهد سوق النفط حاليًا تباينًا في العوامل المؤثرة، حيث من المتوقع أن تضغط تخمة المعروض والإحياء المحتمل لبعض إنتاج "أوبك+" المتوقف، إلى جانب ضعف الطلب من الصين، على الأسعار. في المقابل، قد تساهم حالة عدم اليقين الجيوسياسي واحتمال عودة "دونالد ترامب" إلى البيت الأبيض في تقديم دعم نسبي للأسعار.
بيانات منصات التنقيب عن النفط
وفقًا لبيانات "بيكر هيوز"، تراجع عدد منصات التنقيب عن النفط على مستوى العالم بمقدار 79 منصة مقارنة بالعام الماضي، كما انخفض العدد بمقدار 49 منصة مقارنة بالشهر السابق ليصل إلى 1660 منصة في ديسمبر 2024. وأظهر تقرير صادر عن إحدى شركات الخدمات النفطية انخفاض عدد منصات التنقيب في منطقة الشرق الأوسط بمقدار 4 منصات إلى 332 منصة خلال ديسمبر على أساس شهري وسنوي.
علاوة على ذلك، انخفض عدد منصات التنقيب عن النفط والغاز حول العالم -باستثناء أمريكا وكندا- بمقدار 10 منصات ليصل إلى 909 منصات خلال الشهر الماضي.
الخلاصة : رغم استمرار الضغط على أسعار النفط بفعل قوة الدولار وتوقعات تخمة المعروض، إلا أن هناك عوامل إيجابية محتملة قد تدعم الأسعار، مثل تحفيز الاقتصاد الصيني وتغير السياسات الجيوسياسية. يظل السوق في حالة ترقب لتطورات السياسة النقدية الأمريكية وإعلانات "أوبك+" المقبلة، مع استمرار حالة عدم اليقين التي تسيطر على السوق.