شهد الين الياباني ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الخميس في الأسواق الآسيوية، ليواصل مكاسبه لليوم الثاني على التوالي مقابل سلة من العملات الرئيسية والثانوية، خاصة أمام الدولار الأمريكي، الذي سجل أدنى مستوياته في عشرة أسابيع مقابل العملة اليابانية. يقترب الين من حاجز 150 للمرة الأولى هذا العام، مدعومًا بتزايد عمليات شرائه كإحدى أفضل الفرص الاستثمارية المتاحة في سوق الصرف الأجنبي.
تحركات الين الياباني
جاء هذا الارتفاع وسط توقعات بتقلص الفجوة بين تكاليف الاقتراض في اليابان والولايات المتحدة، وذلك في ظل إشارات متزايدة على توجه بنك اليابان نحو مزيد من التشديد النقدي وقد عززت تعليقات بعض مسؤولي البنك المركزي الياباني من احتمالات رفع أسعار الفائدة خلال اجتماع مارس المقبل، في انتظار بيانات اقتصادية جديدة حول معدلات التضخم، البطالة، ومستويات الأجور في البلاد.
السندات الأمريكية
إلى جانب العوامل الداخلية في اليابان، استفاد الين الياباني من تباطؤ العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، حيث تراجع العائد بنسبة 0.4% خلال تعاملات الخميس، ليواصل خسائره للجلسة الثانية على التوالي.
يأتي هذا التراجع رغم صدور محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، الذي أظهر أن البنك المركزي الأمريكي ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة، وهو ما كان من المفترض أن يدعم الدولار. إلا أن استمرار انخفاض العوائد الأمريكية ساهم في تعزيز مكاسب الين الياباني.
الفائدة في اليابان
بحسب استطلاع أجرته وكالة "رويترز"، يتوقع غالبية الاقتصاديين أن يرفع بنك اليابان سعر الفائدة الرئيسي مرة أخرى هذا العام، ومن المرجح أن يصل إلى 0.75% بحلول الربع الثالث من 2024. هذه التوقعات عززت من جاذبية الين الياباني للمستثمرين الذين يراهنون على إنهاء عصر الفائدة السلبية في اليابان.
السندات اليابانية
على صعيد أسواق السندات، ارتفع العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل عشر سنوات بنحو نقطة أساس واحدة، ليصل إلى 1.448%، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2009. يعكس هذا الارتفاع تزايد الثقة في أن بنك اليابان يتجه نحو مزيد من التشديد النقدي، وهو ما يدفع العوائد نحو مستويات لم تشهدها الأسواق منذ أكثر من عقد.
أداء الين الياباني أمام الدولار
سجل سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني انخفاضًا بنسبة 0.85% ليصل إلى 150.14 ين، وهو أدنى مستوى منذ 9 ديسمبر الماضي، بعد أن افتتح التداولات عند 151.46 ين، بينما سجل أعلى مستوى خلال اليوم عند 151.47 ين.
يُذكر أن الين الياباني كان قد أنهى تعاملات يوم الأربعاء على ارتفاع بنسبة 0.4% مقابل الدولار، محققًا مكاسبه الرابعة خلال آخر خمسة أيام، وذلك بفضل تصاعد التوقعات بتطبيع السياسة النقدية اليابانية ورفع الفائدة.
تأثيرات ارتفاع الين على أسواق الأسهم اليابانية
على صعيد الأسواق المالية، تأثرت الأسهم اليابانية سلبًا بارتفاع قيمة الين، حيث تراجعت في نهاية تعاملات الخميس، وسط مخاوف من أن استمرار ارتفاع العملة اليابانية قد يضغط على أرباح الشركات الكبرى المعتمدة على التصدير.
وأغلق مؤشر "نيكي" على انخفاض بنسبة 1.24%، فاقدًا 486 نقطة ليصل إلى 38,678 نقطة، كما تراجع مؤشر "توبكس" الأوسع نطاقًا بنسبة 1.18% إلى 2,734 نقطة.
جاء هذا التراجع أيضًا في ظل استمرار التوترات التجارية العالمية، خاصة مع السياسات الاقتصادية التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تؤثر على حركة التجارة العالمية والاستثمارات الأجنبية.
نمو اقتصادي يحقق مفاجأة إيجابية
في ظل هذه التطورات، أظهرت بيانات رسمية حديثة أن الاقتصاد الياباني حقق نموًا يفوق التوقعات خلال الربع الأخير من عام 2024، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.8% على أساس سنوي، متجاوزًا التوقعات التي أشارت إلى نمو بنسبة 1% فقط.
وجاء هذا النمو مدعومًا بارتفاع الصادرات، انخفاض الواردات، وزيادة الاستهلاك المحلي، إضافة إلى ارتفاع إنفاق الشركات، مما عزز من ثقة المستثمرين في أداء الاقتصاد الياباني.
احتمالات رفع الفائدة ترتفع إلى 80%
بناءً على هذه البيانات الإيجابية، ارتفعت توقعات المستثمرين بقيام بنك اليابان برفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل في مارس المقبل، حيث زادت الاحتمالات من 75% إلى 80%.
ويترقب المستثمرون مزيدًا من البيانات حول التضخم، معدلات البطالة، ومستويات الأجور قبل صدور القرار النهائي، حيث سيكون لهذه العوامل تأثير مباشر على قرارات بنك اليابان خلال الأشهر المقبلة.
ختامًا: إلى أين يتجه الين الياباني؟
مع استمرار تصاعد التوقعات برفع أسعار الفائدة اليابانية، إلى جانب التباطؤ المستمر في العائد على السندات الأمريكية، قد نشهد مزيدًا من المكاسب للين الياباني خلال الأسابيع المقبلة ومع ذلك، فإن أداء الاقتصاد الياباني وموقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيظل عاملًا رئيسيًا في تحديد الاتجاه المستقبلي للعملة اليابانية في سوق الصرف الأجنبي.
