- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- بنك اليابان بين رفع الفائدة وتراجع الين: معضلة السياسة النقدية في ظل التضخم المتزايد
بنك اليابان بين رفع الفائدة وتراجع الين: معضلة السياسة النقدية في ظل التضخم المتزايد

يواجه بنك اليابان المركزي معضلة حاسمة في سياسته النقدية، حيث يدرس إمكانية رفع أسعار الفائدة في حال استمر التضخم في التوسع ليشمل مختلف قطاعات الاقتصاد تأتي هذه التطورات وسط ارتفاع ملحوظ في أسعار المواد الغذائية، مما دفع البنك إلى إعادة تقييم استراتيجيته النقدية.
في هذا التقرير، نستعرض تصريحات محافظ البنك، تأثيرها على الأسواق المالية، والتوقعات المستقبلية لليابان والاقتصاد العالمي.
تحذيرات بنك اليابان بشأن السياسة النقدية
أكد محافظ بنك اليابان المركزي، كازو أويدا، أن البنك قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة إذا استمر ارتفاع أسعار المواد الغذائية في التسبب بتضخم واسع النطاق يشمل مختلف قطاعات الاقتصاد. تأتي هذه التصريحات في وقت تزداد فيه الضغوط التضخمية، ما يفرض على البنك المركزي إعادة النظر في استراتيجيته النقدية.
وأضاف أويدا أن البنك سيضطر إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزماً لتقليص الدعم النقدي إذا تجاوز التضخم التوقعات، في إشارة إلى احتمال رفع الفائدة بوتيرة أسرع مما كان مخططاً له. هذه التصريحات تعكس تحولًا تدريجيًا في نهج بنك اليابان، الذي كان لعقود يتبع سياسة نقدية توسعية للغاية لدعم النمو الاقتصادي.
التضخم في اليابان يتجاوز المستهدف
وفقًا للبيانات الاقتصادية الأخيرة، سجل معدل التضخم الأساسي لأسعار المستهلكين في اليابان 3% خلال شهر فبراير، متجاوزاً بذلك هدف البنك المركزي عند 2%. ويرجع هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى الزيادة المستمرة في أسعار المواد الغذائية، مما يزيد من الضغوط على الأسر اليابانية.
ويرى خبراء الاقتصاد أن استمرار التضخم بمعدلات أعلى من المستهدف قد يجبر البنك المركزي على إنهاء سياسة الفائدة السلبية المعتمدة منذ فترة طويلة، في خطوة قد تكون الأولى من نوعها منذ عقود.
توقعات السوق وردود فعل المستثمرين
في سياق ردود الأفعال، قال دانيال تقي الدين، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سكاي لينكس كابيتال، إن تصريحات بنك اليابان الأخيرة تشير إلى تفاؤل حذر بشأن الاقتصاد الياباني، حيث يشهد تحسنًا ملحوظًا ولكن مشروطًا بتحقيق نمو مستدام في الأجور.
وأضاف تقي الدين أن الاقتصاد الياباني قد يشهد تحسنًا في أرقام الأجور، مما قد يدعم الين الياباني على المدى القصير. لكنه حذر من أن هذا التحسن قد لا يكون مستدامًا بسبب التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الياباني، مثل شيخوخة السكان وارتفاع معدلات الادخار، والتي تؤثر على الطلب المحلي والاستهلاك.
أداء الأسواق اليابانية بعد تصريحات البنك المركزي
ارتفاع الأسهم اليابانية
شهدت الأسهم اليابانية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الأربعاء للجلسة الثانية على التوالي، حيث ارتفع مؤشر "نيكي" بنسبة 0.65% ليصل إلى 38,027 نقطة، كما صعد المؤشر الأوسع نطاقًا "توبكس" بنسبة 0.55% ليصل إلى 2,812 نقطة.
جاء هذا الارتفاع مدعومًا بآمال المستثمرين في أن يتعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمرونة أكبر من المتوقع عند فرض الرسوم الجمركية المرتقبة الأسبوع المقبل، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التي أشار فيها إلى إمكانية منح بعض الدول إعفاءات.
وذكر ماسايوكي كوبوتا، كبير الاستراتيجيين لدى "راكوتن" للأوراق المالية، أن الأسواق تتوقع أن تتخذ إدارة ترامب نهجًا أكثر تحفظًا لتجنب ركود محتمل في الاقتصاد الأمريكي والعالمي.
تراجع الين الياباني واستمرار الضغوط على العملة
على الرغم من التفاؤل في سوق الأسهم، استأنف الين الياباني خسائره مقابل الدولار بعد ارتفاعه الطفيف في اليوم السابق. فقد ارتفع الدولار/الين بنسبة 0.2% ليصل إلى 150.12، بعد أن سجل أدنى مستوى خلال الجلسة عند 149.84 ين. كما ارتفع الدولار مقابل الين بنسبة 0.4% ليصل إلى 150.44 ين، مقارنة بسعر الافتتاح عند 149.89 ين.
يأتي هذا التراجع عقب تصريحات محافظ بنك اليابان "كازو أويدا" التي ربط فيها رفع أسعار الفائدة باتساع الضغوط التضخمية، مما أثار مخاوف المستثمرين بشأن مستقبل السياسة النقدية في البلاد.
تأثير قرارات بنك اليابان على الدولار والأسواق العالمية
في الأسواق العالمية، ارتفع الدولار الأمريكي بشكل طفيف يوم الأربعاء، لكنه واجه صعوبة في تحقيق مكاسب كبيرة بسبب البيانات الاقتصادية الضعيفة في الولايات المتحدة، والتي أظهرت تراجعاً في ثقة المستهلكين.
وأشار محللو بنك "ING" في مذكرة بحثية إلى أن العملة الأمريكية لا تزال في حالة ترقب قبل الأسبوع المقبل، حيث من المتوقع أن يعلن الرئيس ترامب عن تفاصيل جولة جديدة من التعريفات الجمركية التي ستشمل السيارات والرقائق الإلكترونية والأدوية.
وأضاف المحللون أن الدولار قد يشهد ارتفاعًا مؤقتًا إذا كانت التعريفات الجمركية القادمة عدوانية بما فيه الكفاية، خاصة تجاه الاتحاد الأوروبي والصين، اللذين يعدان من أكبر الكتل التجارية التي تحقق فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة.
الخلاصة : يجد بنك اليابان نفسه أمام معضلة معقدة، حيث يتعين عليه تحقيق توازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم المتزايد. ومع استمرار الضغوط التضخمية، قد يكون البنك المركزي مضطرًا إلى إنهاء سياسته النقدية التوسعية في وقت أقرب من المتوقع.
في الوقت نفسه، تؤثر هذه التغيرات على الأسواق المالية، حيث شهدت الأسهم اليابانية ارتفاعًا بينما استمر الين في التراجع أمام الدولار. كما أن القرارات الأمريكية القادمة بشأن التعريفات الجمركية قد تضيف المزيد من التقلبات إلى الأسواق العالمية.
يبقى السؤال المطروح: هل سيتخذ بنك اليابان خطوة حاسمة برفع الفائدة قريبًا، أم أنه سيواصل سياسة الانتظار والترقب في ظل استمرار عدم اليقين الاقتصادي العالمي؟