تقييمات وتوقعات الخبراء ومؤسسات مالية عالمية لأسعار الفائدة والتضخم في تركيا
في ظل التحديات الاقتصادية المستمرة، تواجه تركيا ضغوطًا كبيرة للسيطرة على معدلات التضخم المتصاعدة، والتي تؤثر على استقرار الاقتصاد وأسعار الفائدة جاءت بيانات التضخم لشهر أكتوبر محمّلة برسائل مهمة حول الاتجاه المستقبلي للسياسة النقدية في البلاد، حيث أعلن بنك مورجان ستانلي وعدد من المؤسسات المالية عن توقعات جديدة حول مسار سعر الفائدة وتوجهات البنك المركزي التركي في الأشهر القادمة.
ويرى خبراء الاقتصاد أن التضخم، الذي تجاوز التوقعات للشهر الثاني على التوالي، سيشكل تحديًا أمام البنك المركزي ويحد من فرص خفض سعر الفائدة على المدى القريب.
من جهة أخرى، تطرح المؤسسات المالية مثل سيتي بنك رؤية شاملة لأهمية التنسيق بين السياسة النقدية والسياسات المالية لدعم جهود البنك المركزي في مواجهة التضخم.
وتزداد أهمية هذا النقاش في ضوء توقعات الخبراء، الذين يرون ضرورة توخي الحذر في إدارة سعر الفائدة حتى تتحقق السيطرة على التضخم، مع تركيز خاص على العوامل المؤثرة مثل الحد الأدنى للأجور وأسعار السلع الأساسية.
توقعات بنك مورجان ستانلي للفائدة في تركيا
بعد صدور بيانات التضخم لشهر أكتوبر في تركيا، قام بنك مورجان ستانلي بتحديث تقديراته لسعر الفائدة المحتمل في البلاد، مشيرًا إلى أن احتمالية خفض البنك المركزي لجمهورية تركيا لسعر الفائدة في ديسمبر قد تضاءلت.
توضّح هاندي كوجوك، الخبيرة الاقتصادية في البنك، في تقريرها أن احتمالات خفض الفائدة في ديسمبر تتراجع، خاصة مع بروز بيانات التضخم التي فاقت التوقعات للمرة الثانية على التوالي وأشارت إلى أن هذه الأرقام تقلل من إمكانية إجراء أي تخفيضات في الفائدة في المستقبل القريب، ما يعكس موقفًا أكثر تحفظًا للبنك المركزي في التعامل مع التضخم.
وتتوقع كوجوك أن يُظهر رئيس البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان، في اجتماع تقرير التضخم، نهجًا حذرًا فيما يتعلق بسعر الفائدة، رغم التحسن في بعض المؤشرات الشهرية مثل التضخم المعدل الموسمي.
وتتوقع أن يتم رفع توقعات التضخم لكل من نهاية عام 2024 إلى مستوى متوسط يبلغ حوالي 42%، ونهاية عام 2025 إلى حوالي 17-18%. وتشير التوقعات إلى أن البنك المركزي سيتخذ موقفًا صارمًا من السياسة النقدية لمحاربة التضخم المتزايد، ما يعكس التزامًا قويًا بالتحكم في معدلات التضخم.
اقرأ أيضاً : معهد الاحصاء يعلن عن معدلات التضخم ونسب زيادات الرواتب والإيجارات في تركيا لشهر أكتوبر
تقييم سيتي بنك لبيانات التضخم في تركيا
قام الاقتصاديان إيلكر دوماتش وغولتكين إيشكلار من سيتي بنك بتحليل دور السياسات المالية وسياسات الدخل في دعم جهود البنك المركزي التركي لخفض التضخم ويرى الاقتصاديان أن الاعتماد الزائد على السياسة النقدية وحدها قد يؤدي إلى نتائج اقتصادية غير مرضية وربما يزيد من التحديات الاقتصادية.
ووفقًا لتقرير سيتي بنك، فإن عدم كفاية الدعم المالي قد يجبر البنك المركزي على الحفاظ على سياسة نقدية متشددة لمدة أطول مما هو ضروري أو يؤدي إلى تخفيف التدابير في وقت مبكر، خاصة عندما تبدأ دورة خفض الفائدة.
تقييمات الخبراء لأسعار الفائدة في تركيا
أعرب رئيس جامعة بيلجي، البروفيسور د. إيجي يازجان، عن رأيه حول إمكانية خفض سعر الفائدة هذا العام، قائلاً إنه من المستبعد أن يقوم البنك المركزي بلمس سعر الفائدة قبل نهاية العام ويرى يازجان أن إدارة التضخم تتطلب ضبط دينامياته أولاً، خاصة مع تأثير الزيادة المتوقعة في الحد الأدنى للأجور على التضخم مع نهاية العام.
كما أكد الخبير الاقتصادي فييس فيرتكليجيل أن خفض الفائدة قد يُؤجَّل إلى الربع الأول من العام المقبل وأوضح أنه لم يلحظ أي تحسن في التضخم الشهري الذي كان من المتوقع أن ينخفض إلى أقل من 2% ورأى أن خفض الفائدة قد يتأجل حتى الربع الأول من العام المقبل، نظرًا لعدم توافق التضخم الحالي مع توقعات البنك المركزي.
الخبير الاقتصادي هالوك بورومجيكجي، في تقييمه لبيانات التضخم، يرى أن تأجيل خفض الفائدة قد يكون ضروريًا لما بعد القرارات الحاسمة مثل قرار زيادة الحد الأدنى للأجور.
وذكر أنه من غير المتوقع أن يحدث خفض في سعر الفائدة خلال نوفمبر، لكن في حال وضوح سياسة تخفيض التضخم قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية في 26 ديسمبر وصدور مؤشر أسعار المستهلكين لشهر نوفمبر، قد يصبح خفض الفائدة ممكنًا في نهاية العام.
اقرأ أيضاً : رئيس البنك المركزي التركي يعلن عن نسبة زيادة الحد الأدنى للأجور في تركيا لعام 2025
تقييم نائب الرئيس ووزير المالية للتضخم
علّق وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، على بيانات التضخم وأشار إلى أن الزيادات السنوية في الإيجار والتعليم ساهمت في إبطاء معدل انخفاض التضخم. وأشار إلى انخفاض توقعات التضخم لـ 12 شهرًا إلى أدنى مستوى خلال العامين ونصف الماضيين، وهو تطور إيجابي على مستوى السيطرة على التضخم.
وشدد الوزير على أن التضخم في قطاع الخدمات لا يزال بحاجة إلى معالجة جادة، حيث أن سلوك التسعير الرجعي يستمر في التأثير. وأوضح أن هذا التوجه سيسهم في تحسين مستويات التضخم على المدى الطويل.
في تعليقه على التضخم السنوي، أشار نائب الرئيس جودت يلماز إلى أن الارتفاع في أسعار المواد الغذائية كان له أثر ملحوظ على معدل التضخم في أكتوبر. وأضاف يلماز أن هناك توقعات بانخفاض تأثير التسعير الموسمي وتحسن في معدل تضخم الخدمات خلال الربع الأخير من العام.
أكد يلماز على أن انخفاض التضخم السنوي خلال الأشهر الخمسة الماضية بمقدار 27 نقطة يعتبر خطوة مهمة ضمن البرنامج الاقتصادي الهادف إلى زيادة الرفاه الاجتماعي والسيطرة على التضخم بشكل تدريجي.