البنك المركزي الروسي يرفع سعر الفائدة لمستويات هي الأعلى لها منذ 21 عام
في خطوة مفاجئة تهدف إلى السيطرة على التضخم المتزايد في روسيا، قرر البنك المركزي الروسي يوم الجمعة رفع سعر الفائدة الأساسي بنسبة 200 نقطة أساس ليصل إلى 21%، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين جاء هذا القرار وسط تحديات اقتصادية كبيرة تواجه الاقتصاد الروسي، بما في ذلك ارتفاع التضخم وتزايد الإنفاق الحكومي.
تفاصيل قرار البنك المركزي الروسي
أعلن البنك المركزي الروسي قراره برفع سعر الفائدة إلى 21%، متجاوزًا توقعات السوق التي أشارت إلى رفعها بنسبة 100 نقطة أساس فقط. بهذا القرار، تفوق البنك على المستويات الطارئة التي تم تحديدها في فبراير 2022، عندما بدأت روسيا عملياتها العسكرية في أوكرانيا وقد توقع محللون اقتصاديون أن يتم رفع الفائدة إلى 20% فقط، مما يعكس قلق البنك المركزي المتزايد بشأن التضخم المتصاعد.
تضخم متسارع وتأثيرات اقتصادية
أشارت بيانات حديثة من مكتب الإحصاءات الروسي إلى تسارع وتيرة التضخم الشهري من 0.2% في أغسطس إلى 0.5% في سبتمبر، في وقت سجل فيه التضخم السنوي انخفاضاً طفيفاً إلى 8.63% مقارنة بـ9.05% في الشهر السابق.
ومع ذلك، حذر البنك المركزي من أن أي تباطؤ مستقبلي في التضخم سيكون محدوداً بسبب عوامل متعددة، أبرزها ارتفاع الإنفاق الحكومي غير المتوقع وفرض رسوم جمركية جديدة على مدار السنوات القادمة.
توقعات برفع الفائدة مجدداً
صرح البنك المركزي في بيانه بأن المخاطر المرتبطة بارتفاع التضخم ما زالت تميل بشكل كبير نحو الصعود، مشيراً إلى استعداده لاتخاذ مزيد من الإجراءات الصارمة بما فيها رفع سعر الفائدة مرة أخرى إذا استمرت الضغوط التضخمية.
ويأتي هذا التحذير في ضوء ارتفاع الإنفاق المالي للحكومة، الذي ساهم في تضخم العجز في الميزانية الفيدرالية، مما أدى إلى زيادة الضغوط على الاقتصاد الروسي المتأثر سلباً بالعقوبات الغربية.
اقرأ أيضاً : أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية مع ترقب تأثيرات التوترات في الشرق الأوسط
أسباب التضخم في روسيا
يشهد الاقتصاد الروسي ضغوطًا تضخمية غير مسبوقة، وسط زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي على العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا. وأدى هذا الإنفاق الهائل إلى نقص في اليد العاملة، حيث تم استدعاء أعداد كبيرة من الرجال للانخراط في العمليات العسكرية.
ومع ارتفاع التضخم إلى 8.6% في سبتمبر، أي أكثر من ضعف المستوى المستهدف من البنك المركزي البالغ 4%، فإن السيطرة على هذه الأزمة الاقتصادية تتطلب إجراءات مالية ونقدية صارمة.
زيادة الإنفاق الدفاعي
في سياق تصعيد النفقات الدفاعية، صوت البرلمان الروسي يوم الخميس لصالح زيادة الإنفاق العسكري بنسبة 30% للعام المقبل. تعتبر هذه الخطوة إشارة واضحة على استمرار الحكومة في دعم جهودها العسكرية التي بدأت منذ ثلاث سنوات، مما يزيد من توقعات استمرار ارتفاع التضخم نتيجة الضغط المالي.
التحديات الاقتصادية
يواجه الاقتصاد الروسي تحديات متزايدة تشمل عقوبات اقتصادية شديدة من الغرب واستمرار نقص العمالة في القطاعات غير العسكرية أدت هذه الظروف إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية الداخلية وزيادة العجز في الميزانية، مما أثقل كاهل الاقتصاد بشكل ملحوظ.
توقعات صندوق النقد الدولي
على الرغم من التحديات الكبيرة، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الروسي للعام المقبل إلى 3.6%، إلا أن هذا النمو المحتمل قد يتأثر بتبعات السياسات النقدية الصارمة وارتفاع مستويات الإنفاق العسكري.
تأثير رفع الفائدة على الاقتصاد الروسي
من المتوقع أن يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد الروسي، حيث سيؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، إذ يصبح الاقتراض أكثر تكلفة للشركات والأفراد وقد يسهم هذا القرار في ارتفاع معدلات البطالة وتقليل الاستثمارات، بينما يهدف البنك المركزي من خلاله إلى تحقيق الاستقرار المالي والحد من تراجع قيمة الروبل.
يعتبر هذا القرار جزءاً من جهود البنك المركزي لاحتواء التضخم المتزايد وحماية العملة الوطنية، حيث يسعى البنك إلى إعادة التوازن الاقتصادي وتهيئة الظروف الملائمة للاستقرار المالي.
خلاصة : تشير خطوات البنك المركزي الروسي إلى توجه حازم نحو السيطرة على التضخم، رغم التداعيات المحتملة على الاقتصاد الوطني. ومع استمرار التحديات التي تفرضها العقوبات الغربية والتزامات الإنفاق العسكري، يبدو أن روسيا ستظل في مواجهة صعوبات اقتصادية قد تستمر لفترة طويلة، مع ترقب خطوات إضافية من البنك المركزي لضبط الأسعار وتحقيق الاستقرار في الأمد القريب.