التضخم في تركيا يهبط بأكثر من التوقعات ليسجل أدنى مستوى له منذ يوليو 2023

شهد الاقتصاد التركي في ديسمبر/كانون الأول 2024 انخفاضًا ملحوظًا في معدلات التضخم، حيث جاءت الأرقام أقل من توقعات الأسواق والمحللين. يأتي هذا التطور وسط جهود مكثفة من الحكومة والبنك المركزي لمكافحة التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. في هذا التقرير، نستعرض بالتفصيل أرقام التضخم، ردود الفعل الرسمية، والتوقعات المستقبلية.

تراجع التضخم السنوي في تركيا

معدلات التضخم السنوية في تركيا : تراجعت نسبة التضخم في تركيا إلى 44.38% على أساس سنوي خلال ديسمبر 2024، وهو أدنى مستوى يتم تسجيله منذ يوليو/تموز 2023. يُعد هذا التراجع تطورًا إيجابيًا مقارنة بمعدل التضخم في نوفمبر الذي بلغ 47.09%.

 

معدلات التضخم الشهرية في تركيا : أشارت هيئة الإحصاء التركية في بيانها إلى أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 1.03% على أساس شهري في ديسمبر، مقارنة بارتفاع شهري قدره 2.24% في نوفمبر الماضي. هذا الانخفاض الشهري يعكس تباطؤًا في وتيرة ارتفاع الأسعار.

التوقعات السابقة مقارنة بالنتائج الفعلية

توقعات وكالة رويترز كانت توقعات وكالة رويترز تشير إلى أن التضخم السنوي سيتراجع إلى 45.2%، وأن الزيادة الشهرية ستبلغ حوالي 1.61%. لكن النتائج الفعلية جاءت أفضل من هذه التوقعات، مما يعكس انخفاضًا أقل من المتوقع في أسعار المواد الغذائية، واستقرارًا نسبيًا في أسعار الطاقة.

 

ويرجع الانخفاض في معدلات التضخم إلى تراجع الضغوط على أسعار السلع الأساسية، خاصة المواد الغذائية والطاقة، إضافة إلى تأثير السياسات الحكومية في كبح جماح التضخم من خلال تعزيز العرض المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.

مؤشر أسعار المنتجين في تركيا

 وفقًا لبيانات المعهد الإحصائي التركي، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين المحليين بنسبة 0.4% على أساس شهري في ديسمبر، بينما سجل ارتفاعًا سنويًا قدره 28.52%. يُظهر هذا الرقم انخفاضًا ملحوظًا في معدل التضخم عند باب المصنع مقارنة بالفترات السابقة، مما يساهم في تقليل الضغوط على أسعار السلع النهائية.

 

يُعتبر مؤشر أسعار المنتجين من المؤشرات المهمة التي تعكس تكاليف الإنتاج للشركات والمصانع، والتي بدورها تؤثر على أسعار السلع والخدمات المقدمة للمستهلكين. ويُعد الانخفاض في هذا المؤشر مؤشرًا إيجابيًا لاستقرار الأسعار في المستقبل.

تصريحات وزير المالية التركي

أكد وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن معدل التضخم الشهري المسجل في ديسمبر هو الأدنى خلال الـ 19 شهرًا الماضية. وأضاف شيمشك أن السياسات الحكومية نجحت في تقليل التضخم بنحو 20 نقطة مقارنة بنهاية عامي 2022 و2023.

 

وقال شيمشك: "إن تخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين يُمثل أولوية قصوى للحكومة. لقد وضعنا إطارًا متينًا للسياسات الاقتصادية، ونواصل تنفيذ برنامج مكافحة التضخم بحزم وتصميم".

 

وتوقع شيمشك أن يستمر التضخم في الانخفاض مع استمرار تنفيذ السياسات المالية والنقدية الداعمة، مشيرًا إلى أن هدف الحكومة هو تحقيق معدلات تضخم متوافقة مع التوقعات المعلنة لعام 2025.

السياسة النقدية للبنك المركزي التركي

في اجتماعه الأخير في ديسمبر 2024، قرر البنك المركزي التركي خفض معدل الفائدة الرئيسي من 50% إلى 47.5%. يُعد هذا الخفض الأول منذ عامين تقريبًا، ويأتي في إطار الجهود المبذولة لتحفيز النمو الاقتصادي وتقليل تكاليف الاقتراض.

ويرتبط قرار خفض الفائدة بتراجع الضغوط التضخمية نسبيًا وتحسن التوقعات الاقتصادية العامة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى تحفيز الاستثمار المحلي وزيادة الإنفاق الاستهلاكي.

توقعات التضخم في تركيا

في بداية نوفمبر، رفع البنك المركزي التركي توقعاته للتضخم إلى 44% بحلول نهاية عام 2024، مقارنة بتوقعات سابقة عند 38% في أغسطس. وتعكس هذه التعديلات استجابة البنك للتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، إضافة إلى توقعات بانخفاض جمود أسعار الخدمات.

 

وتُظهر التعديلات في توقعات التضخم مدى مرونة السياسة النقدية للبنك المركزي في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية، وهي خطوة مهمة لتحقيق استقرار الأسعار على المدى الطويل.

 

منذ عام 2019، شهدت تركيا تضخمًا متزايدًا بأرقام قياسية، حيث بلغ المعدل السنوي ذروته عند 85.5% في أكتوبر 2022. هذا الارتفاع الكبير في الأسعار أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للأسر التركية وزاد من الأعباء المعيشية.

 

في محاولة للتخفيف من آثار التضخم، رفعت الحكومة التركية الحد الأدنى للأجور بنسبة 30% ليصل إلى 22,104 ليرة (حوالي 600 دولار) اعتبارًا من يناير 2025. ورغم هذه الزيادة، لا تزال الأجور أقل من مطالب نقابات العمال التي دعت إلى زيادة بنسبة 70% لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة.

 

الخلاصة :

تطور إيجابي مع استمرار التحديات يعكس الانخفاض في معدلات التضخم خلال ديسمبر 2024 تطورًا إيجابيًا في الاقتصاد التركي، لكنه لا يزال أقل من المستويات المستهدفة على المدى الطويل. ومع استمرار تنفيذ السياسات الداعمة، هناك توقعات بمزيد من التحسن في معدلات التضخم خلال عام 2025.

 

التحديات القائمة رغم التحسن النسبي، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد التركي، خاصة فيما يتعلق بتحقيق استقرار مستدام للأسعار وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.

 

نظرة مستقبلية يتوقع الخبراء استمرار الاتجاه النزولي لمعدلات التضخم في العام المقبل، مع تعزيز الحكومة لسياساتها المالية والنقدية. ومن المرجح أن يؤدي هذا النهج إلى تحقيق معدلات تضخم أقرب إلى المستهدفات المعلنة بحلول عام 2025.

تم التحديث في: الجمعة, 03 كانون الثاني 2025 12:14
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول