أسعار الذهب تسجل مستويات تاريخية في ظل تصاعد المخاوف بشأن حرب تجارية عالمية

ارتفعت أسعار الذهب إلى مستويات غير مسبوقة الجمعة 28 مارس، وذلك في ظل تزايد المخاوف من تنامي حدة الحرب التجارية على خلفية خطط الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن الرسوم الجمركية، مما دفع بالمستثمرين إلى المعدن الأصفر كملاذ آمن.

أسعار الذهب اليوم

ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية إلى 3085 دولار للأونصة، وارتفع الذهب 1.7% منذ بداية الأسبوع الجاري، ويتجه المعدن النفيس إلى تحقيق مكاسب للأسبوع الرابع على التوالي.

وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنحو 1% إلى 3094.2 دولار واستقر مؤشر الدولار الأمريكي الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية عند 104.33 نقطة.

وارتفعت العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم يونيو بنسبة 0.9% أو 27.9 دولار إلى 3118.8 دولار للأوقية، في تمام الساعة 10:25 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، فقد انخفضت الفضة في المعاملات الفورية بـ 0.4% إلى 34.27 دولار للأونصة، وتراجع البلاتين 0.2% إلى 984.59 دولار، وصعد البلاديوم 0.1% إلى 976.25 دولار.

ويرى "كايل رودا" محلل الأسواق لدى "كابيتال دوت كوم" أن الرياح المواتية للذهب حاليًا هي السياسة التجارية والمالية الأمريكية والأوضاع الجيوسياسية وتباطؤ النمو، كل ذلك يصب في صالح المعدن النفيس.

قال كبير استراتيجيي السوق بشركة RJO Futures، بوب هابركورن: "يبدو أننا سنشهد وصول عقود الذهب الآجلة إلى 3100 دولار قريباً، والحافز الرئيسي هو شراء الملاذ الآمن"، في ظل حالة من عدم اليقين بشأن خطط الإدارة الأميركية للرسوم الجمركية.

هددت حكومات تتضمن كندا وفرنسا بالرد بعد إعلان الرئيس الأميركي عن فرض تعرفات جمركية بنسبة 25% على السيارات غير المصنعة في الولايات المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في اليوم التالي لإعلانه عن رسوم جمركية متبادلة، تستهدف الدول التي يدعي تسببها في الجزء الأكبر من العجز التجاري لبلاده.

وذكر كبير استراتيجيي السوق فيليب ستريبل، أن الذهب يتمتع أيضاً بدعم من المشتريات القوية من البنوك المركزية والطلب من صناديق الاستثمار المتداولة.

في غضون ذلك، يرتقب المستثمرون صدور بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، لتقييم مسار تخفيضات معدلات الفائدة، بعد قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأسبوع الماضي بالإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير.

ويعتبر الذهب أداة تحوط تقليدية ضد حالة عدم اليقين على المستوى الاقتصادي أو السياسي، وينتعش في بيئة معدلات الفائدة المنخفضة لأنه لا يدر عائداً.

هذا ورفع بنك غولدمان ساكس توقعاته لأسعار الذهب بنهاية العام 2025 إلى نطاق بين 3100 دولار و3300 دولار للأونصة، مشيراً إلى تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة التي تجاوزت التوقعات، ومواصلة الطلب من البنوك المركزية.

أبرز طرق الاستثمار في الذهب والعوامل المحفزة للسوق؟

هناك عدد من الطرق التي يلجأ إليها المستثمرون للاستثمار في المعدن النفيس، بحسب وكالة رويترز، ومن أبرزها:

السوق الفورية للذهب

عادةً ما يشتري كبار المشترين والمستثمرون المؤسسيون الذهب من البنوك الكبرى. تُحدد الأسعار في السوق الفورية بناءً على ديناميكيات العرض والطلب اللحظية.

تُعدّ لندن المركز الأكثر تأثيراً في سوق الذهب الفورية، ويعود ذلك بشكل كبير إلى وجود جمعية سوق السبائك في لندن. تضع الجمعية معايير تداول الذهب وتوفر إطاراً لسوق التداول خارج البورصة، مما يُسهل عمليات التداول بين البنوك والتجار والمؤسسات وتعد الصين والهند والشرق الأوسط والولايات المتحدة مراكز رئيسية أخرى لتجارة الذهب.

سوق العقود الآجلة

يمكن للمستثمرين أيضاً الاستثمار في الذهب من خلال بورصات العقود الآجلة، حيث يشتري الناس أو يبيعون سلعة معينة بسعر ثابت في تاريخ محدد في المستقبل. ومن بين أبرز تلك البورصات:

• بورصة كومكس (Commodity Exchange Inc)، وهي جزء من بورصة نيويورك التجارية، هي أكبر سوق لعقود الذهب الآجلة من حيث أحجام التداول.
• بورصة شنغهاي للعقود الآجلة، بورصة السلع الرائدة في الصين، تقدم أيضاً عقوداً آجلة للذهب.
• بورصة طوكيو للسلع، المعروفة باسم TOCOM، هي لاعب رئيسي آخر في سوق الذهب الآسيوي.

المنتجات المتداولة في البورصة

تُصدر المنتجات المتداولة في البورصة، أو صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة، أوراقاً مالية مدعومة بمعدن مادي، وتتيح للناس فرصة الاستثمار في أسعار الذهب دون الحاجة إلى استلام المعدن نفسه.

وأصبحت صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة فئة رئيسية من الطلب الاستثماري على المعدن النفيس.

وسجلت صناديق الذهب المتداولة في البورصة، المدعومة مادياً، تدفقاً صافياً متواضعاً بلغ 3.4 مليار دولار في العام 2024، وهو الأول لها منذ أربع سنوات، على الرغم من انخفاض حيازاتها بمقدار 6.8 طن متري، وفقاً لمجلس الذهب العالمي.

شراء السبائك والعملات

يمكن للمستهلكين الأفراد شراء الذهب من تجار المعادن الذين يبيعون السبائك والعملات في المتاجر أو عبر الإنترنت. تُعد السبائك والعملات الذهبية وسيلة فعالة للاستثمار في الذهب المادي.

العوامل المحفزة لسوق الذهب خلال الفترة الأخيرة

1.  اهتمام المستثمرين ومعنويات السوق
   كان الاهتمام المتزايد من صناديق الاستثمار في السنوات الأخيرة عاملاً رئيسياً وراء تحركات أسعار الذهب.
   ويمكن أن تُغذي المعنويات المدفوعة باتجاهات السوق والأخبار والأحداث العالمية عمليات شراء أو بيع الذهب بغرض المضاربة.
2.  أسعار صرف العملات
   يعتبر الذهب وسيلة تحوط شائعة ضد تقلبات سوق العملات. لطالما تحرك الذهب في الاتجاه المعاكس للدولار الأميركي، إذ أن ضعف العملة الأميركية يجعل الذهب المُقَيَّم بالدولار أرخص لحائزي العملات الأخرى، والعكس صحيح.
3.  السياسة النقدية والتوترات التجارية
   يعد الذهب على نطاق واسع "ملاذاً آمناً" في أوقات عدم اليقين وأججت تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية، وفرضه رسوماً جمركية إضافية على السلع الصينية، المخاوف من حرب تجارية عالمية، مما أدى إلى اضطراب أسواق العملات وإثارة القلق من ارتفاع التضخم الأميركي.
   وتتصاعد الحرب التجارية العالمية التي عصفت بالأسواق المالية وأثارت مخاوف الركود، مع إعلان ترامب عن خطته لتطبيق رسوم جمركية بنسبة 25% على السيارات والشاحنات الخفيفة المستوردة، بدءاً الأسبوع المقبل.
   كما تؤثر قرارات البنوك المركزية العالمية على مسار الذهب. فانخفاض معدلات الفائدة يُقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، نظراً لعدم وجود فوائد عليه.
4. احتياطيات الذهب بالبنوك المركزية
   تحتفظ البنوك المركزية بالذهب ضمن احتياطياتها وشهد طلب البنوك المركزية قوةً في السنوات الأخيرة نتيجةً لحالة عدم اليقين الاقتصادي الكلي والسياسي.
   وكشف مجلس الذهب العالمي في استطلاعه السنوي في يونيو/ حزيران عن أن المزيد من البنوك المركزية تسعى لزيادة احتياطياتها من الذهب خلال عام، على الرغم من ارتفاع أسعار المعدن.
   وذكر المجلس أن الطلب العالمي على الذهب، بما في ذلك التداول خارج البورصة، ارتفع بنسبة 1% ليصل إلى مستوى قياسي في عام 2024، مضيفاً أن البنوك المركزية سرعت من عمليات الشراء خلال الربع الأخير من العام.