الذهب يرتفع مدعومًا بانخفاض مؤشر الدولار واستمرار التوترات الجيوسياسية : نظرة مستقبلية لعام 2025
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الخميس، وسط ظروف تداول هادئة بسبب عطلة عيد الميلاد. وجاء هذا الارتفاع مدعومًا بانخفاض طفيف في مؤشر الدولار واستمرار التوترات الجيوسياسية، مما عزز الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن.
أداء الذهب والمعادن النفيسة
ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.32% ليصل إلى 2,625.5 دولار للأوقية، بينما زادت العقود الآجلة بنسبة 0.19% لتبلغ 2,640.5 دولار بحلول الساعة 10:00 صباحًا بتوقيت تركيا. أما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى:
-
استقرت الفضة عند 29.6 دولار للأوقية.
-
تراجع البلاتين بنسبة 0.8% ليصل إلى 936.41 دولار.
-
انخفض البلاديوم بنسبة 1.2% إلى 942.52 دولار.
الذهب في عام 2024: أداء قياسي
سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا بنسبة 27% منذ بداية العام، وهو أفضل أداء سنوي لها منذ عام 2010. يعود هذا الارتفاع إلى التخفيضات الكبيرة في أسعار الفائدة التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بجانب حالة عدم اليقين الجيوسياسي. ومن المعروف أن الذهب يُعتبر ملاذًا آمنًا خلال فترات الاضطرابات السياسية والاقتصادية، ويستفيد بشكل كبير من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.
تأثير ضعف الدولار
تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.1% اليوم، مما جعل الذهب المسعّر بالدولار أقل تكلفة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى. يأتي هذا الانخفاض في ظل ترقب الأسواق لبيانات طلبات إعانة البطالة الأمريكية، والتي قد تعطي مؤشرات على صحة الاقتصاد الأمريكي. كما أن ضعف الدولار يعزز من جاذبية الذهب عالميًا، حيث يصبح أكثر تنافسية للمستثمرين الأجانب.
الأوضاع الجيوسياسية
زادت التوترات الجيوسياسية بعد تبادل الاتهامات بين حركة حماس وإسرائيل بشأن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. على الرغم من الحديث عن إحراز تقدم في الأيام الماضية، فإن غياب الاستقرار ساهم في تعزيز الطلب على الذهب كخيار استثماري آمن. هذه التوترات السياسية تلقي بظلالها على الأسواق العالمية وتدفع المستثمرين نحو الأصول التي تحمل طابع الأمان.
توقعات السوق لأسعار الذهب
يتوقع المحللون استمرار ارتفاع أسعار الذهب خلال العام المقبل:
-
توقعات قصيرة الأجل: تشير التقديرات إلى تداول الذهب بين 2,500 و2,700 دولار للأوقية في النصف الأول من عام 2025. يرى المحللون أن هذه المستويات تعتبر أساسية للحفاظ على استقرار السوق.
-
توقعات طويلة الأجل: يُتوقع أن تتجاوز الأسعار حاجز 3,000 دولار للأوقية في النصف الثاني من عام 2025، ما يمثل زيادة بنسبة 13% عن المستويات الحالية.
في مقابلة حديثة، أوضحت شانتيل شيفن، رئيسة قسم الأبحاث في "كابيتالايت للأبحاث"، أن السوق في وضعية "ترقب وانتظار"، حيث يحاول المستثمرون تقييم تأثير التضخم واستقرار الاقتصاد الأمريكي في مواجهة التحديات الراهنة.
دور البنوك المركزية
أوضح محللون في بنك "أوف أمريكا" أن الطلب من البنوك المركزية، خاصة في الأسواق الناشئة، سيظل المحرك الرئيسي لأسعار الذهب تستمر الدول في تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، ما يعزز الطلب على المعدن النفيس. ومع تزايد مشتريات البنوك المركزية، خصوصًا في آسيا، يستمر الذهب في تعزيز موقعه كأصل استراتيجي في المحافظ الاستثمارية.
استهلاك الذهب في الأسواق الناشئة
رغم تباطؤ مشتريات البنوك المركزية في الأشهر الأخيرة، إلا أنها لا تزال مشترية صافية للذهب. وفي الوقت نفسه، يزداد الطلب من المستهلكين في آسيا، وخاصة في الصين، مما يدعم الأسعار. يُذكر أن الأسواق الناشئة مثل الهند والصين تلعب دورًا هامًا في تحديد توجهات السوق العالمية، حيث يُعد الذهب جزءًا أساسيًا من الثقافة الاستثمارية في تلك الدول.
وعلى الرغم من التحديات الموسمية في الهند، إلا أن الطلب الاستثماري يظل قويًا، مدعومًا برغبة المستثمرين في التحوط ضد التقلبات الاقتصادية.
تأثير السياسات النقدية الأمريكية
في اجتماعه الأخير لعام 2024، أشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تقليل وتيرة خفض أسعار الفائدة في العام المقبل. ووفقًا لتوقعاته الاقتصادية المحدثة، يتوقع المركزي الأمريكي خفض الفائدة مرتين فقط في 2025، مقارنة بأربع مرات كانت متوقعة سابقًا. هذا التغير في السياسة النقدية يضيف دعمًا إضافيًا للذهب، حيث يفضل المستثمرون الذهب كملاذ آمن في ظل انخفاض عوائد السندات.
نظرة مستقبلية لأسعار الذهب لعام 2025
في تقريرها لعام 2025، توقعت شركة "ستيت ستريت جلوبال أدفايزورس" سيناريوهات متعددة لأسعار الذهب:
-
احتمال بنسبة 50% لتداول الذهب بين 2,600 و2,900 دولار.
-
احتمال بنسبة 30% لتجاوزه حاجز 3,000 دولار.
-
احتمال ضعيف بنسبة 20% لتراجعه دون 2,600 دولار.
كما أشار جورج ميلينغ-ستانلي، كبير استراتيجيي الذهب في الشركة، إلى أن "الأسس الاقتصادية القوية تدعم الذهب العام المقبل، مما يجعل ضعف الأسعار أمرًا مستبعدًا على المدى الطويل".
الطلب الاستهلاكي والمشتريات الاستثمارية
مع بداية عام 2024، دفعت المشتريات القياسية من البنوك المركزية والطلب غير المسبوق من المستهلكين والمستثمرين الآسيويين، وخاصة الصينيين، أسعار الذهب للارتفاع. ورغم تباطؤ عمليات شراء الذهب من قبل البنوك المركزية في الأشهر الأخيرة، إلا أنها لا تزال مشترية صافية، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه بقوة حتى عام 2025.
وفي الوقت نفسه، قد تواجه الطلبات على المجوهرات في الهند ضغوطًا قصيرة الأجل بسبب فترات دينية غير مفضلة لشراء الذهب، لكن الطلب الاستثماري يظل داعمًا للسوق. هذا التوازن بين الطلب الاستثماري والطلب الاستهلاكي يساهم في الحفاظ على استقرار السوق وتوجهها نحو مستويات أعلى.
خلاصة
مع استمرار ضعف الدولار والتوترات الجيوسياسية، يبدو أن الذهب سيواصل أداءه القوي. العوامل الداعمة تشمل:
-
الطلب المتزايد من البنوك المركزية.
-
بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.
-
استقرار الأسواق الآسيوية.
ومع توقعات المحللين بارتفاع الأسعار في المستقبل القريب، يظل الذهب خيارًا استثماريًا جذابًا للمستثمرين الذين يبحثون عن ملاذ آمن في مواجهة حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي.