هبوط أسعار الذهب اليوم بأكثر من 1% مع تهدئة محتملة للحرب التجارية بين أمريكا والصين
الذهب في طريقة لاختتام أسبوعاً مليئاً بالتقلبات على انخفاض، بعدما سجل مستويات قياسية ثم تراجع لاحقاً، وسط إشارات إلى احتمال انحسار بعض التوترات في الحرب التجارية.
سجلت أسعار الذهب تراجعًا حادًا بأكثر من 1% يوم الجمعة، على خلفية تقارير تشير إلى توجه الصين لإعفاء بعض الواردات الأميركية من الرسوم الجمركية، مما خفف من حدة التوترات في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
هذا التطور، إلى جانب تصريحات متباينة من الجانبين الأميركي والصيني، ضغط على المعدن النفيس ودفعه للتراجع بعد أسبوع شهد تقلبات كبيرة وارتفاعات قياسية.
أداء أسعار الذهب
تأثرت أسعار الذهب سلبًا بهذه التطورات، حيث تراجعت جاذبية المعدن كأداة تحوط في ظل التوقعات بانفراجة محتملة في النزاع التجاري. ووفقًا لـ"يياب جون رونغ"، المحلل الاستراتيجي لدى IG، فإن الحديث عن إعفاءات جمركية يمكن اعتباره مؤشرًا على نية خفض التوتر، وهو ما يمارس ضغوطًا على الذهب وغيره من الأصول الآمنة.
رغم التراجع، لا يزال الذهب يُعتبر من أهم أدوات التحوط ضد التقلبات الجيوسياسية، وهو ما جعله يحقق مكاسب قياسية منذ بداية العام، مستفيدًا من تصاعد المخاوف بشأن النمو العالمي وعدم اليقين السياسي.
جاءت خسائر الذهب يوم الجمعة بعدما ذكرت بلومبرج أن الصين تدرس إعفاء بعض السلع الأمريكية من رسومها الجمركية البالغة 125%، وسط مخاوف متزايدة بشأن التكلفة الاقتصادية للحرب التجارية.
يمكن أن تشكل مثل هذه الخطوة علامة على تخفيف حدة الصراع، ويمكن أن تدعو أيضًا إلى مزيد من الإجراءات التصالحية من واشنطن.
يأتي تقرير بلومبرج بعد أن ادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إدارته كانت منخرطة في بعض المحادثات مع الصين، على الرغم من أن بكين نفت إلى حد كبير إجراء محادثات تجارية.
ومع ذلك، تشجعت الأسواق باحتمال حدوث بعض التهدئة، مما أضعف الطلب على الذهب كملاذ آمن وأثار تحركات نحو أصول أكثر خطورة، وخاصة الأسهم.
الصين تلوّح بإعفاءات جمركية: مؤشر على تخفيف التوترات
كشفت تقارير صحفية أن الحكومة الصينية تدرس إعفاء بعض السلع الأميركية من الرسوم الجمركية المرتفعة البالغة 125%، في خطوة تعكس رغبة بكين في احتواء التداعيات الاقتصادية للنزاع التجاري المتصاعد مع الولايات المتحدة. وبحسب ما ورد، طلبت السلطات الصينية من الشركات المحلية تحديد قائمة بالواردات التي قد تكون مؤهلة للاستثناء.
وتُعد هذه الخطوة أوضح إشارة حتى الآن إلى أن الصين بدأت تشعر بوطأة الحرب التجارية وتأثيرها على الاقتصاد، خاصة في ظل تراجع معدلات النمو وازدياد الضغوط على الصناعات التصديرية.
صرّح متحدث باسم وزارة التجارة الصينية أن الولايات المتحدة إن كانت "جادّة فعلاً" في حل النزاع، فعليها أن ترفع جميع التدابير الجمركية الأحادية ضد الصين.
ترامب: المحادثات جارية رغم التصريحات الصينية
ردّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب سريعًا على هذه التطورات، مؤكدًا أن المحادثات مع الصين "لم تتوقف" وأن هناك تواصلًا مستمرًا بين الجانبين، في تناقض واضح مع التصريحات الصادرة من مسؤولين صينيين الذين ألمحوا إلى غياب أي مفاوضات فعلية خلال الفترة الأخيرة.
وأشار ترامب إلى أن واشنطن لا تزال ملتزمة بإيجاد حلول للنزاع، رغم استمرار فرض الرسوم الجمركية. من جهته، شدد متحدث باسم وزارة التجارة الصينية أن الولايات المتحدة "إن كانت جادة فعلًا في الوصول إلى حل"، فعليها إزالة كافة الرسوم الأحادية الجانب.
أداء الذهب والمعادن الأخرى في ظل التوترات
رغم الانخفاض الأخير، لا يزال الذهب، وهو معدن لا يدر عائداً، يُنظر إليه كأداة حماية من عدم الاستقرار العالمي، وقد ارتفع بنحو 700 دولار منذ بداية هذا العام، محققاً مستويات قياسية عدة، ووصل إلى 3,500.05 دولار يوم الثلاثاء الماضي.
وارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.3%، الى 99.420 معوّضاً خسائره من اليوم السابق، ما يجعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين من خارج الولايات المتحدة.
أشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى أنهم لا يرون حاجة ملحّة لتعديل السياسة النقدية، في انتظار المزيد من البيانات لفهم تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الاقتصاد.
الذهب الآن
تراجع الذهب الفوري بنسبة 1.57% ليصل إلى 3,296.21 دولاراً للأوقية عند الساعة 11:25 بتوقيت تركيا بينما انخفضت العقود الآجلة للذهب الأميركي بنسبة 1.26% لتسجل 3,307.66 دولاراً.
المعادن الأخرى
أداء المعادن الأخرى: خسائر متفاوتة مع نهاية الأسبوع
لم يكن الذهب وحده الذي تأثر بتغير المعنويات في الأسواق، فقد شهدت باقي المعادن الثمينة تراجعات ملموسة:
- الفضة الفورية انخفضت بنسبة 0.75% لتسجل 33.33 دولارًا للأوقية.
- البلاتين تراجع بنسبة 0.9% إلى 961.85 دولارًا.
- البلاديوم هوى بنسبة 1.69% ليصل إلى 937.5 دولارًا.
رغم التراجع الأخير، لا يزال المعدن النفيس مرتفعاً بأكثر من 25% منذ بداية العام، مدعوماً بتصاعد الطلب على الأصول الآمنة وسط اضطرابات الأسواق نتيجة السياسات التجارية التصعيدية التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترمب.
وعززت هذه المكاسب التدفقات إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب، إلى جانب مشتريات البنوك المركزية من الذهب. كما ظهرت مؤشرات على طلب قوي في الصين، خاصة من المستثمرين الأفراد.
البنوك المركزية وصناديق المؤشرات تواصل الشراء
ساهمت عدة عوامل في دعم الذهب خلال الشهور الماضية، أبرزها:
-
الطلب المرتفع من البنوك المركزية حول العالم التي تسعى لتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار.
-
التدفقات القياسية نحو صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب، مع تزايد رغبة المستثمرين في التحوط من المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
-
الطلب القوي في الصين، خاصة من المستثمرين الأفراد الذين يعتبرون الذهب وسيلة آمنة لحفظ القيمة.
خلاصة وتوقعات مستقبلية
رغم التراجع الأخير في أسعار الذهب، إلا أن العوامل الأساسية الداعمة له لا تزال قائمة. وإذا ما فشلت مفاوضات التجارة مجددًا أو ظهرت توترات جديدة، فقد يعود المستثمرون سريعًا إلى المعدن الأصفر بحثًا عن الأمان.
ومع استمرار عدم وضوح الرؤية بشأن السياسات الاقتصادية العالمية واتجاهات البنوك المركزية، سيظل الذهب في بؤرة الاهتمام كمؤشر رئيسي على تقلبات الأسواق خلال الفترة المقبلة.