الذهب يواصل مكاسبه مع تراجع الدولار وسط تصاعد المخاوف الجيوسياسية وتوقعات خفض الفائدة

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الاثنين، مدفوعة بالإقبال المتزايد على المعدن الأصفر كملاذ آمن وسط تصاعد المخاوف بشأن الرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها، إلى جانب التوقعات بخفض معدلات الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

جاء هذا الارتفاع في ظل تقلبات الأسواق المالية، حيث سجل الذهب مكاسب جديدة، بينما تراجع الدولار الأمريكي بشكل طفيف، مما عزز من جاذبية المعدن الثمين للمستثمرين ومع استمرار الترقب لقرارات السياسة النقدية الأميركية وتداعيات السياسات التجارية، يظل الذهب أحد الأصول الأكثر متابعة في الأسواق العالمية.

أداء الذهب في الأسواق العالمية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا واضحًا خلال تعاملات اليوم الاثنين، مدعومة بالتوترات الاقتصادية والتوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. ويعزى هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل المؤثرة في السوق، أبرزها:

• تراجع الدولار الأميركي، مما جعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

• تصاعد المخاوف الجيوسياسية، خاصة في ظل الصراعات المستمرة مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

• توقعات خفض أسعار الفائدة، حيث إن المعدلات المنخفضة تجعل الأصول غير المدرة للعوائد، مثل الذهب، أكثر جاذبية مقارنة بالاستثمارات ذات العوائد الثابتة.

وارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 3,026 دولارًا للأونصة، في حين صعدت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.3% لتسجل 3,057 دولارًا للأونصة. أما مؤشر الدولار، فقد تراجع بنسبة 0.15% إلى 103.59 نقطة، مما دعم الطلب على المعدن الأصفر.

تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على الأسواق المالية

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية متبادلة ستدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 2 أبريل المقبل، وهو القرار الذي أثار موجة من القلق في الأسواق المالية، حيث يخشى المستثمرون أن يؤدي هذا الإجراء إلى:

• ارتفاع معدلات التضخم، نتيجة زيادة تكاليف الاستيراد.

• إبطاء النمو الاقتصادي، بسبب العوائق التجارية المحتملة التي قد تؤثر على سلاسل التوريد العالمية.

• اضطرابات في الأسواق العالمية، حيث يمكن أن تؤدي هذه الرسوم إلى تصعيد النزاعات التجارية مع الدول الكبرى مثل الصين وأوروبا.

وعلى الرغم من هذه المخاوف، ألمح ترامب في تصريحات له يوم الجمعة إلى إمكانية تخفيف حدة الرسوم الجمركية، مما خفف من قلق الأسواق جزئيًا. وقال بعض المحللين إن البيت الأبيض قد يستثني بعض الدول من هذه الرسوم، كما أنه لا يخطط حاليًا لفرض حواجز تجارية صارمة على قطاعات معينة، مما قد يحدّ من التأثيرات السلبية المحتملة.

رأي الخبراء:
يرى تيم ووترر، كبير محللي السوق في KCM Trade، أن الذهب سيظل في وضع قوي لمزيد من الصعود، خاصة إذا استمرت الأسواق في التوتر بشأن تداعيات الرسوم الجمركية. ومع ذلك، قد يتم تعويض هذه المكاسب جزئيًا إذا اقتربت الأطراف المتنازعة من التوصل إلى حلول دبلوماسية، مثل اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا.

تحذيرات دولية من التداعيات الاقتصادية للسياسات الأميركية

في ظل تصاعد المخاوف بشأن السياسات التجارية الأميركية، أبدت العديد من الدول الكبرى ردود فعل حذرة، حيث صرح رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ بأن اقتصاد الصين مستعد لمواجهة تداعيات هذه الرسوم.

وفي الوقت ذاته، حذر وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز من أن السياسات التجارية الأميركية قد تؤدي إلى "تأثير زلزالي" على الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى اضطرابات في الأسواق المالية وسلاسل التوريد.

أداء الذهب عند التسوية وتوقعات الأسواق المستقبلية

بعد ست جلسات متتالية من المكاسب، شهدت أسعار الذهب بعض التراجع يوم الجمعة الماضي، حيث قام المستثمرون بعمليات جني الأرباح للاستفادة من الارتفاعات القياسية الأخيرة.

• عند التسوية يوم الجمعة، تراجعت العقود الآجلة للذهب تسليم أبريل بنسبة 0.75% أو 22.4 دولارًا، لتصل إلى 3021.40 دولار للأوقية، وهو التراجع الأول خلال تسع جلسات متتالية.

• كما ارتفعت العقود الآجلة بنسبة 0.3% لتسجل 3,057 دولارًا للأونصة.

أداء المعادن الأخرى

• ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 0.4% لتصل إلى 33.16 دولارًا للأونصة.

• استقر البلاتين عند 974.98 دولارًا.

• صعد البلاديوم بنسبة 0.3% ليصل إلى 960.62 دولارًا.

تأثير السياسة النقدية الأميركية على أسعار الذهب

قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبوع الماضي الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير، عند نطاق يتراوح بين 4.25% و4.50%، كما كان متوقعًا من قبل الأسواق.

التوقعات المستقبلية لأسعار الفائدة

• يتوقع صانعو السياسات في الفيدرالي أن يتم خفض معدلات الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية مرتين بحلول نهاية العام.

• صرّح رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون وليامز، أن السياسة النقدية الحالية في موقعها الصحيح، مشيرًا إلى أنه لا توجد حاجة ملحة لخفض الفائدة في الوقت الراهن.

ومع ذلك، لا تزال الأسواق حذرة بشأن تداعيات الرسوم الجمركية، إلى جانب تأثيرات السياسة النقدية الأميركية، حيث يمكن أن يؤدي خفض الفائدة إلى دعم أسعار الذهب بشكل أكبر.

توقعات أسعار الذهب على المدى الطويل

حتى الآن، حقق الذهب مكاسب كبيرة هذا العام، حيث ارتفع بنسبة 15% منذ بداية عام 2024، متجاوزًا حاجز 3,000 دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ.

أبرز العوامل الداعمة لارتفاع الذهب:

1. تزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن وسط المخاوف الاقتصادية والسياسية.

2. الشراء القوي من قبل البنوك المركزية، التي زادت من احتياطياتها من الذهب بشكل ملحوظ.

3. التوقعات بخفض أسعار الفائدة، مما يزيد من جاذبية الذهب مقارنة بالأصول المدرة للعوائد.

4. عدم اليقين في الأسواق المالية، مع تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية.

هل يواصل الذهب ارتفاعه؟

رغم عمليات جني الأرباح الأخيرة، يرى المحللون أن أسعار الذهب قد تستمر في الارتفاع خلال الأشهر المقبلة، خاصة إذا استمر الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة أو إذا تفاقمت التوترات الجيوسياسية ومع استمرار التقلبات الاقتصادية، يظل الذهب خيارًا جذابًا للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار في ظل التغيرات العالمية.