مكاسب قوية لأونصة الذهب وسط اضطرابات جيوسياسية وتوقعات اقتصادية
شهدت أسعار الذهب بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي ارتفاعًا ملحوظًا، مما أسفر عن مكاسب أسبوعية تقدر بحوالي 2% هذه الزيادة جاءت في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وتزايد الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا وسط مخاوف اقتصادية وسياسية عالمية.
أسباب ارتفاع أسعار الذهب
التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط
السبب الرئيسي وراء الارتفاع الكبير في أسعار الذهب هو تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. المخاوف من رد عسكري إسرائيلي محتمل على إيران دفعت المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن ومع تصاعد حدة النزاعات في المنطقة، وخاصة في غزة ولبنان، زاد الطلب على الذهب باعتباره أحد الأصول التي توفر الحماية في أوقات عدم الاستقرار السياسي.
تأثير السياسات النقدية المتوقعة
بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية، أسهمت التوقعات بتيسير السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الفيدرالي الأمريكي، في دعم ارتفاع أسعار الذهب.
التوقعات بتخفيف القيود النقدية لمواجهة التباطؤ الاقتصادي تزيد من جاذبية الذهب كاستثمار، حيث يلجأ المستثمرون إلى الأصول الثابتة في مواجهة التضخم وانخفاض قيمة العملات.
أداء أسعار الذهب والمعادن النفيسة الأخرى
ارتفاع أسعار الذهب الفورية والعقود الآجلة
في نهاية تعاملات يوم الجمعة، ارتفعت عقود الذهب الآجلة تسليم ديسمبر بنسبة 1.07%، أي ما يعادل 28.90 دولارًا للأونصة، لتصل إلى مستوى 2736 دولارًا أما في التعاملات الفورية
فقد ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 1.01%، بما يعادل 27.16 دولارًا، لتسجل 2720 دولارًا للأونصة هذا الارتفاع يُعد استمرارًا للأداء الإيجابي للذهب في الأسابيع الأخيرة.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
لم يكن الذهب هو المعدن الوحيد الذي شهد ارتفاعًا خلال هذه الفترة فقد سجلت الفضة ارتفاعًا بنسبة 6.18%، لتصل إلى 33.65 دولارًا للأونصة، في حين ارتفع البلاتين بنسبة 2.04%
ليصل إلى 1026.20 دولارًا للأونصة كما شهد البلاديوم ارتفاعًا كبيرًا بنسبة 3.74% ليغلق عند 1084 دولارًا للأونصة.
تراجع مؤشر الدولار
من العوامل المساعدة في دعم أسعار الذهب كان تراجع مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية انخفض المؤشر بنسبة 0.33% ليصل إلى 103.31 نقطة. ضعف الدولار يجعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يتعاملون بعملات أخرى، ما يعزز من الطلب عليه.
قد يهمك : دليل شامل عن الاستثمار في الذهب
تأثير الأوضاع السياسية والاقتصادية على الذهب
الصراعات السياسية وتزايد عدم اليقين
تعهدات حركة حماس وحزب الله بمواصلة القتال ضد إسرائيل أدت إلى تفاقم حالة عدم اليقين في المنطقة، مما ساهم في ارتفاع أسعار الذهب في ظل هذه التوترات، صرّح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه على علم بخطط وتوقيت الرد الإسرائيلي، لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل إضافية. هذا الغموض السياسي دفع المستثمرين إلى تعزيز مراكزهم في الذهب.
الانتخابات الأمريكية والتأثيرات المحتملة
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتزايد الغموض السياسي في البلاد. عدم وضوح الرؤية بشأن نتائج الانتخابات، خاصة مع تنافس شديد بين نائب الرئيس الحالي كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب، يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن من تقلبات الأسواق المالية.
توقعات أسعار الذهب في المستقبل
توقعات ارتفاع الأسعار إلى 3000 دولار للأونصة
وفقًا لتوقعات "ماكس لايتون"، رئيس أبحاث السلع الأساسية في "سيتي جروب"، قد تصل أسعار الذهب إلى 3000 دولار للأونصة خلال الـ 12 شهرًا القادمة هذا التوقع يأتي نتيجة استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة وأوروبا، ما قد يدفع المزيد من المستثمرين نحو الذهب كخيار استثماري آمن.
تحليل الخبراء حول العوامل المؤثرة على الذهب
تعتقد المحللة "رونا أوكونيل" من شركة "ستون إكس" أن الأسواق لا تزال تراقب العوامل الجيوسياسية عن كثب، وأن التطورات في الشرق الأوسط تؤجج حالة عدم اليقين. من جهته، يرى المحلل "روس نورمان" أن الذهب يتجاهل العوامل الاقتصادية التقليدية مثل انخفاض التضخم وعوائد السندات الحكومية، ويواصل الارتفاع مدفوعًا بالطلب على الملاذات الآمنة.
الذهب كاستثمار طويل الأجل
أداء الذهب خلال العقود الماضية
أوضح مجلس الذهب العالمي أن متوسط عائد الاستثمار في الذهب على مدى 50 عامًا (1971-2023) بلغ حوالي 8% سنويًا هذا العائد يتجاوز معدلات النمو الاقتصادي العالمي والتضخم في الولايات المتحدة، ما يجعل الذهب استثمارًا جذابًا للمستثمرين على المدى الطويل.
دور الذهب كأصل نقدي
يشير تقرير مجلس الذهب العالمي إلى أن الذهب يعتبر أصلاً ماليًا مميزًا، حيث يجمع بين خصائص السلع والأصول النقدية. على الرغم من انتهاء قاعدة الذهب منذ أكثر من خمسين عامًا، إلا أن البنوك المركزية لا تزال تحتفظ بمخزون كبير من الذهب ضمن احتياطياتها النقدية هذا الاحتفاظ يعكس الأهمية المستمرة للذهب كأصل موثوق به في الأوقات العصيبة.
توقعات العوائد المستقبلية للذهب
العوائد المتوقعة حتى عام 2040
يتوقع مجلس الذهب العالمي أن يحقق الذهب متوسط عائد سنوي يتجاوز 5% خلال الفترة من 2025 إلى 2040 على الرغم من أن هذا الرقم أقل من العائد التاريخي للذهب، إلا أنه يظل جيدًا مقارنة بعوائد الأصول الأخرى. يُعزى ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي المتوقع في السنوات المقبلة.
تأثير انخفاض النمو الاقتصادي على الذهب
يتوقع التقرير أن تشهد عوائد الأصول المختلفة تراجعًا خلال الفترة المقبلة، حيث من المتوقع أن تبلغ عوائد سندات الخزانة الأمريكية متوسطة الأجل حوالي 3.9%، بينما قد تصل عوائد الأسهم الأمريكية ذات القيمة السوقية الكبيرة إلى 7%. ومع ذلك، يظل الذهب في موقع قوي كخيار استثماري آمن مقارنة بالأصول الأخرى.
الخلاصة : يستمر الذهب في تحقيق مكاسب قوية مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية وتوقعات تيسير السياسات النقدية مع توقعات بارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية خلال الأشهر المقبلة، يبدو أن الذهب سيظل الخيار المفضل للمستثمرين الباحثين عن الحماية من المخاطر وعدم اليقين الاقتصادي والسياسي.