أسعار الذهب ترتفع بعد أسبوع من الخسائر وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية

شهدت أسعار الذهب اليوم، الإثنين 18 نوفمبر، ارتفاعًا ملحوظًا بعد أسبوع صعب تكبد خلاله خسائر كبيرة يأتي هذا الانتعاش في ظل توقعات بتخفيضات أقل حدة لأسعار الفائدة الأميركية، مما حد من زخم التعافي وتصاعد المخاطر الجيوسياسية إثر أنباء متداولة حول سماح الولايات المتحدة لأوكرانيا باستخدام أسلحة أمريكية الصنع في ضرب العمق الروسي

 

في هذا التقرير، سنلقي نظرة شاملة على أداء الذهب والمعادن النفيسة الأخرى، والعوامل المؤثرة على هذه التحركات، مع تسليط الضوء على توقعات المحللين المستقبلية.

أداء الذهب والمعادن النفيسة

أسعار الذهب اليوم:

ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.00% ليصل إلى 2,587.52 دولارًا للأونصة عند الساعة 11:30 صباحًا بتوقيت تركيا، مسجلًا أعلى مستوى له خلال اليوم عند 2,597 دولارًا.

جاء هذا الانتعاش بعد أن هبط الذهب إلى أدنى مستوياته خلال شهرين الأسبوع الماضي، حيث سجل أكبر انخفاض أسبوعي منذ أكثر من ثلاث سنوات.

 

أما العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة، فقد ارتفعت بنسبة 1.05% لتصل إلى 2,590.95 دولارًا، مع أعلى مستوى عند 2,601 دولار للأونصة.

 

حقق الذهب مكاسب بأكثر من 30% خلال العام الذي سبق الانتخابات الأميركية، مستفيدًا من المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية التي عززت من جاذبيته كملاذ آمن. 

أداء المعادن النفيسة الأخرى:

    • الفضة: ارتفعت بنسبة 1.16% لتصل إلى 30.78 دولارًا للأونصة.
    • البلاتين: صعد بنسبة 1.67% ليسجل 961 دولارًا.
    • البلاديوم: زاد بنسبة 2.54% ليصل إلى 967 دولارًا عند الساعة 11:30 صباحًا بتوقيت تركيا.

مؤشر الدولار الأمريكي

في المقابل، يواصل الدولار الأميركي تعزيز مكاسبه، مما يجعل الذهب أكثر تكلفة على المستثمرين من حاملي العملات الأخرى. فقد المعدن الأصفر حوالي 8% من قيمته منذ بلوغه أعلى مستوياته القياسية الشهر الماضي، متأثرًا بارتفاع الدولار إلى أعلى مستوى له في عامين بعد فوز الرئيس دونالد ترامب.

 

هذا الصعود في قيمة الدولار دفع صناديق التحوط إلى تقليص رهاناتها الصعودية على الذهب، والتي بلغت أدنى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أشهر وفقًا لبيانات لجنة تداول السلع الآجلة.

 

يعكس هذا التحول حالة من التفاؤل بشأن الأداء القوي للاقتصاد الأميركي والأصول ذات العوائد المرتفعة، ما زاد من الضغط على الذهب الذي يعتمد بشكل كبير على حالتي عدم اليقين الاقتصادي والسياسي لجذب المستثمرين.

 

لكن بعد وضوح نتائج الانتخابات الأميركية وزوال المخاوف من سيناريوهات غير محسومة، تراجعت جاذبية الذهب. كما أن ارتفاع الدولار واستمرار السياسة النقدية التقييدية في الولايات المتحدة أسهما في تقويض مكانة الذهب كأصل استثماري.

توقعات جولدمان ساكس لأسعار الذهب

يتوقع "جولدمان ساكس" ارتفاع أسعار الذهب إلى مستوى قياسي في العام المقبل بدعم من مشتريات البنوك المركزية وخفض الاحتياطي الفيدرالي للفائدة وأكد محللو البنك بما يشمل "دان ستروفن" في مذكرة مستهدفهم لوصول سعر الذهب إلى 3 آلاف دولار للأوقية بحلول ديسمبر 2025، حسبما نقلت "بلومبرج".

 

وأشار البنك الأمريكي إلى أن إدارة "دونالد ترامب" المقبلة قد تساعد أيضًا الذهب على تمديد مكاسبه، لأن التصعيد غير المسبوق المحتمل للتوترات التجارية قد ينعش المضاربة على المعدن الأصفر.


إلى جانب المخاوف المتزايدة حول الاستدامة المالية للولايات المتحدة والتي قد تدعم أسعار الذهب أيضًا، كما أن البنوك المركزية قد تختار شراء المزيد من المعدن النفيس.

توقعات المحللين بشأن الذهب

يشهد سوق الذهب تطورات متباينة ترتبط بتغيرات السياسة النقدية والاقتصادية العالمية، مما يجعله محور اهتمام المستثمرين والمحللين. 

السياسة النقدية الأميركية وتأثيرها على الذهب

أبدى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي مرونة تجاه التيسير النقدي خلال الفترة القادمة. أوضح أوستن جولسبي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أن استمرار انخفاض التضخم نحو هدف البنك البالغ 2% قد يؤدي إلى تخفيض ملحوظ في أسعار الفائدة خلال الـ12 إلى 18 شهرًا المقبلة.

 

كما صرحت سوزان كولينز، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، أن خفض أسعار الفائدة في ديسمبر لا يزال خياراً مطروحاً.

تأثير العائدات على السندات وأسعار الذهب

أكد فؤاد رزاق زادة، محلل السوق في "سيتي إندكس" و"فوركس.كوم"، أن ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.5% يشكل ضغطاً على الذهب. فمع إعادة تسعير الفائدة الأميركية، ترتفع تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، ما يضعف جاذبيته كمخزن للقيمة مقارنة بالأصول ذات العوائد المرتفعة.

 

أوضح المحللون أن فوز دونالد ترامب بولاية ثانية قد يؤدي إلى تهدئة الصراعات الجيوسياسية، خاصة في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، مما يقلل من مخاطر الأسواق ويدعم الاستثمارات في الأصول الأخرى بدلاً من الذهب.

نظرة المستثمرين والمحللين

قال مات ميسكن، كبير استراتيجيي الاستثمار في "جون هانكوك إنفستمنت مانجمنت"، إن الرهان على الذهب يبدو مخالفاً للاتجاه العام حالياً، خاصة مع استقرار المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.

من جهته، رأى نعيم أسلم، كبير مسؤولي الاستثمار في "زاي كابيتال ماركتس"، أن الذهب يمر بحركة تصحيحية متأثرة بالبيانات الاقتصادية الأميركية التي تشير إلى استمرار ضغوط التضخم وأشار إلى إمكانية وصول الذهب إلى مستوى 2,500 دولار للأوقية خلال الفترة المقبلة.

العوامل المؤثرة على التوقعات المستقبلية

تأثير بيانات التضخم وسوق العمل

أفاد سامر حسن، كبير محللي السوق في "XS.com"، أن تدفق بيانات التضخم وسوق العمل في الولايات المتحدة قد يؤدي إلى تقليص احتمالية خفض الفائدة خلال العام المقبل. وعلى الرغم من ثبات التوقعات بشأن خفض الفائدة في ديسمبر، إلا أن احتمالات خفض الفائدة في يناير انخفضت بشكل كبير وفقًا لأداة "فيدووتش" الصادرة عن "CME".

 

يرى مايكل أرمبروستر، المؤسس المشارك في "ألتافيست"، أن خطط إدارة ترامب لإنشاء وزارة جديدة تُعنى بالكفاءة الحكومية وتقليل العجز الفيدرالي قد تدعم قوة الدولار، مما يؤثر سلباً على أسعار الذهب.

 

الخلاصة : يشهد سوق الذهب تذبذباً ملحوظاً نتيجة لتفاعل عدة عوامل، أبرزها السياسة النقدية الأميركية، وتطورات التضخم، والأوضاع الجيوسياسية. بينما تشير بعض التحليلات إلى احتمالية استمرار ضعف الذهب في ظل قوة الأصول الأخرى، يظل المستثمرون حذرين بانتظار التحركات الفعلية للاحتياطي الفيدرالي والأسواق العالمية.

 

يبقى السؤال الأهم: هل سيستعيد الذهب بريقه أم أن العوامل الحالية ستواصل الضغط عليه؟ الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن الإجابة.

تم التحديث في: الاثنين, 18 تشرين الثاني 2024 12:16
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول