تراجع أسعار الذهب مع قيام المستثمرين بجني الأرباح بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق
تراجعت أسعار الذهب يوم الخميس بعد أن سجلت مستويات قياسية، وسط عمليات جني أرباح من المستثمرين، واستقرار مؤقت في عوائد السندات الأميركية، إلى جانب تعافي طفيف في الدولار الأمريكي يأتي ذلك بينما يترقب السوق تطورات مفاوضات الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة واليابان، إلى جانب تصاعد المخاوف بشأن النمو العالمي في ظل تصعيد الحرب التجارية.
أداء أسعار الذهب
سجّل الذهب يوم الأربعاء قفزة كبيرة تخطت 100 دولار في الجلسة الواحدة، ليصل إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، حيث لامست العقود الآجلة للذهب مستوى 3,371.89 دولارًا للأونصة، وبلغت العقود الفورية 3,357.81 دولارًا.
ومع ذلك، شهدت الأسعار يوم الخميس تراجعًا بنسبة 0.8% إلى 3,316.63 دولارًا للأونصة الفورية، في حين انخفضت العقود الآجلة بنسبة 0.5% إلى 3,329.60 دولارًا عند الساعة 11:30 بتوقيت تركيا .
ورغم التراجع، يبقى الذهب مرتفعًا بنسبة تفوق 2% منذ بداية الأسبوع، بينما بلغ إجمالي مكاسب المعدن الثمين منذ مطلع العام حوالي 28%، متجاوزًا بذلك مكاسب العام السابق التي بلغت 27%.
الأسباب وراء تراجع الذهب
قال ألكسندر زومفه، متداول المعادن الثمينة في شركة هيرايوس ميتالز بألمانيا، إن التراجع يعود بشكل أساسي إلى عمليات جني أرباح قصيرة الأجل بعد الصعود السريع خلال الأسبوع الماضي.
وأشار إلى أن هناك استقرارًا مؤقتًا في عوائد السندات الأميركية إلى جانب تعافٍ طفيف في الدولار الأميركي، مما ساهم في خلق ضغط إضافي على أسعار الذهب وأضاف:
"الأسواق الآن في وضع ترقّب، بانتظار مزيد من الوضوح بشأن السياسات الجمركية وتعليقات البنوك المركزية، وهو ما يدفع بعض المستثمرين إلى تثبيت الأرباح."
التوترات التجارية تلقي بظلالها على الأسواق
في سياق متصل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تقدم كبير في المحادثات التجارية مع اليابان، وهي إحدى أولى جولات التفاوض المباشر منذ فرض الرسوم على الواردات العالمية، والتي أدت إلى تصاعد المخاوف من ركود اقتصادي عالمي.
وفي تطور جديد، أمر ترامب بإجراء تحقيق حول فرض رسوم جديدة محتملة على واردات المعادن الحيوية، إلى جانب مراجعات سابقة تشمل الرقائق الإلكترونية والأدوية، ما يزيد من الضبابية حول التوجهات الاقتصادية الأميركية.
قال تريفور ييتس، المحلل في شركة غلوبال إكس، إن التقلب في أسواق الأسهم والسندات يدفع بعض المستثمرين إلى تعزيز مراكزهم في الذهب كأصل آمن، مضيفًا أن استمرار الضغوط على الأصول الخطرة يدعم توجه الأموال نحو الذهب.
المعادن الثمينة الأخرى تتراجع أيضًا
شهدت بقية المعادن الثمينة تراجعات ملحوظة، حيث:
-
انخفضت الفضة الفورية بنسبة 1.4% إلى 32.28 دولارًا للأونصة.
-
تراجع البلاتين بنسبة 0.7% إلى 960.92 دولارًا.
-
هبط البلاديوم بنسبة 1.9% إلى 953 دولارًا للأونصة.
خفض توقعات النمو العالمي يزيد من تقلب الأسواق
أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عن خفض توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 بمقدار 0.4 نقطة مئوية، مع تقليص توقعات النمو في كل من الولايات المتحدة والصين بنحو 0.5 نقطة.
وتوقعت الوكالة:
-
أن يتباطأ النمو السنوي في الولايات المتحدة إلى 1.2% في 2025، وإلى 0.4% فقط في الربع الرابع من نفس العام.
-
أن ينخفض التوسع الاقتصادي الصيني إلى ما دون 4% حتى عام 2026.
-
أن يظل نمو منطقة اليورو أقل من 1% خلال نفس الفترة.
ويمثل هذا التراجع في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى أقل من 2% أضعف وتيرة نمو منذ عام 2009، باستثناء فترة جائحة كورونا، وسط اضطرابات التجارة الدولية وتصاعد الرسوم الجمركية.
توقعات البنوك والمؤسسات المالية للذهب في 2025
مع تصاعد التوترات التجارية والضغوط الاقتصادية، تتوقع كبرى المؤسسات المالية استمرار الزخم الإيجابي لأسعار الذهب خلال 2025:
-
جولدمان ساكس:
تتوقع وصول الذهب إلى 3,700 دولار بنهاية 2025، مع سيناريو متفائل قد يدفعه إلى 4,500 دولار في حال تصاعد الأزمات الجيوسياسية. -
بنك UBS:
رفعت مستهدفها إلى 3,500 دولار للأونصة بدعم من زيادة مشتريات البنوك المركزية. -
ساكسو بنك:
تتوقع الذهب عند 3,500 دولار خلال 2025 نتيجة استمرار ضعف الدولار وزيادة الإقبال الاستثماري من كبار المستثمرين. -
بنك أوف أمريكا:
قد يصل متوسط السعر إلى 3,063 دولار، مع احتمالية بلوغ 3,500 دولار إذا ارتفع الطلب الاستثماري بنسبة 10%. -
إتش إس بي سي:
رفعت توقعاتها إلى متوسط 3,015 دولار، مشيرة إلى أن التوترات الجيوسياسية تظل عاملاً رئيسيًا. -
جي بي مورغان:
تتوقع متوسط سعر يبلغ 2,600 دولار، مع إمكانية تجاوزه في حال استمرار المحفزات الداعمة.
هل يستمر صعود الذهب؟
في ظل تزايد الغموض بشأن السياسات التجارية، وتباطؤ النمو العالمي، وتوقعات التضخم، وإمكانية خفض أسعار الفائدة، تبدو الظروف مهيأة لاستمرار الزخم في سوق الذهب.
وقد لخّص محللو بنك "إيه إن زد" هذه الرؤية بالقول:
"مزيج من التحديات الاقتصادية الحالية يشكل بيئة مثالية لاستمرار ارتفاع الذهب."