الذهب يستقر وسط تقلبات الأسواق والتوترات التجارية ومخاوف بشأن نمو الاقتصاد الأميركي
استقرت أسعار الذهب يوم الأربعاء قبل صدور بيانات التضخم الأمريكية الرئيسية، والتي قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار أسعار الفائدة الفيدرالية. يأتي ذلك في ظل التوترات التجارية العالمية ومخاوف التباطؤ الاقتصادي، فيما تتجه الأنظار أيضًا إلى احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
استقرار الذهب وسط اضطرابات الأسواق
شهد سعر الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، مدعومًا بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة، خاصة بعد التقلبات الحادة في وول ستريت التي أثارها التوجه غير المستقر للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. كما ساهمت تصريحاته الأخيرة التي قللت من مخاوف الركود في تهدئة بعض الأسواق.
ورغم الانخفاض الكبير في الأسواق المالية وتراجع الدولار الأمريكي، قلل ترامب من خطر حدوث ركود نتيجة سياساته الجمركية. تجدر الإشارة إلى أن انخفاض الدولار يجعل الذهب، المُسعَّر بالعملة الأمريكية، أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، مما يعزز الطلب عليه.
فرص الاستثمار في الذهب وسط التراجع الاقتصادي
مع استمرار الانخفاضات الحادة في الأسواق، يرى بعض المستثمرين أن هذه التقلبات توفر فرصًا ذهبية للشراء عند الانخفاض، حيث تعتبر أسهم شركات الذهب استثمارات جذابة نظرًا لاستفادتها من الاضطرابات وعدم اليقين في الأسواق المالية.
وفي هذا السياق، قال تيم ووترر، كبير محللي الأسواق في KCM Trade: "الذهب ما زال متماسكًا قبل صدور دفعة جديدة من بيانات التضخم الأمريكية".
ترقب بيانات مؤشر التضخم وتأثيرها على الذهب
يترقب المستثمرون اليوم بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة، والتي ستحدد بشكل كبير توجهات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة. وفي حال أدت ضغوط الأسعار المتزايدة إلى إبقاء الفيدرالي على معدلات فائدة مرتفعة، فقد تتراجع جاذبية الذهب باعتباره أصلًا لا يدر عائدًا.
ومن المتوقع أن تؤدي التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب إلى زيادة التضخم وعدم اليقين الاقتصادي، وهو ما دفع الذهب إلى تسجيل مستوى قياسي بلغ 2,956.15 دولارًا للأوقية في 24 فبراير.
تأثير الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية
أكد ووترر: "أتوقع أن يظل الذهب أصلًا مفضلًا طالما أن المستثمرين يشعرون بالقلق من حروب الرسوم الجمركية وتباطؤ النمو الاقتصادي. لذا، فإن الاتجاه العام للذهب لا يزال صاعدًا".
وفي سياق آخر، دافع ترامب عن سياساته الجمركية خلال اجتماعه مع رؤساء أكبر الشركات الأمريكية، خاصة بعد التراجعات الحادة التي شهدتها الأسواق بسبب مخاوف الركود والتضخم. لكنه عاد وتراجع عن قراره بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من كندا إلى 50% بعد ساعات فقط من إعلانه.
على الصعيد الجيوسياسي، وافقت الولايات المتحدة على استئناف المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، بعدما أعلنت كييف قبولها مقترحًا أمريكيًا لوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا في صراعها مع روسيا.
تحركات الذهب عند التسوية
ارتفعت أسعار الذهب خلال تعاملات الثلاثاء، بعدما تراجعت خلال الجلستين السابقتين بسبب عمليات جني الأرباح وسط عدم اليقين بشأن السياسات التجارية الأمريكية.
-
عند تسوية التعاملات، صعدت العقود الآجلة للذهب تسليم أبريل بنسبة 0.75% أو 21.5 دولارًا إلى 2,920.90 دولارًا للأوقية.
-
استقر الذهب الفوري عند 2,916.69 دولارًا للأوقية.
-
ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.1% إلى 2,922.30 دولارًا.
-
ارتفعت عقود مؤشر الدولار بنسبة 0.3% إلى 103.58 نقطة.
أداء المعادن الأخرى
-
تراجعت الفضة الفورية بنسبة 0.5% إلى 32.76 دولارًا للأوقية.
-
ارتفع البلاتين بنسبة 0.4% إلى 978.60 دولارًا.
-
انخفض البلاديوم بنسبة 0.6% إلى 940.53 دولارًا.
توقعات الفيدرالي وتأثيرها على الذهب
أثارت سلسلة من التقارير الاقتصادية الضعيفة في الولايات المتحدة مخاوف من الركود التضخمي، مما يزيد من احتمالات قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة عدة مرات هذا العام لدعم الاقتصاد.
لكن المستثمرين يترقبون تقرير التضخم المنتظر، والذي قد يظهر زيادة في أسعار المستهلكين، مما قد يعقد خطط الفيدرالي لتخفيف السياسة النقدية، حيث يُنظر إلى تخفيف الفائدة على أنه عامل إيجابي لأسعار الذهب.
في الوقت ذاته، تراقب الأسواق إمكانية التخفيف من المخاطر الجيوسياسية التي قد تؤثر على الطلب على الذهب كملاذ آمن. ووافقت أوكرانيا مؤخرًا على وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا كجزء من صفقة مع إدارة ترامب لرفع تجميد المساعدات العسكرية والاستخباراتية لكييف.
مستقبل الذهب في ظل السياسات الاقتصادية
وفقًا لمحلل السوق زين فاودا من MarketPulse by OANDA: "من المرجح أن يظل الذهب مدعومًا وسط حالة عدم اليقين المستمرة في السوق، مما يعزز الطلب على هذا الأصل الآمن. ومع ذلك، فإن أي تطورات إيجابية في مفاوضات روسيا وأوكرانيا قد تقلل من علاوات المخاطر".
تسببت سياسات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة في تقلبات كبيرة للأسواق العالمية، مما زاد من المخاوف بشأن النمو الاقتصادي. ويعتبر الذهب أداة تحوط ضد عدم اليقين، حيث يزدهر في بيئات معدلات الفائدة المنخفضة.
حاليًا، يتوقع المتداولون أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة في يونيو/حزيران، وفقًا لأداة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة CME. لكن بنك Commerzbank أشار في مذكرة بحثية إلى أن "سعر الذهب يتداول عند مستوى مرتفع للغاية بالفعل، مما يحد من احتمالية ارتفاعه بشكل إضافي في الفترة القادمة".
خلاصة : يستمر الذهب في الحفاظ على مكاسبه في ظل التوترات التجارية والاضطرابات الاقتصادية، مع ترقب الأسواق لبيانات التضخم الأمريكية التي ستحدد بشكل كبير توجهات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. وبينما قد توفر التراجعات الحالية فرصًا استثمارية، فإن العوامل الجيوسياسية والاقتصادية العالمية ستظل تلعب دورًا أساسيًا في تحديد الاتجاه المستقبلي لأسعار المعدن الأصفر.