أسعار الذهب تسجل مستويات تاريخية بدعم من مخاوف حدوث ركود في الاقتصاد العالمي

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا تاريخيًا يوم الجمعة، متجاوزة حاجز 3200 دولار للأونصة في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والمخاوف المتزايدة بشأن ركود اقتصادي عالمي. وأدى الإقبال الشديد على الذهب كملاذ آمن إلى تعزيز مكاسبه، مدفوعًا بانخفاض الدولار وتراجع سندات الخزانة الأمريكية، وسط توقعات بمزيد من التحفيز النقدي من قبل الفيدرالي الأمريكي.

أداء أسعار الذهب اليوم 

ارتفعت أسعار الذهب إلى مستوى قياسي غير مسبوق في تعاملات يوم الجمعة، لتواصل صعودها الأخير مدفوعة بتزايد الإقبال على الأصول الآمنة. جاء هذا الارتفاع في ظل تزايد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، مما أثار المخاوف من تأثير التعريفات الجمركية على أداء الاقتصاد العالمي.

وسجل الذهب الفوري ارتفاعًا بنسبة تجاوزت 1% ليبلغ 3,220.20 دولار للأونصة، فيما ارتفعت العقود الآجلة للذهب التي تنتهي في يونيو بنسبة 1.7% لتصل إلى 3,231.69 دولار للأونصة بحلول الساعة 08:30 صباحًا بتوقيت تركيا.

الحرب التجارية تدفع الذهب إلى مستويات تاريخية

أدت التطورات الأخيرة في النزاع التجاري بين واشنطن وبكين إلى تعزيز حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية. وفرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية تصل إلى 145% على بعض الواردات الصينية، بينما ردت الصين بإجراءات انتقامية بنسبة 84%.

على الرغم من تلميح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إمكانية فتح باب الحوار مع الصين، لم تُظهر بكين أي بوادر للتراجع، مما زاد من مخاوف المستثمرين من استمرار الحرب التجارية لفترة طويلة وتأثيرها السلبي على الاقتصاد العالمي.

الين والذهب يتصدران قائمة الملاذات الآمنة

تسبب تصاعد المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية في تعزيز الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب والين الياباني. وشهد المعدن الأصفر مكاسب قوية هذا الأسبوع، متفوقًا على جميع المعادن الأخرى، مع تراجع شهية المستثمرين تجاه الأصول المرتبطة بالمخاطر.

كما ساهم التراجع الحاد في أسعار سندات الخزانة الأمريكية، على الرغم من ارتفاع عوائدها، في زيادة الإقبال على الذهب كأداة تحوط في ظل اضطراب الأسواق.

تراجع الدولار يعزز مكاسب الذهب والمعادن

انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.47% ليصل إلى 100.39 نقطة. وجاء هذا التراجع في ظل صدور بيانات تضخم أمريكية أقل من المتوقع، ما زاد من رهانات المستثمرين على خفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

ويشير المحللون إلى أن ضعف الدولار كان عاملًا داعمًا لارتفاع أسعار الذهب والمعادن الأخرى، رغم أن الذهب ظل متفوقًا في أدائه خلال الأسابيع الأخيرة.

بيانات التضخم الأمريكية وتصاعد التوقعات بشأن خفض الفائدة

أظهرت بيانات اقتصادية تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة خلال شهر مارس بشكل أكبر من التوقعات، وهو ما فسره المتداولون كمؤشر على إمكانية اتجاه الفيدرالي إلى استئناف دورة خفض الفائدة خلال شهر يونيو المقبل.

وتشير التقديرات إلى احتمال خفض الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة قبل نهاية العام، في محاولة لدعم الاقتصاد في مواجهة تداعيات الحرب التجارية والركود المحتمل.

أداء لافت للمعادن النفيسة الأخرى

إلى جانب الذهب، شهدت المعادن النفيسة الأخرى مكاسب خلال تعاملات الجمعة. فقد ارتفعت عقود البلاتين الآجلة بنسبة 0.5% لتصل إلى 935.75 دولار للأونصة، في حين صعدت عقود الفضة بنسبة 1.6% إلى 31.245 دولار للأونصة.

وساهم ضعف الدولار والمخاوف الاقتصادية العامة في دعم أسعار هذه المعادن، رغم أن أداءها ظل أقل من أداء الذهب.

النحاس يتعافى جزئيًا رغم استمرار الضغوط الصينية

على صعيد المعادن الصناعية، شهدت أسعار النحاس ارتفاعًا طفيفًا مع ضعف الدولار، حيث ارتفعت العقود القياسية في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.6% إلى 8,959.80 دولار للطن، فيما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة بنسبة 0.6% إلى 4.3675 دولار للرطل.

وعلى الرغم من هذا الارتفاع، يظل النحاس تحت ضغوط قوية نتيجة المخاوف من تراجع الطلب، في ظل تباطؤ اقتصادي متوقع بسبب الحرب التجارية. فقد خسر النحاس في الأسبوع الماضي ما يزيد عن 10% في لندن، و14% في الأسواق الأمريكية.

الذهب يبقى الوجهة المفضلة للمستثمرين رغم بعض الضغوط الفنية

أكدت المحللة الاستراتيجية في بنك يو بي إس، جوني تيفيس، أن الاهتمام بشراء الذهب عند الانخفاضات لا يزال قويًا، معتبرة أن البيئة الاقتصادية الحالية تدعم استمرار ارتفاع أسعار الذهب. وأشارت تيفيس إلى أن تصاعد توترات الرسوم الجمركية، وتزايد الشكوك الاقتصادية، ومخاوف الركود أو الركود التضخمي، كلها عوامل تعزز الطلب على الذهب كأصل آمن.

ومع ذلك، حذرت تيفيس من احتمالية حدوث تصحيح سعري مؤقت، نتيجة عمليات جني الأرباح أو استخدام الذهب كمصدر سيولة لتغطية طلبات الهامش، خاصة مع الانخفاضات الكبيرة في أسواق الأسهم.

وأوضحت تيفيس أن فترة التذبذب الحالية قد تشكل فرصة للمستثمرين للدخول بأسعار أفضل، خاصة مع وجود دعم قوي حول مستوى 3,000 دولار للأونصة، مشيرة إلى إمكانية انتعاش الأسواق الفعلية عند هذه المستويات.

نظرة مستقبلية إيجابية للذهب

يحافظ بنك يو بي إس على نظرته الإيجابية للذهب على المدى الطويل، معتبرًا أن المرحلة الحالية من التماسك السعري قد تكون بمثابة فرصة للمستثمرين لتعزيز مراكزهم. ومع تصاعد التوترات التجارية وتزايد مخاطر التضخم والركود، يظل الذهب أحد أبرز الأدوات التحوطية التي يلجأ إليها المستثمرون لحماية محافظهم المالية.