أسعار الذهب تحافظ على ارتفاعها وسط ترقب لبيانات أمريكية رئيسية ستحدد مسار الفائدة

شهدت أسعار الذهب تقلبات ملحوظة خلال تعاملات يوم الخميس، متأثرة بعمليات جني الأرباح بعد بلوغها أعلى مستوى في أربعة أسابيع. يأتي هذا التذبذب في ظل انتظار الأسواق لتقرير الوظائف الأمريكية للحصول على وضوح حول مسار أسعار الفائدة في عام 2025 من قبل الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل توقعات التضخم والسياسات النقدية.

أداء الذهب وتأثير عمليات جني الأرباح

شهدت تعاملات الخميس حالة من التذبذب الواضح في أسعار الذهب نتيجة عمليات جني الأرباح التي قام بها بعض المستثمرين بعد تسجيل المعدن النفيس أعلى مستوى له في نحو أربعة أسابيع خلال الجلسة السابقة. وعادةً ما تؤدي عمليات جني الأرباح إلى ضغوط هبوطية على أسعار الأصول بعد موجة صعود قوية.

وصرح أجاي كيديا، مدير شركة Kedia Commodities في مومباي، قائلاً: "الأسعار تتداول ضمن نطاق ضيق وهناك عمليات جني أرباح تجري. هناك حاجة إلى محفز جديد لكي يخترق الذهب مقاومته". ويعكس هذا التصريح التوقعات السائدة في الأسواق بأن الذهب بحاجة إلى بيانات اقتصادية أو تطورات جديدة تدفعه لكسر المستويات الحالية.

دور تقرير الوظائف الأمريكية 

تتجه أنظار المستثمرين بشكل كبير إلى تقرير الوظائف الأمريكية لشهر ديسمبر، والمتوقع صدوره يوم الجمعة. يُعتبر هذا التقرير أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التي يراقبها الاحتياطي الفيدرالي عن كثب لتحديد سياسته المستقبلية بشأن أسعار الفائدة.

وقد جاء تقرير التوظيف في القطاع الخاص الأمريكي أضعف من المتوقع خلال الجلسة السابقة، مما أثار تكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يتبنى نهجًا أقل تشددًا فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة خلال الفترة القادمة. وإذا أظهر تقرير الوظائف تباطؤًا في نمو الأجور أو تراجعًا في وتيرة خلق الوظائف، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل الضغوط على الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية.

وأشار استطلاع أجرته شركة "22V Research" إلى أن معظم المستثمرين يراقبون هذا التقرير عن كثب أكثر من المعتاد، نظراً لتداعياته المحتملة على أسواق المال والذهب.

التضخم وأسعار الفائدة وتأثيرهم على الذهب

لطالما كان الذهب يُعتبر أداة تحوط رئيسية ضد التضخم، حيث يلجأ المستثمرون إليه في أوقات ارتفاع الأسعار. ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة يقلل من جاذبية الذهب لأنه لا يدر عوائد مثل السندات أو الأدوات الاستثمارية الأخرى.

في محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي التي نُشرت يوم الأربعاء، أشار صانعو السياسات إلى أن "القراءات الأخيرة الأعلى من المتوقع بشأن التضخم، وتأثيرات التغيرات المحتملة في سياسات التجارة والهجرة، تشير إلى أن العملية قد تستغرق وقتًا أطول مما كان متوقعًا سابقًا". ويؤكد هذا التصريح التحديات التي يواجهها الفيدرالي في الموازنة بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي.

توقعات أداء الذهب في عام 2025

رغم التقلبات الحالية، توقعت HSBC في مذكرة بحثية أن الزخم الصعودي للذهب قد يستمر في المدى القريب وحتى بداية عام 2025. وأوضحت المذكرة أن استمرار هذا الاتجاه الصعودي يعتمد على مجموعة من العوامل، أبرزها:

• وتيرة نمو الاقتصاد العالمي.

• توقعات التضخم والسياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى.

• الطلب الفعلي على الذهب من قبل المستثمرين والصناديق الاستثمارية.

مع ذلك، حذرت HSBC من أن عوامل مادية ومالية قد تحد من هذا الارتفاع وتدفع الأسعار إلى الانخفاض بشكل معتدل بحلول نهاية العام المقبل.

في المقابل، خفضت مجموعة "غولدمان ساكس" توقعاتها بشأن وصول الذهب إلى مستوى 3000 دولار للأونصة إلى منتصف عام 2026، عازية ذلك إلى التوقعات بتخفيض محدود في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

تدفقات الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب

في تطور إيجابي، أشار تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي إلى تسجيل الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب أول تدفق إيجابي لها منذ أربع سنوات. ويعكس هذا التدفق المتزايد اهتمام المستثمرين المتجدد بالذهب كملاذ آمن وسط التقلبات الاقتصادية والسياسية العالمية.

وتُعتبر الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب وسيلة شائعة للاستثمار في المعدن النفيس، حيث توفر للمستثمرين التعرض لحركة أسعار الذهب دون الحاجة إلى شراء المعدن فعلياً.

سعر الذهب والدولار اليوم

في ظل هذه التطورات، ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.16% ليصل إلى 2666 دولارًا للأوقية، في حين ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.4% لتصل إلى 2683 دولارًا للأوقية.

على الجانب الآخر، شهد مؤشر الدولار الأمريكي ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% ليصل إلى 109.04 نقطة. ويُعتبر مؤشر الدولار من العوامل الرئيسية التي تؤثر على أسعار الذهب، حيث يؤدي ارتفاع الدولار إلى زيادة تكلفة المعدن على المشترين من خارج الولايات المتحدة، مما قد يحد من الطلب عليه.

تحركات المعادن الأخرى

إلى جانب الذهب، شهدت المعادن الثمينة الأخرى تغيرات في الأسعار:

• الفضة: ارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 30.16 دولارًا للأوقية.

• البلاتين: تراجع سعر البلاتين بنسبة 0.5% ليصل إلى 951.23 دولارًا للأوقية.

• البلاديوم: انخفض البلاديوم بنسبة 0.5% ليصل إلى 924.04 دولارًا للأوقية.

وتعكس هذه التحركات تباين الطلب على المعادن المختلفة، حيث يتأثر كل منها بعوامل خاصة مثل الطلب الصناعي والتطورات في الأسواق العالمية.

خلاصة

تظل أسعار الذهب تحت ضغط عوامل متعددة، من بينها عمليات جني الأرباح، وتوقعات السياسة النقدية الأمريكية، وتغيرات سوق العمل. ومع استمرار حالة عدم اليقين، يترقب المستثمرون تقرير الوظائف المنتظر يوم الجمعة للحصول على مزيد من الإشارات حول مسار أسعار الفائدة. ورغم استمرار الزخم الصعودي على المدى القصير، فإن احتمالية حدوث تقلبات إضافية تظل قائمة في ظل البيئة الاقتصادية الحالية. ومن المرجح أن يظل الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين، خاصة إذا استمرت المخاوف بشأن التضخم والنمو الاقتصادي العالمي.