شهدت أسواق الذهب تراجعاً ملحوظاً مع خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، فيما أثرت نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية بفوز دونالد ترامب على توقعات المستثمرين بشأن الفائدة والسياسات الاقتصادية المقبلة.
في هذا المقال، نستعرض تأثير هذه التطورات على أسعار الذهب والمعادن الأخرى، وكذلك حركة الدولار الأمريكي وتوقعات الخبراء حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي في ظل الإدارة الجديدة.
أداء الذهب بعد خفض الفائدة وفوز ترامب
أسعار الذهب اليوم
انخفضت أسعار الذهب الفوري بنسبة 0.7% خلال تعاملات الجمعة لتصل إلى 2687.65 دولار للأونصة، مسجلةً بذلك تراجعاً أسبوعياً بنسبة تقارب 2% وجاء هذا التراجع بعد أن بلغت الأسعار أدنى مستوياتها في أكثر من ثلاثة أسابيع يوم الأربعاء الماضي، لكنها استعادت جزءًا من خسائرها بارتفاع تجاوز 1% في اليوم التالي.
تأثير صعود الدولار على أسعار الذهب
سجل مؤشر الدولار الأمريكي مكاسب طفيفة عقب فوز ترامب في الانتخابات، مما جعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين من خارج الولايات المتحدة قوة الدولار تعد عائقاً أمام ارتفاع أسعار الذهب، حيث يزداد الطلب على الدولار في السوق ويقل الطلب على المعادن الثمينة باعتبارها وسيلة للتحوط من المخاطر.
استقرت عقود مؤشر الدولار عند مستوى 104.40 نقطة، مما دعم قوة الدولار في السوق العالمي هذا الاستقرار يجعل الذهب والمعادن الأخرى أقل جاذبية للمستثمرين الدوليين، حيث يرتبط ارتفاع الدولار بتراجع الطلب على المعادن الثمينة.
حركة العقود الآجلة للذهب
تراجعت العقود الآجلة للذهب الأمريكية بنسبة 0.4% لتصل إلى 2694.50 دولار للأونصة، حيث يعكس هذا التراجع توقعات المستثمرين باستمرار تأثير فوز ترامب على سياسات الفائدة الأمريكية.
أداء المعادن الأخرى والدولار
أداء الفضة والبلاتين والبلاديوم
شهدت المعادن الأخرى أيضاً تراجعات ملحوظة، حيث انخفض سعر الفضة الفوري بنسبة 1.39% ليصل إلى 31.55 دولار للأونصة، وتراجع البلاتين بنسبة 0.95% ليصل إلى 987.75 دولار، بينما انخفض البلاديوم بنسبة 1.51% ليصل إلى 1009.00 دولار.
أثر خفض الفائدة على أسعار الذهب
قام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل نطاق الفائدة إلى 4.75%، وهو الخفض الثاني على التوالي ويعد هذا القرار استجابةً لتوقعات السوق، إذ يسعى الفيدرالي إلى ضبط السيولة في السوق المالي لدعم الاقتصاد.
تصريحات رئيس الفيدرالي
في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد الإعلان عن خفض الفائدة، أشار رئيس الفيدرالي جيروم باول إلى استمراره في منصبه على الرغم من الضغوط السياسية وتعتبر هذه التصريحات مهمة، إذ أنها تؤكد استقلالية الفيدرالي في اتخاذ قراراته بعيداً عن الضغوط السياسية المحتملة من إدارة ترامب.
توقعات السوق حول تأثير فوز ترامب
تتوقع الأسواق أن إدارة ترامب ستعتمد على رفع التعريفات الجمركية وخفض الضرائب، إضافةً إلى تخفيف القوانين التنظيمية، مما قد يؤدي إلى زيادة التضخم ويعتقد الاقتصاديون في وول ستريت أن هذه السياسات ستعزز من فرص استمرار خفض الفائدة، ولكن بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً قبل الانتخابات.
قال سوني كوماري، محلل استراتيجيات السلع في ANZ، إن حالة عدم اليقين بشأن مسار خفض الفائدة في الولايات المتحدة تلقي بظلالها على سوق الذهب وأضاف أن السوق كان ينتظر دافعاً لتصفية بعض المراكز، وهو ما أدى إلى التراجع الأخير.
في السياق ذاته، قال هوغو باسكال، تاجر معادن ثمينة في InProved، إن السياسات التضخمية المتوقعة لترامب، مثل العجز المالي المرتفع وفرض الرسوم الجمركية، قد تؤدي إلى دعم أسعار الذهب على المدى الطويل.
العوامل الاقتصادية المؤثرة على توقعات الفيدرالي
على الرغم من النمو القوي في الاقتصاد الأمريكي، إلا أن معدلات التوظيف ضعيفة نسبياً، مع استمرار الإنفاق الاستهلاكي بقوة وهذا الوضع يضع الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب، حيث أن خفض تكاليف الاقتراض قد يؤدي إلى نمو مفرط في الاقتصاد وربما عودة التضخم إلى الارتفاع.
توقعات المستقبل حول أسعار الذهب والدولار
يرى الخبراء أن أسعار الذهب قد تستمر في التذبذب بناءً على التغيرات المحتملة في سياسات الفيدرالي فالأرباح التي حققها الذهب في الربع الثالث من العام مدعومة بالتفاؤل حيال خفض الفائدة، إلى جانب طلب قوي من البنوك المركزية والشراء لأغراض التحوط. ويرى المحللون أن استقرار السياسات النقدية قد يعزز استقرار السوق على المدى الطويل.
ختاماً : يتوقع أن تستمر تأثيرات فوز ترامب وخفض الفائدة على أسواق الذهب والدولار خلال الأشهر المقبلة، خاصةً في ظل السياسات الاقتصادية المتوقعة التي قد تزيد من معدلات التضخم
ويبقى الذهب ملاذاً آمناً للكثير من المستثمرين في أوقات عدم اليقين، خاصة مع استمرار حالة التذبذب في الاقتصاد العالمي، وهو ما يضيف المزيد من الديناميكية والتحديات في سوق المعادن الثمينة.
