أسعار الذهب ترتفع مع تزايد الطلب على الملاذ الآمن وتجدد التوترات الجيوسياسية والتجارية
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، مدعومة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية بعد فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية جديدة على واردات من كندا، المكسيك، والصين.
يأتي هذا في وقت يتوقع فيه المستثمرون بيانات اقتصادية قد تؤثر على توجهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. ومع استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق المالية، تزايدت التوقعات بشأن أداء الذهب في الفترة المقبلة.
أداء الذهب في الأسواق العالمية
تحولت أسعار الذهب إلى الارتفاع خلال تعاملات الثلاثاء، حيث ارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.75% ليصل إلى 2,914 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 14:00 بتوقيت تركيا كما صعدت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.82% لتصل إلى 2,925.11 دولارًا للأونصة جاء هذا الارتفاع مدعومًا بضعف الدولار، حيث تراجعت عقود مؤشر الدولار بنسبة 0.43% إلى 106.210 نقطة.
وقد شهدت الأسواق العالمية حالة من التقلبات الملحوظة، حيث زادت المخاوف من تداعيات السياسة التجارية الأمريكية على الاقتصاد العالمي، مما عزز الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي.
أداء المعادن الأخرى
شهدت المعادن النفيسة الأخرى تحركات متباينة، حيث ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 0.41% إلى 31.82 دولارًا للأونصة، بينما زاد البلاتين بنسبة 0.2% إلى 955.42 دولارًا. في المقابل، تراجع البلاديوم بنسبة 1.47% ليصل إلى 947.00 دولارًا للأونصة.
ويعكس هذا الأداء المتفاوت اختلاف العوامل المؤثرة على كل معدن، حيث يرتبط البلاتين والبلاديوم بشكل أساسي بصناعات السيارات والإلكترونيات، مما يجعلهما أكثر تأثرًا بالطلب الصناعي، بينما تستفيد الفضة والذهب بشكل أكبر من حالة عدم اليقين الاقتصادي.
الذهب عند التسوية أمس
عززت أسعار الذهب مكاسبها خلال تعاملات الإثنين، مع تزايد الطلب على الملاذ الآمن واستعداد الولايات المتحدة لفرض رسوم جمركية على الواردات من شركاء تجاريين رئيسيين، فضلًا عن تجدد التوترات الجيوسياسية عالميًا.
وعند تسوية التداولات، ارتفعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم شهر أبريل بنسبة 1.85% أو 52.6 دولار عند 2901.1 دولار للأوقية.
التعريفات الجمركية وتأثيرها على الأسواق
دخلت التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضتها الإدارة الأمريكية حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء، حيث فرضت الولايات المتحدة رسومًا بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، مع مضاعفة الرسوم على السلع الصينية إلى 20%.
وقد أدى ذلك إلى تصاعد النزاعات التجارية مع أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما أثار مخاوف المستثمرين من تأثير هذه السياسات على النمو الاقتصادي العالمي.
وردّت الصين بسرعة بفرض تعريفات إضافية تتراوح بين 10% و15% على بعض الواردات الأمريكية اعتبارًا من 10 مارس، إلى جانب قيود جديدة على تصدير بعض المنتجات إلى كيانات أمريكية محددة، ما أدى إلى تفاقم التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
ويُنظر إلى هذه التعريفات الجمركية على أنها إجراءات تضخمية، حيث تؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع المستوردة، مما يزيد الضغوط على المستهلكين والشركات، ويدفع المستثمرين إلى البحث عن الأصول الآمنة مثل الذهب.
التضخم والسياسات النقدية وتأثيرها على الذهب
مع تصاعد المخاوف بشأن التضخم، يزداد الإقبال على الذهب باعتباره أحد الأدوات الرئيسية للتحوط ضد فقدان القيمة النقدية. وقد سجل المعدن النفيس مكاسب بنحو 10% منذ بداية العام، مما يعكس تزايد القلق من تأثير السياسات الاقتصادية الحالية على استقرار الأسواق المالية.
غير أن ارتفاع معدلات التضخم قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، وهو ما قد يؤثر سلبًا على جاذبية الذهب باعتباره أصلًا لا يدر عوائد. وإذا قرر الفيدرالي الأمريكي تأجيل خفض الفائدة أو رفعها مجددًا، فقد يشهد الذهب ضغوطًا بيعية من قبل المستثمرين الباحثين عن العوائد المرتفعة في الأصول الأخرى.
ترقب الأسواق للبيانات الاقتصادية
يترقب المستثمرون بيانات التوظيف الخاصة بشركة ADP يوم الأربعاء، وتقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة يوم الجمعة، حيث من المتوقع أن توفر هذه البيانات مؤشرات مهمة حول مسار أسعار الفائدة الفيدرالية. وتشير التوقعات إلى أن أي ضعف في سوق العمل قد يدعم التوقعات بخفض أسعار الفائدة لاحقًا هذا العام، مما قد يعزز من أداء الذهب.
إضافة إلى ذلك، فإن البيانات الاقتصادية الأخرى مثل معدل التضخم الأساسي ومبيعات التجزئة ستلعب دورًا مهمًا في تحديد توجهات الأسواق، حيث ستوفر إشارات حول مدى قدرة الاقتصاد الأمريكي على تحمل الضغوط الحالية.
توقعات أسعار الذهب
أكد بنك "جيه بي مورغان" أنه لا يزال يحتفظ برؤية صعودية طويلة الأمد للذهب، محددًا مستهدفًا سعريًا يقترب من 3000 دولار للأونصة بحلول الربع الرابع من عام 2025. كما توقع "غولدمان ساكس" أن تؤدي حالة عدم اليقين السياسي، بما في ذلك النزاعات التجارية، إلى رفع أسعار الذهب إلى 3300 دولار للأونصة بحلول نهاية العام الجاري.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، يرى محللون أن استمرار التوترات التجارية والسياسات النقدية الحذرة قد يدفع بأسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة في الأشهر المقبلة، خاصة مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية عالميًا.
خاتمة
وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية، والتقلبات في السياسة النقدية الأمريكية، يظل الذهب أحد الأصول الأكثر جذبًا للمستثمرين الباحثين عن الحماية ضد التضخم وعدم اليقين الاقتصادي ومع ترقب البيانات الاقتصادية القادمة، قد نشهد تحركات أكثر حدة في أسعار المعدن النفيس خلال الفترة المقبلة، حيث ستحدد التطورات في الأسواق مدى استمرارية الاتجاه الصعودي للذهب.