اليورو يشهد هبوطاً حاداً ليسجل أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2022 أمام الدولار الأمريكي

شهد اليورو هبوطًا حادًا أمام الدولار الأمريكي خلال تعاملات الجمعة، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2022، متأثرًا ببيانات اقتصادية سلبية في منطقة اليورو. يأتي هذا التراجع في ظل توقعات متزايدة بأن يلجأ البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة، في حين يستفيد الدولار من تحسن التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة.

أداء اليورو والدولار في الأسواق

سجل اليورو انخفاضًا بنسبة 0.5% أمام الدولار، ليصل إلى 1.042 دولار بحلول الساعة 01:35 مساءً بتوقيت مكة المكرمة ولامس اليورو مستوى 1.0335 دولار في وقت سابق من الجلسة، وهو الأدنى منذ ديسمبر 2022.

 

في المقابل، ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له في 13 شهرًا، مدعومًا بتوقعات متزايدة لاستمرار السياسة النقدية المتشددة في الولايات المتحدة حيث سجل 107.57 عند الساعة 15:30 .

 

على الجانب الآخر، استفاد الدولار الأمريكي من توقعات بأن السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي الجديد قد تعزز التضخم وتدعم الاقتصاد وارتفع الدولار بنحو 3% خلال الشهر الجاري، مما يضع ضغطًا إضافيًا على العملات المنافسة مثل اليورو.

 

اقرأ أيضاً : انخفاض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر أمام الدولار الأمريكي

بيانات اقتصادية ضعيفة في منطقة اليورو

تزامن تراجع اليورو مع صدور بيانات مؤشر مديري المشتريات التي أظهرت انكماش نشاط الأعمال في منطقة اليورو خلال نوفمبر. وانخفض المؤشر المركب للإنتاج -الذي يقيس أداء القطاعين الصناعي والخدمي- إلى 48.1 نقطة مقارنة بـ50 نقطة في أكتوبر، مما يشير إلى تحول النشاط الاقتصادي في المنطقة نحو الانكماش.

  • قطاع الخدمات: انخفض مؤشر مديري المشتريات الخدمي إلى 49.2 نقطة من 51.6 نقطة، وهو أول انكماش له منذ 10 أشهر.
  • قطاع التصنيع: تراجع المؤشر الصناعي إلى 45.2 نقطة من 46 نقطة، ما يعكس استمرار الركود في القطاع.

تباين الأداء بين اقتصادات منطقة اليورو

أظهرت البيانات استمرار التفاوت في أداء اقتصادات منطقة اليورو:

  • ألمانيا: انخفض المؤشر المركب للإنتاج إلى 47.3 نقطة، وهو أدنى مستوى في 9 أشهر، ما يعكس انكماشًا أعمق في أكبر اقتصادات أوروبا.
  • فرنسا: سجل المؤشر 44.8 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ يناير الماضي، ما يعكس تسارع وتيرة الانكماش.

توقعات السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي

زادت الأسواق من رهاناتها على خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، مع ارتفاع احتمالية خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 50% بعد أن كانت التوقعات تشير إلى 15% فقط في وقت سابق.

 

المحلل "أندرو كينينجهام" من "كابيتال إيكونوميكس" صرّح لشبكة "سي إن بي سي" أن البيانات تشير إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو خلال الربع الرابع، متوقعًا نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% فقط.

 

ويراهن متداولو العملات على أن أجندة سياسات الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً دونالد ترمب ستعيد إشعال التقلبات في سوق الصرف الأجنبي، التي تبلغ قيمتها 7.5 تريليون دولار يومياً.

بعد أعوام من التحركات المستقرة، شهد مؤشر التقلبات السنوية لسعر صرف اليورو مقابل الدولار ارتفاعاً ملحوظاً عقب الانتخابات الأميركية وتتجه صناديق التحوط إلى شراء عقود الخيارات التي تدفع أرباحاً إذا زادت تقلبات العملات، فيما أجرى الاستراتيجيون مراجعات جذرية لتوقعاتهم بشأن العملات.

ورغم أنه لم يتضح بعد مدى السرعة التي سينفذ بها ترمب سياسات مثل الرسوم الجمركية التي قد تلحق أضراراً كبيرة بعملات مثل اليورو، فإن المستثمرين يدركون أن عدم القدرة على التنبؤ ستكون السمة الأبرز لفترة ولايته كما أن ردود فعل الدول على تدابير ترمب وتأثيرها على الأسواق تضيف مزيداً من الغموض.

قال جوليان فايس، رئيس قسم خيارات العملات الأجنبية لمجموعة العشر لدى "بنك أوف أميركا": "إنها بيئة تجعل سوق الصرف الأجنبي أكثر إثارة للاهتمام"، مشيراً إلى أن الطلب على المنتجات طويلة الأجل قد انتعش وأضاف أن "أي صندوق تحوط في العالم، حتى لو كان يركز على الأسهم، بدأ فجأة في زيادة تعرضه للعملات الأجنبية".

 

وقال دومينيك بونينغ، رئيس استراتيجية مجموعة العشر لدى "نومورا" (Nomura): "نتوقع أن تؤدي سياسات ترمب المحتملة إلى توفير مساحة أكبر لتباين الاقتصاد الكلي، مما سيؤدي إلى تحركات أكبر في سوق صرف العملات الأجنبية".

 

وقال شهاب جالينوس، رئيس قسم أبحاث العملات العالمية لدى "يو بي إس"، إن "2025 سيكون عاماً مليئاً بالتقلبات وعدم اليقين. ما زلنا لا نعرف ما الذي سيحدث في عهد ترمب، وهناك الكثير من التيارات المتعارضة".

 

الخلاصة : يعكس تراجع اليورو أمام الدولار التحديات الاقتصادية التي تواجهها منطقة اليورو في ظل ضعف البيانات الاقتصادية وزيادة احتمالية خفض الفائدة. ومع استمرار قوة الدولار، يبقى اليورو تحت ضغط كبير، مما قد يدفع صناع القرار الأوروبيين إلى اتخاذ خطوات حاسمة لدعم الاقتصاد في المرحلة المقبلة.

تم التحديث في: الجمعة, 22 تشرين الثاني 2024 15:37
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول