توقعات انخفاض اليورو إلى مستوى الدولار: المخاطر الاقتصادية وتأثير الانتخابات الأمريكية

تتصاعد المخاطر المحيطة بانخفاض قيمة اليورو إلى مستوى الدولار الأمريكي في الأسواق المالية، وذلك في أعقاب خفض أسعار الفائدة الذي تم مؤخرًا كما أن التوقعات بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية تثير مخاوف من نشوب حرب تجارية عالمية قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الأوروبي.

خفض أسعار الفائدة وتأثيره

التحذيرات من كريستين لاغارد

بعد تصريحات ترامب بشأن استهداف الرسوم الجمركية الأمريكية لأوروبا، حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، من أن هذه الحواجز قد تشكل "مخاطر هبوطية" على الاقتصاد الأوروبي المتعثر وقد أعلنت لاغارد عن خفض أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي، مما أثار توقعات بتخفيضات أكبر في المستقبل.

تأثيرات سوق العملات

نتيجة لهذه الأحداث، انخفض اليورو، مما جعله يسجل خسائر للأسبوع الثالث على التوالي مقابل الدولار الأمريكي، ليصل إلى أدنى مستوياته مقابل الجنيه الإسترليني منذ عام 2022 وارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له في أكثر من شهرين ونصف الشهر، بعد صدور بيانات مبيعات التجزئة التي تفوق التوقعات.

توقعات السوق

التوقعات بشأن الاحتياطي الفيدرالي

زاد ارتفاع الدولار من توقعات المتداولين بخفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، وهو خفض أقل مما بدأ به البنك المركزي الأمريكي دورة خفض أسعار الفائدة في سبتمبر.

تأثير ترامب على الدولار

تشير التوقعات المتزايدة بفوز ترامب إلى احتمال فرض رسوم جمركية جديدة قد تدعم قيمة الدولار الأمريكي، مما يضيف ضغطًا إضافيًا على اليورو وخلال مقابلة مع "بلومبرغ" في وقت سابق من الأسبوع الحالي، وصف ترمب الرسوم الجمركية بأنها "أجمل كلمة في القاموس".

 

وأشار إلى أوروبا بقوله: "هل تعرفون ما الذي يصعب التعامل معه؟ إنه الاتحاد الأوروبي. يعاملوننا بصورة سيئة للغاية ونعاني من عجز تجاري معهم".

أداء اليورو أمام العملات الأخرى

التقاط الأنفاس في السوق الأوروبية

ارتفع اليورو يوم الجمعة بعد سلسلة من الخسائر، حيث سجل سعر صرف اليورو مقابل الدولار 1.0866. ومع ذلك، فإن الارتفاع الأخير لا يمكن أن يخفي الاتجاه النزولي الذي شهدته العملة الموحدة.

التوقعات المستقبلية

شهد الدولار ارتفاعًا بنسبة 3% على مدار ثلاثة أسابيع مقابل اليورو، وهو أعلى ارتفاع منذ منتصف عام 2022. وقد خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة الرئيسية إلى 3.40%، وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2023.

 

اقرأ أيضاً : ارتفاع تاريخي ومكاسب قوية لأونصة الذهب وسط اضطرابات جيوسياسية وتوقعات اقتصادية

التوجهات الاقتصادية

تحذيرات من التدهور الاقتصادي

على الرغم من أن تخفيض أسعار الفائدة كان متوقعًا، إلا أن السرعة المتزايدة في هذا التوجه تشير إلى تدهور التوقعات الاقتصادية. كما حذرت لاغارد من أن بيانات التضخم الأخيرة تشير إلى أن التضخم قد يرتفع مرة أخرى في الجزء الأخير من العام.

توقعات الأسواق المالية

تشير التوقعات إلى أن احتمال تساوي سعر صرف اليورو مقابل الدولار ليس ببعيد، خاصة إذا فاز ترامب وأقر رسومًا على نطاق واسع. يتزايد شعور السوق السلبية، مع تعزيز المضاربين رهاناتهم على هبوط اليورو.

العوامل المؤثرة في العملات

التأثيرات الجيوسياسية

يعتبر ضعف الاقتصاد الأوروبي أكثر عرضة للمخاطر، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ووجود احتمال فرض رسوم أمريكية جديدة. وقد تؤدي هذه الرسوم إلى تقليص التجارة العالمية بينما تنخفض أسعار الفائدة.

آراء الخبراء

قال بنك يو بي إس: "نتوقع أن يضعف الدولار الأمريكي بنسبة متوسطة من خانة واحدة على مدار الاثني عشر شهرًا القادمة"، وأضاف بنك يو بي إس: "يمكن العثور على بدائل الدولار الأمريكي الأكثر جاذبية في الفرنك السويسري والجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي".

 

وأضاف البنك السويسري أن سويسرا لديها واحدة من أدنى معدلات الفائدة على مستوى العالم، مما يعني أنه ليس لديها الكثير لتخفيضه في دورة التيسير العالمية.

 

يقول مايكل هارت، كبير الخبراء الاستراتيجيين للعملات، إن تساوي اليورو مع الدولار هو احتمال وارد. كما تحذر بنوك مثل "دويتشه بنك" و"جيه بي مورغان" من مخاطر هذا السيناريو قبل نهاية العام.

 

قال أروب شاترجي، خبير استراتيجي في بنك "ويلز فارغو": "نفضل الرهان على الدولار مقابل اليورو نظراً لحساسية أوروبا تجاه التغيرات في السياسة الخارجية، واحتمال فرض رسوم جمركية واسعة النطاق في عهد ترمب".

عادة ما يُنظر إلى اليوان الصيني والبيسو المكسيكي والين الياباني على أنها العملات الأكثر تأثراً بالقيود التجارية الأميركية الجديدة، لكن ضعف الاقتصاد الأوروبي يعرض اليورو للمخاطر. ويمكن أن تؤدي الرسوم الأميركية إلى تقليص التجارة العالمية، في الوقت الذي يتباطأ فيه النمو وتعمل فيه البنوك المركزية على خفض أسعار الفائدة.

حرب تجارية عالمية

رغم أن نتائج الانتخابات لا تزال متقاربة، يقول جورج سارافيلوس، رئيس قسم بحوث العملات الأجنبية العالمي في "دويتشه بنك"، إن حرباً تجارية عالمية بما في ذلك الصين ستدفع البنك المركزي الأوروبي لتخفيض أسعار الفائدة بطريقة أكثر قوة مما تتوقعه الأسواق حالياً.

وكتب سارافيلوس في وقت سابق من الشهر الحالي: "من شأن هذا أن يأخذ فروق أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، ومن ثم يصبح اليورو الواحد يساوي دولار أميركي واحد".

 

خاتمة : يبدو أن تزايد الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية يزيد من احتمال انخفاض اليورو إلى مستوى الدولار الأمريكي. من الضروري متابعة التطورات الاقتصادية والسياسية عن كثب، حيث قد تتطلب هذه الظروف اتخاذ قرارات مالية استراتيجية للحفاظ على القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.

تم التحديث في: السبت, 19 تشرين الأول 2024 11:24
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول