الدولار يعزز مكاسبه وسط توقعات بتباطؤ خفض الفائدة وزيادة فرص فوز ترامب
شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا اليوم، محققًا أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر مقابل سلة من العملات الرئيسية يأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بتوقعات بتباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى زيادة الرهانات على فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
في هذا المقال، سنستعرض العوامل المؤثرة على هذا الصعود، بالإضافة إلى التوقعات المستقبلية لسعر الدولار وتأثيره على العملات الأخرى.
أداء مؤشر الدولار: قراءة شاملة للأرقام
سجل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات كبرى، بما في ذلك اليورو والين الياباني، مستوى 104.30 نقطة بحلول الساعة 04:37 بتوقيت غرينتش
وعلى الرغم من أن هذا المستوى يقل قليلًا عن ذروة 104.57 التي بلغها الدولار خلال الليل، إلا أنه يعكس بوضوح حالة الاستقرار والقوة التي يتمتع بها الدولار حاليًا هذه المستويات لم تشهدها الأسواق منذ 30 يوليو/تموز، مما يؤكد الثقة المتزايدة في قوة الاقتصاد الأمريكي.
التأثيرات الاقتصادية الكلية على الدولار
تعززت هذه المكاسب بفضل سلسلة من المؤشرات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعليقات من كبار مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذين يدعمون تشديد السياسة النقدية.
وفقًا لأداة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة "سي.إم.إي"، تقلصت الرهانات على حجم التيسير النقدي المتوقع من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال الفترة المتبقية من هذا العام، مما أسهم في دعم الدولار.
على وجه الخصوص، انخفضت توقعات خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماعين المتبقيين لعام 2024 إلى نحو 66%، بعد أن كانت عند مستوى 70% في اليوم السابق، و86% في الأسبوع السابق.
توقعات خفض أسعار الفائدة
حاليًا، يتوقع المستثمرون أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط مرة واحدة قبل نهاية العام، بينما تراجعت احتمالات عدم إجراء أي تخفيضات إلى 2% هذا التراجع في توقعات خفض الفائدة يعكس التحسن المستمر في أداء الاقتصاد الأمريكي، الذي يتسم بمرونة فاقت التوقعات في ظل الظروف الاقتصادية العالمية غير المستقرة.
ارتفاع عوائد سندات الخزانة وتأثيرها
عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات
واحدة من العوامل الرئيسية التي دعمت الدولار هي الارتفاع المستمر في عوائد سندات الخزانة الأمريكية وصلت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.26%، وهو أعلى مستوى لها في ثلاثة أشهر، ما عزز الطلب على الدولار الأمريكي كأصل ملاذ آمن.
يعد هذا الارتفاع نتيجة مباشرة للتوقعات بتشديد السياسة النقدية من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى الأداء الاقتصادي القوي للولايات المتحدة.
تأثير ارتفاع العوائد على الين الياباني
عادةً ما يتراجع الين الياباني عندما ترتفع عوائد السندات الأمريكية، وهو ما حدث بالفعل في هذا السياق فقد ارتفع الدولار أمام الين ليصل إلى 153.19 ين، وهو أعلى مستوى له منذ 31 يوليو/تموز ويعود هذا التراجع في الين إلى الفجوة المتزايدة بين السياسات النقدية لكل من الولايات المتحدة واليابان، حيث تواصل اليابان اتباع سياسة نقدية مرنة.
اقرأ أيضاً : مقترح أميركي يشعل أسعار البلاديوم .. والذهب يرتفع وسط توترات جيوسياسية ومخاوف اقتصادية
وزير المالية يحذر من المضاربة على الين
حذر وزير المالية الياباني، "كاتسونوبو كاتو"، من المضاربة على الين الياباني، معبرًا عن مخاوفه بشأن التحركات السريعة "أحادية الجانب" في سوق العملات التي قد تؤدي إلى مزيد من تراجع قيمة الين.
وخلال اجتماع زعماء مالية مجموعة العشرين الذي عقد يوم الأربعاء، أكد "كاتو"، وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز"، على أهمية استقرار أسعار العملات، مشيرًا إلى أن الحكومة تراقب عن كثب تحركات سوق الصرف، لا سيما تلك التي تنطوي على مضاربات سريعة.
يولي المسؤولون اليابانيون اهتمامًا خاصًا لتحركات الين، فبالرغم من أن ضعف العملة يعزز تنافسية الصادرات اليابانية، إلا أن استمرار تراجع الين يثير مخاوف بسبب تأثيره السلبي على الأسر اليابانية، حيث أدى إلى ارتفاع الأسعار وزيادة تكلفة الواردات.
ويرجع هذا التراجع في قيمة الين إلى السياسة النقدية المتساهلة التي اعتمدها بنك اليابان في الفترة الماضية، بالإضافة إلى تصريحات محافظ البنك، "كازو أويدا"، التي أشار فيها إلى أنه لن يتسرع في رفع أسعار الفائدة من مستوياتها الحالية، مما ساهم في إضعاف الين بشكل إضافي
العوامل السياسية المؤثرة على الدولار
ارتفاع التوقعات بفوز ترامب
بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية، شهد الدولار دعمًا قويًا من التوقعات المتزايدة بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة. يعتبر ترامب من أبرز المرشحين عن الحزب الجمهوري، ومن المتوقع أن يؤدي فوزه إلى تنفيذ سياسات اقتصادية تضخمية، مثل فرض رسوم جمركية على الواردات.
هذه السياسات من شأنها تعزيز الطلب على الدولار على المدى القصير، خاصة إذا تسببت في تحفيز التضخم ودفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية.
الانتخابات الرئاسية وتأثيرها على تحركات السوق
ومع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، التي لم يتبقَ عليها سوى أسبوعين، تتجه أنظار المتداولين نحو الأصول الأمريكية كملاذ آمن يعكس هذا التحول إلى الدولار الخوف من اضطرابات سوقية محتملة في ظل عدم اليقين السياسي في الوقت نفسه، ارتفعت تكلفة التحوط ضد تقلبات الدولار إلى أعلى مستوى لها في 19 شهرًا، مما يعكس زيادة المخاطر المحتملة.
تعليق الخبراء حول التحوط ضد فوز ترامب
علق جوردان روتشستر، الخبير الاستراتيجي في الاقتصاد الكلي لدى "ميزوهو"، على هذا السياق قائلًا: "إذا لم تقم بالتحوط في محفظتك ضد ارتفاع احتمالات فوز ترامب، فسوف تبدو أحمقًا".
هذا التصريح يعكس المخاوف التي تسيطر على الأسواق بشأن تداعيات فوز ترامب على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، حيث شهدت الأسواق عمليات شراء واسعة للدولار، إلى درجة جعلت هذه المراكز الشرائية غير مجدية اقتصاديًا.
سعر صرف اليورو والاسترليني اليوم
سعر اليورو اليوم
تأثرت العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) بارتفاع الدولار، حيث تراجع اليورو إلى أدنى مستوى له في نحو أربعة أشهر ليصل إلى 1.07612 دولار خلال الليل. يعكس هذا الانخفاض المستمر ضعف الأداء الاقتصادي في منطقة اليورو مقارنة بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى تأثر اليورو بتوقعات الفائدة الأمريكية.
سعر الجنيه الإسترليني اليوم
من ناحية أخرى، استقر الجنيه الإسترليني عند مستوى 1.29255 دولار، بعد أن سجل أدنى مستوى له في خمسة أسابيع عند 1.29080 دولار يعاني الجنيه الإسترليني من ضغوط عديدة، بما في ذلك التباطؤ الاقتصادي في المملكة المتحدة وزيادة التوقعات بشأن قوة الدولار في المرحلة المقبلة.
التوقعات المستقبلية للدولار والعملات العالمية
استمرار الزخم الصعودي للدولار
يتجه الدولار نحو تسجيل أفضل أداء شهري له منذ عام 2022، مدعومًا بإعادة تقييم المتداولين لتوقعات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي والتحضيرات للانتخابات الرئاسية الأمريكية. تشير التوقعات إلى أن الدولار سيواصل هذا الزخم الصعودي على المدى القصير، خاصة مع تلاشي رهانات خفض أسعار الفائدة.
تأثير التوقعات الاقتصادية على السوق
تشير البيانات إلى أن التوقعات الاقتصادية الأمريكية قد تستمر في دعم الدولار في ظل استمرار المرونة الاقتصادية، وهو ما يدفع المستثمرين إلى إعادة النظر في توقعاتهم بشأن خفض الفائدة. حاليًا، يتوقع المتداولون خفضًا محدودًا لأسعار الفائدة بمقدار 40 نقطة أساس فقط خلال الاجتماعين المتبقيين للاحتياطي الفيدرالي، مقارنة بأكثر من 65 نقطة أساس كانت متوقعة في بداية أكتوبر.
المخاطر على العملات الأخرى
في المقابل، لا تزال التوقعات بالنسبة لليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني سلبية. حيث يواجه اليورو ضغوطًا مستمرة بسبب ضعف الأداء الاقتصادي في منطقة اليورو، في حين يعاني الجنيه الإسترليني من تباطؤ اقتصادي في المملكة المتحدة. أما الين الياباني، فلا يزال يواجه تحديات كبيرة بسبب استمرار الفجوة بين السياسات النقدية الأمريكية واليابانية.
الخاتمة : بفضل العوامل الاقتصادية والسياسية المؤثرة، يبدو أن الدولار الأمريكي سيواصل أداءه القوي على المدى القصير، مدفوعًا بتوقعات تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة وتزايد احتمالات فوز دونالد ترامب في الانتخابات المقبلة. ومع ذلك، تبقى الأسواق عرضة للتقلبات، حيث يتعين على المستثمرين مراقبة التطورات عن كثب واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة بناءً على توقعات السياسة النقدية الأمريكية والوضع السياسي العالمي.