الدولار يتخلى عن بعض مكاسبه وسط تجدد حالة عدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات التجارية العالمية

تخلى الدولار الأمريكي عن بعض مكاسبه يوم الخميس، وسط تجدد حالة عدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات التجارية العالمية، وخاصة بين الولايات المتحدة والصين وبينما فقد الدولار زخمه، ارتفع كل من اليورو والين والجنيه الإسترليني، مدعومين بعوامل اقتصادية وتحركات سياسية.

نستعرض في هذا التقرير كامل تفاصيل هذه التحركات والتحليلات التي صاحبتها، كما وردت من مؤسسات مالية كبرى.

أداء مؤشر الدولار الأمريكي اليوم

تراجع الدولار الأمريكي خلال تعاملات يوم الخميس، متخليًا عن جزء من مكاسبه الأخيرة، في وقت لا تزال فيه حالة عدم اليقين تحيط بالمشهد التجاري العالمي.

عند الساعة 11:45 صباحًا بتوقيت تركيا، انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.4% ليسجل 99.205، وذلك عقب ارتداد حاد من أدنى مستوى له في ثلاث سنوات سجله خلال الجلسة السابقة.

وكان الدولار قد شهد ارتفاعًا يوم الأربعاء مدفوعًا بتصريحات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تراجع عن تهديداته السابقة بإقالة جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، معربًا عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري محتمل مع الصين، قائلاً إن الاتفاق قد يقود إلى خفض "كبير" في الرسوم الجمركية.

إلا أن هذا التفاؤل لم يدم طويلًا، حيث بدا أن المستثمرين والمتداولين يحتاجون إلى مزيد من الأخبار الإيجابية والمحددة ليواصل الدولار ارتفاعه.

وفي مذكرة صادرة عن محللي ING، أشاروا إلى أن:

"لا توجد عملة من عملات مجموعة العشر الكبار تتمتع بتأثير إيجابي أعلى من الدولار الأمريكي عندما يتعلق الأمر بأخبار تخفيف الرسوم الجمركية. ما شهدناه في الأسابيع الماضية هو انحياز واضح تجاه المشاعر السلبية المحيطة بالدولار، والتي تعكس تراجع الثقة في الولايات المتحدة كبيئة استثمارية مستقرة."

وأضاف المحللون أن الأسواق ستكون سريعة في بيع الدولار عند أي تغير طفيف في لهجة ترامب بشأن الصين أو الاحتياطي الفيدرالي.

"بمعنى آخر، لن يعود المستثمرون لشراء الدولار بقوة إلا عندما يحصلون على تأكيد قوي بتحول إيجابي ودائم في السياسة الأمريكية."

اليورو يعاود الارتفاع بعد خسائر الأمس

افتتح اليورو تداولات السوق الأوروبية يوم الخميس على ارتفاع، مواصلًا تعويض بعض خسائره التي امتدت ليومين مقابل الدولار الأمريكي، ليتجه صعودًا مجددًا نحو أعلى مستوياته في 4 سنوات، وسط استمرار الضغوط والمخاطر المحيطة بالعملة الأمريكية.

وتتمثل أبرز هذه الضغوط في تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث تتوالى الإشارات المتضاربة من إدارة ترامب حول مستقبل الرسوم الجمركية على الواردات الصينية.

وارتفع زوج اليورو/دولار بنسبة 0.7% ليصل إلى 1.1389، وهو ما يبقي العملة الموحدة بعيدة عن أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاث سنوات (1.1573 دولار)، لكنها استفادت من تحسن غير متوقع في ثقة قطاع الأعمال الألماني.

وكان اليورو قد أنهى تعاملات الأربعاء بخسارة 0.95% مقابل الدولار، في ثاني تراجع يومي على التوالي، نتيجة عمليات تصحيح وجني أرباح بعد بلوغه مستويات مرتفعة تاريخيًا.

ومن الأسباب الأخرى لانخفاض اليورو مؤخرًا كانت تطمينات ترامب بشأن عدم إقالة باول، إلى جانب صدور بيانات ضعيفة من قطاع الخدمات الأوروبي.

لكن في المقابل، أصدر معهد إيفو يوم الخميس تقريرًا كشف فيه أن مؤشر مناخ الأعمال الألماني ارتفع إلى 86.9 نقطة في أبريل، مقابل 86.7 نقطة في مارس، وهو ما شكل مفاجأة إيجابية للأسواق، خاصة بعد البيانات التي صدرت يوم الأربعاء وأظهرت انكماش نشاط الأعمال في القطاع الخاص الألماني خلال نفس الشهر.

وواصلت ING تحليلاتها مشيرة إلى أن مستوى 1.130 في زوج اليورو/دولار يمثل نقطة دعم رئيسية، حيث أظهرت الأسابيع الأخيرة اهتمامًا شرائيًا قويًا عند هذا المستوى.

"اختراق حاسم أسفل هذا المستوى قد يفتح الباب لمزيد من التراجع، وربما يشير إلى تحول استراتيجي نحو بناء مراكز طويلة على الدولار."

الإسترليني والين يسجلان مكاسب مع تجدد التوترات التجارية

سجل زوج الجنيه الإسترليني/الدولار ارتفاعًا بنسبة 0.4% إلى 1.3300، بعد التراجع الحاد الذي شهده في الجلسة السابقة.

أما الين الياباني، فقد سجل صعودًا ملحوظًا خلال التداولات الآسيوية يوم الخميس مقابل سلة من العملات الرئيسية والثانوية، مواصلًا ارتفاعه بعد توقف استمر يومين أمام الدولار، مستفيدًا من تجدد الإقبال على العملة كملاذ آمن، في ظل استمرار تقييم المخاطر التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وشهدت الأسواق تباطؤًا تدريجيًا في الزخم الإيجابي العالمي الذي كان مدفوعًا بآمال تهدئة التوترات التجارية، وذلك بسبب التضارب في الإشارات الصادرة عن إدارة ترامب بشأن الرسوم الجمركية.

المركزي الياباني: ارتفاع الأجور والتضخم سيستمر رغم الضغوط التجارية

وفقًا لتقارير إعلامية، من المتوقع أن يُعلن بنك اليابان الأسبوع المقبل أن مخاطر ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية لن تعيق دورة ارتفاع الأجور والتضخم، وهو ما يعتبر شرطًا حاسمًا لمواصلة البنك رفع أسعار الفائدة.

وفي آسيا، تراجع زوج الدولار/ين بنسبة 0.5% إلى 142.66، مع تسجيل الين مكاسب بعد ورود تقارير تفيد بأن وزير الاقتصاد الياباني، ريوسي أكازاوا، سيزور واشنطن من 30 أبريل إلى 2 مايو للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات بشأن الرسوم الجمركية على السلع اليابانية.

وكان الين قد خسر 1.3% يوم الأربعاء مقابل الدولار، في أكبر خسارة يومية منذ 19 ديسمبر 2024، مسجلًا أدنى مستوى له في أسبوع عند 143.57 ين، نتيجة موجة انتعاش قوية في الأسواق العالمية.

ترامب يعتزم إعفاء شركات السيارات من بعض الرسوم الجمركية

ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز يوم الأربعاء أن ترامب يخطط لإعفاء شركات صناعة السيارات من بعض الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصين والمعادن، في خطوة قد تهدف إلى تهدئة التوترات مع بعض حلفاء الولايات المتحدة.

وتواجه اليابان حاليًا رسومًا جمركية أمريكية بنسبة 25% على السيارات، بالإضافة إلى رسوم معلقة بنسبة 24% على بعض منتجات الصلب.

أخيرًا، سجل زوج الدولار/يوان ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% ليصل إلى 7.2936 خلال جلسة هادئة، حيث لا يزال المتداولون في الأسواق الصينية يتسمون بالحذر الشديد تجاه مخرجات السياسات التجارية الأمريكية بقيادة إدارة ترامب، وما إذا كانت ستؤدي إلى اتفاق فعلي أو إلى تصعيد إضافي.