الدولار يتراجع بقوة متأثرًا بارتفاع عوائد السندات العالمية والتطورات السياسية والاقتصادية

شهد الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات الخميس، حيث انخفض مقابل أغلب العملات الرئيسية، متأثرًا بارتفاع عوائد السندات العالمية والتطورات السياسية والاقتصادية التي أثرت على شهية المستثمرين.

 

جاء هذا التراجع بعد أن أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن إعفاء مؤقت لصناعة السيارات في كندا والمكسيك من الرسوم الجمركية البالغة 25%، مما أثار حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل التجارة العالمية.

البيانات الاقتصادية وتأثيرها على العملة الأمريكية

واصل الدولار انخفاضه خلال تداولات الخميس، متأثرًا ببيانات اقتصادية سلبية زادت من المخاوف حول احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود. حيث كشفت بيانات التوظيف الصادرة عن مؤسسة "إيه دي بي" عن إضافة القطاع الخاص 77 ألف وظيفة فقط في شهر فبراير، وهي أدنى وتيرة توظيف منذ يوليو الماضي، وجاءت أقل بكثير من التوقعات التي أشارت إلى 148 ألف وظيفة.

 

ويأتي هذا التقرير قبل صدور بيانات الوظائف الأمريكية الرسمية يوم الجمعة، والتي تشير التوقعات إلى أنها ستظهر إضافة الاقتصاد الأمريكي لنحو 170 ألف وظيفة في فبراير، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 6.7%.

 

من ناحية أخرى، ارتفع مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخدمي الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) إلى 53.5 نقطة في فبراير، مقارنة بـ 52.8 نقطة في يناير، بينما كانت التوقعات تشير إلى انخفاضه عند 52.5 نقطة، ما يعكس تحسنًا طفيفًا في قطاع الخدمات رغم التباطؤ الاقتصادي العام.

أداء مؤشر الدولار وتحركات العملات الرئيسية

انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 1.5% ليصل إلى 104.16 نقطة، مسجلًا أدنى مستوياته منذ السادس من نوفمبر. في المقابل، شهدت العملات الرئيسية تحركات ملحوظة أمام الدولار:

  • اليورو ارتفع بنسبة 0.1% إلى 1.08 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ السابع من نوفمبر، وسط ترقب الأسواق لقرار البنك المركزي الأوروبي بشأن الفائدة، حيث تشير التوقعات إلى خفضها بمقدار ربع نقطة مئوية، لكن الأنظار تتجه إلى مستقبل السياسة النقدية للبنك.

  • الجنيه الإسترليني استقر عند 1.2897 دولار دون تغير يُذكر.

  • الين الياباني سجل ارتفاعًا ملحوظًا، حيث تراجعت العملة الأمريكية أمامه بنسبة 0.48% إلى 148.17 ين، مدعومًا بارتفاع عوائد السندات اليابانية.

  • الدولار الأسترالي ارتفع بنسبة 1.1% إلى 0.6338، مع تسجيل الناتج المحلي الإجمالي الأسترالي نموًا بنسبة 0.6% في الربع الأخير، بما يتماشى مع التوقعات.

  • الدولار الكندي صعد بنسبة 0.4% إلى 0.6975 مقابل نظيره الأمريكي.

الين الياباني تحت الضغط وارتفاع عائد السندات

رغم تحسن الين الياباني أمام الدولار، إلا أن الضغوط عليه لا تزال مستمرة، خاصة مع ارتفاع عوائد السندات اليابانية لأعلى مستوياتها في 16 عامًا. فقد ارتفع العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات بحوالي 8 نقاط أساس ليصل إلى 1.521%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2009. كما ارتفع العائد على السندات اليابانية لأجل 30 عامًا إلى 2.509%.

 

يأتي هذا الارتفاع في العوائد وسط موجة بيع عالمية للسندات، أشعلها قرار ألمانيا بزيادة الإنفاق على الدفاع، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض عالميًا. في السياق نفسه، صرح نائب محافظ بنك اليابان، "شينيتشي أوشيدا"، بأن البنك المركزي قد يرفع أسعار الفائدة بوتيرة تتماشى مع توقعات الأسواق المالية.

أداء الأسواق اليابانية وتأثير السياسة التجارية الأمريكية

شهدت الأسهم اليابانية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات الخميس، مدعومة بارتفاع عائدات السندات وعمليات شراء واسعة للأسهم. حيث صعد مؤشر نيكي بنسبة 0.77% ليصل إلى 37,704 نقاط، بينما ارتفع مؤشر توبكس الأوسع نطاقًا بنسبة 1.22% إلى 2,751 نقطة.

 

كما ارتفع سهم "سيفن أند آي هولدينجز"، الشركة الأم لسلسلة متاجر "7-إليفن"، بنسبة 6.11% بعد الإعلان عن تعيين "ستيفن داكوس" كمدير تنفيذي جديد، ليصبح أول مسؤول من خارج الشركة يتولى هذا المنصب.

 

من جهة أخرى، دعمت السياسة التجارية الأمريكية قطاع السيارات في اليابان، حيث ارتفع سهم "نيسان موتور" بنسبة 1.1% وسهم "هوندا موتور" بنسبة 2.02%، بعد إعلان البيت الأبيض عن إعفاء مؤقت لمدة شهر من الرسوم الجمركية المفروضة على شركات السيارات التي تلتزم بقواعد المنشأ التجارية لاتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.

التوقعات المستقبلية للدولار والأسواق المالية

يظل الدولار الأمريكي تحت الضغط مع استمرار المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، وتوقعات بخفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في المستقبل القريب. ومع تزايد حالة عدم اليقين حول التجارة العالمية، سيظل أداء الدولار مرتبطًا بتحركات الفيدرالي وبيانات الاقتصاد الأمريكي.

 

في المقابل، تتجه الأنظار إلى قرارات البنوك المركزية العالمية وتأثيرها على تدفقات الأموال والأسواق المالية، مع توقعات باستمرار تقلبات الأسواق في ظل البيانات المتباينة والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة.

تم التحديث في: الخميس, 06 آذار 2025 12:35
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول