أسعار القهوة ترتفع لأعلى مستوياتها منذ عام 1977 وسط تزايد المخاوف بشأن نقص المعروض العالمي

تشهد الأسواق العالمية للقهوة أزمة حادة مع تصاعد أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة منذ نصف قرن تقريبًا أثرت عوامل متعددة على هذه القفزة التاريخية، بدءًا من الظروف المناخية القاسية، وصولًا إلى تشريعات جديدة تحد من استيراد القهوة المزروعة في أراضٍ أزيلت منها الغابات.

أسعار القهوة اليوم

حبوب أرابيكا، المعروفة بجودتها العالية ونكهتها الغنية، ارتفعت بنسبة 4.7% يوم الأربعاء لتصل إلى 3.23 دولار للرطل في بورصة نيويورك، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 1977 وبهذا الارتفاع، تجاوزت أسعار أرابيكا حاجز 70% هذا العام.

 

أما حبوب روبوستا، التي تُستخدم بشكل رئيسي في القهوة الفورية وتتميز بتكلفتها الأقل، فقد ارتفعت بنسبة 7.7% في بورصة لندن لتسجل 5,507 دولار للطن، ما يعادل تقريبًا ضعف سعرها مقارنة ببداية العام.

أهم أسباب ارتفاع أسعار القهوة

الظروف المناخية في البرازيل

تعد البرازيل أكبر منتج عالمي لحبوب أرابيكا، إلا أن إنتاجها تعرض لضربة قاسية هذا العام بسبب تغيرات مناخية غير مسبوقة:

  • الجفاف الحاد: شهدت البلاد أسوأ موجة جفاف منذ 70 عامًا خلال شهري أغسطس وسبتمبر.
  • الأمطار الغزيرة: تسببت الأمطار الغزيرة في أكتوبر في إتلاف المحاصيل المزهرة، مما أثار مخاوف كبيرة بشأن انخفاض الإنتاج في الموسم المقبل.

صرّح توماس أراوجو، الشريك التجاري في شركة "ستون إكس"، أن الظروف المناخية دفعت محامص القهوة إلى حالة من الذعر، حيث تسعى لتأمين الإمدادات قبل حدوث أي نقص إضافي. وأوضح أن موسم 2025-2026 قد يشهد انخفاضًا أكبر في حصاد أرابيكا، مما يزيد الضغوط على السوق العالمية التي تعاني بالفعل من شح المعروض.

تحديات إنتاج روبوستا

إلى جانب الأزمة في البرازيل، شهدت فيتنام، أكبر منتج عالمي لحبوب روبوستا، ثلاث سنوات متتالية من الإنتاج المنخفض بسبب سوء الأحوال الجوية. ومع استمرار هذه الظروف، تفاقمت أزمة نقص الروبوستا في السوق العالمية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ.

 

قد يهمك : دليل شامل موسع عن سوق السلع ومزايا الاستثمار والتداول به وأهميته للمتداولين

تشريعات الاتحاد الأوروبي

فرض الاتحاد الأوروبي مؤخرًا تشريعات جديدة تمنع استيراد القهوة المزروعة على أراضٍ أزيلت منها الغابات. تطالب هذه القوانين المستوردين بإثبات أن القهوة المستوردة تتوافق مع معايير الاستدامة البيئية، وهو ما يزيد من التحديات أمام المنتجين والمستوردين.

 

رغم تأجيل تطبيق القانون لمدة 12 شهرًا، إلا أن المستوردين الأوروبيين بدأوا في تخزين القهوة مبكرًا لتجنب أي نقص مستقبلي. هذا الاندفاع نحو الشراء أدى إلى مزيد من الضغط على الأسواق وارتفاع الأسعار بشكل أكبر.

تأثير الأزمة على الأسواق الأميركية

لم تقتصر تداعيات الأزمة على أوروبا فحسب، بل امتدت إلى الولايات المتحدة، التي تمثل سوقًا رئيسيًا للقهوة، حيث تستورد نحو 23% من الإنتاج العالمي.

 

أوضح كارلوس ميرا، رئيس السلع الزراعية في "رابوبنك"، أن محامص القهوة الأميركية بدأت أيضًا في شراء الإمدادات مبكرًا لتجنب ارتفاع التكاليف الناتجة عن فرض رسوم جمركية جديدة. وقد ارتبط هذا التحرك بتصريحات الرئيس المنتخب دونالد ترامب حول إمكانية فرض ضرائب على الواردات فور توليه المنصب.

 

مع استمرار تصاعد الأسعار، أصبح المستهلكون هم الأكثر تضررًا، حيث بات من المتوقع أن يشهدوا زيادات إضافية في أسعار القهوة قريبًا. وقال ميرا إن هذه الزيادات قد تؤثر على عادات الاستهلاك، حيث يضطر المستهلكون إلى التكيف مع الأسعار الجديدة.

العوامل المسببة للأزمة

  1. التغيرات المناخية: أثرت الأحوال الجوية القاسية في البرازيل وفيتنام على الإنتاج العالمي لكل من أرابيكا وروبوستا.
  2. التشريعات البيئية: فرض قوانين صارمة من الاتحاد الأوروبي يحد من استيراد القهوة غير المستدامة.
  3. الاندفاع نحو الشراء: تسبب قلق محامص القهوة والمستوردين في زيادة الطلب بشكل كبير، مما رفع الأسعار.
  4. السياسات التجارية الأميركية: تهديدات بفرض رسوم جمركية دفعت المحامص إلى استيراد كميات إضافية.

هل تتفاقم الأزمة؟

في ظل استمرار الظروف المناخية غير المواتية وزيادة الضغوط التنظيمية، تبدو الأزمة بعيدة عن الحل. ويخشى الخبراء من أن يؤدي نقص المعروض إلى مزيد من الارتفاعات في الأسعار، مما يضع السوق العالمية للقهوة في حالة من عدم الاستقرار على المدى الطويل.

 

ختامًا: تعكس الأزمة الحالية في سوق القهوة التأثير الكبير للظروف المناخية والسياسات البيئية والتجارية على السلع الأساسية. وبينما تستمر الأسواق العالمية في التكيف مع هذه التحديات، يبدو أن المستهلك النهائي سيظل يدفع الثمن الأكبر مع تصاعد الأسعار.

تم التحديث في: الخميس, 28 تشرين الثاني 2024 11:50
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول