أهم الأسباب التي تدعم توقعات المستثمرين باستمرار تراجع الدولار الأمريكي
يتوقع المستثمرون المحترفون أن يتراجع الدولار عن أعلى مستوياته في عقدين والتي بلغها العام الماضي، بينما ترى السوق فرصاً ضئيلة لشروع الاحتياطي الفيدرالي في دورة تيسير نقدي.
يتوقع نحو 87% من 331 شاركوا في أحدث استطلاعات "إم إل آي في بالس" (MLIV Pulse) أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى 3% أو أقل، في دورة تيسير يعتقد 40% أن تبدأ هذا العام. يتناقض هذا مع تقييم السوق التي تضع معدل الفائدة في نطاق 3.05% في غضون عامين.
في المقابل، يتوقع المستثمرون المحترفون تراجع الدولار، مع وجود فجوة 17 نقطة مئوية بين أصحاب التوقعات المتشائمة والمتفائلة للعملة الأميركية. يذكر الكثيرون صراحة أنهم يتوقعون هبوط الدولار لأن مسار العائد المتوقع مرتفع للغاية. ومن المثير للاهتمام أن الرد الثاني الأكثر شيوعاً هو أن ضغوط القطاع المصرفي ستقتصر إلى حد بعيد على الولايات المتحدة، ما يعني أيضاً أن الفيدرالي سيضطر إلى أن يكون أكثر تيسيراً في السياسة النقدية من نظرائه العالميين.
قد يبدو الأمر غريباً للوهلة الأولى، إلا أنه توجد بالفعل سابقة تاريخية لخفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بحدة دون أن تحذو البنوك المركزية الأخرى حذوه. فخلال فترة انفجار فقاعة أسهم التكنولوجيا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والسنة التي سبقت انهيار بنك "ليمان براذرز"، تباعدت السياسة النقدية الأميركية بشدة عن نظيراتها العالمية. في الحالة الأخيرة، خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 325 نقطة أساس بين أغسطس 2007 وأبريل 2008، بينما رفعها البنك المركزي الأوروبي 25 نقطة أساس في يوليو 2008؛ وكان الدولار ضعيفاً للغاية خلال فترة ما قبل انهيار "ليمان".
لكن التوقعات المتشائمة للدولار ليست مجرد نتاج لمشكلات الولايات المتحدة. فمجموعة كبيرة على نحو مفاجئ من المستثمرين تعتقد بأن ارتفاع الين أو اليوان سيكون السبب الرئيسي لانخفاض الدولار.
التخلص من الدولرة؟
لماذا الأمر مفاجئ؟ أولاً، يبذل محافظ بنك اليابان الجديد كازو أويدا قصارى جهده حتى الآن ليكون بطيئاً قدر الإمكان، الأمر الذي لم يقدم أملاً يُذكر لمن يراهنون على وضع حد لسياسة التيسير النقدي الشديد التي أدت إلى ضعف الين. ومع ذلك، فإن لدى أويدا فرصة مواتية لإلغاء التحكم في منحنى العائد بينما يوجد ضغط ضئيل على أسعار الفائدة المحلية. وإذا اختار التحرك، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في قيمة الين. وهناك دليل على أنه حتى التغييرات البسيطة في سياسة بنك اليابان يمكن أن يكون لها تأثير كبير على العملة.
ثانياً، ارتفع "مؤشر سيتي غروب للمفاجآت الاقتصادية" للصين قرب أعلى مستوياته منذ 2006 هذا الشهر، ومع ذلك لم يرتفع اليوان سوى 1% مقابل سلة عملات منذ بداية 2023. يجب أن يرتفع اليوان، لكن من المقلق أنه لم يتأثر بهذه الأخبار السارة. وعليه، يصعب تخيل ما يمكن أن تفعله الصين أكثر كي تثير إعجاب المستثمرين. وبصرف النظر عن المخاطر الجيوسياسية المستمرة، ربما يكون الأمر ببساطة هو أن المستثمرين يحتاجون إلى وقت للتعود على فكرة عودة التجارة الصينية.
يأخذ المستثمرون على محمل الجد خطر الابتعاد عن العملة الأميركية بوتيرة متزايدة يبدو معها الأمر وكأنه اتجاه عام. فغالبية المستطلعة آراؤهم يرون أن الدولار سيشكل أقل من نصف الاحتياطيات العالمية في غضون 10 سنوات.
على الجانب الآخر، لا يزال هناك مضاربون على ارتفاع الدولار، لا سيما بين مجتمع التجزئة. فغالبية واضحة من محبي العملة الأميركية تعتقد بأن معدل الاحتياطي الفيدرالي للفائدة أقل من قيمته الحقيقية، مما يؤكد أن تصحيح اتجاه العملة سيصحح في نهاية المطاف مسار السياسة النقدية بالمثل.
ومن المثير للاهتمام أن خطر حدوث أزمة بخصوص سقف الدين يمر مرور الكرام تقريباً. ومع ذلك، تجادل قلة بأن البيئة السياسية اليوم شديدة الخطورة وأن المخاطر عالية مثلما كانت منذ سنوات عديدة. وكانت حالة 2011 أفضل نموذج للحكم على استجابة السوق المحتملة لأي حادث خطير. في ذلك الوقت، انخفضت العوائد بشكل كبير، ومع ذلك ارتفع الدولار خلال هذه الفترة إذ سيطر العزوف عن المخاطرة على فكر المستثمرين.