الدولار الأمريكي ينهار إلى أدنى مستوى له منذ عامين واليورو يسجل أعلى مستوى له في 3 سنوات

شهد الدولار الأمريكي تراجعًا غير مسبوق يوم الجمعة، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ ما يقارب العامين. هذا الانخفاض الكبير يأتي في وقت حساس جدًا للاقتصاد الأمريكي، حيث يواجه تحديات متزايدة بسبب تصاعد الحرب التجارية مع الصين.

أداء الدولار الأمريكي اليوم

في الساعة 11:20 بتوقيت السعودية، سجل مؤشر الدولار، الذي يتتبع أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية أخرى، انخفاضًا بنسبة 1.2% ليصل إلى 99.430، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو 2023. هذه المرة الأولى التي ينخفض فيها المؤشر تحت مستوى 100 منذ ما يقارب العام، وهو ما يعكس فقدان الثقة في العملة الأمريكية في ظل الظروف الحالية.

1. تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين

أسهم التصعيد الأخير في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في تدهور قيمة الدولار. حيث رفع الجانب الصيني الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية إلى 145% في خطوة مفاجئة تأتي ردًا على الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة على السلع الصينية في وقت سابق.

هذه الزيادة الكبيرة في الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية فاقمت التوترات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم، مما أثر بشكل مباشر على قيمة الدولار.

مع استمرار تصاعد هذه التوترات، بدأ المستثمرون في إظهار قلقهم بشأن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة وتوقعاتهم المستقبلية بشأن قدرة الاقتصاد الأمريكي على التعافي من تداعيات هذه الحرب التجارية، ما دفعهم إلى تقليص حيازاتهم من الدولار وبيع الأصول الأمريكية.

2. تأثير السياسات الاقتصادية الأمريكية

فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية الأمريكية، فقد لعبت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دورًا محوريًا في التأثير على الثقة بالدولار. ففي حين كان هناك بعض الارتياح في الأسواق بعد إعلان ترامب عن تعليق الرسوم الجمركية على السلع الصينية لمدة 90 يومًا، إلا أن هذا الهدوء لم يكن طويل الأمد.

إذ سرعان ما أقدمت الصين على زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية إلى 145%، مما أحدث تصعيدًا إضافيًا للتوترات بين البلدين، وهو ما أعاد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، مما أدى إلى مزيد من تراجع الدولار.

3. تأثير انخفاض ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي

بدأ المستثمرون يبدؤون في إعادة تقييم موقفهم بشأن الدولار في ظل التوترات التجارية المستمرة والشكوك التي تحيط بمستقبل الاقتصاد الأمريكي. في المقابل، بدأوا في الاتجاه نحو العملات التي يرونها أكثر استقرارًا في ظل هذا المناخ الاقتصادي المضطرب، مثل اليورو والفرنك السويسري، مما ساهم في تراجع قيمة الدولار.

تأثير تراجع الدولار على أسواق السندات الأمريكية

لم يكن تراجع الدولار العامل الوحيد الذي أثر على الأسواق المالية. فقد شهدت أسواق السندات الأمريكية أيضًا تراجعًا كبيرًا في الأسعار، حيث تم بيع السندات الأمريكية طويلة الأجل بشكل مكثف، مما أدى إلى ارتفاع العوائد على السندات لأجل 10 سنوات بشكل ملحوظ.

هذا التراجع في السندات كان بمثابة استجابة من قبل المستثمرين للقلق المتزايد بشأن الاقتصاد الأمريكي، حيث بدأوا في الابتعاد عن الأصول الأمريكية، بما في ذلك السندات الأمريكية، التي كانت تُعتبر ملاذًا آمنًا في فترات الأزمات الاقتصادية.

كما أن محللي بنك "دويتشه" أشاروا في مذكرة خاصة بهم إلى أن الأسواق تشهد انهيارًا متزامنًا في أسعار الأصول الأمريكية، بما في ذلك الأسهم والدولار والسندات، مشيرين إلى فقدان الثقة في هذه الأصول في ظل الظروف الراهنة.

وقالوا: "نشهد انهيارًا في أسعار الأصول الأمريكية، حيث بدلاً من إغلاق الفجوة بين الأصول والالتزامات من خلال زيادة السيولة بالدولار، فإن الأسواق تبيع الأصول الأمريكية بنشاط".

أداء العملات العالمية

في أوروبا، ارتفع اليورو/دولار إلى مستوى لم تشهده منذ فبراير 2022 وقال فرانسوا فيلروي دي جالو، صانع السياسة في البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس إن سياسات الرئيس ترامب في الأسابيع الأخيرة قد أضعفت الثقة في الدولار الأمريكي.

وقال فيلروي: "العنصر الكبير للثبات في السياسة الأمريكية خلال العقود الماضية هو التمسك بالدور المركزي للدولار. أعتقد أن إدارة ترامب لديها أيضًا هذا الرأي، لكنها غير متماسكة للغاية في طريقة ممارستها لذلك. ما حدث في الأيام والأسابيع الأخيرة يلعب ضد الثقة في العملة الأمريكية".

وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على اليورو، من بين عملات أخرى مثل الفرنك السويسري والين الياباني وأظهرت البيانات الصادرة في وقت سابق يوم الجمعة أن التضخم الألماني انخفض إلى 2.3% في مارس، وفقًا لما ذكره مكتب الإحصاء الفيدرالي يوم الجمعة، مؤكدًا البيانات الأولية ومشيرًا إلى أن الضغوط التضخمية من أكبر اقتصاد في منطقة اليورو لا تزال منخفضة.

وقال محللون في ING، في مذكرة: "من المهم ملاحظة أن الارتفاع الهائل في اليورو/دولار هو تقريبًا بالكامل نتيجة لفقدان الثقة في الدولار، وليس مبررًا على الإطلاق بديناميكيات أسعار الفائدة قصيرة الأجل الأساسية".

انخفض الدولار/فرنك سويسري بنسبة 0.9% إلى 0.8169، مواصلاً انخفاضه بنسبة 4% تقريبًا يوم الخميس، وانخفض إلى مستويات لم نشهدها منذ يناير 2015.

وقالت ING: "يبدو أن تفضيل السوق للفرنك السويسري يعكس المخاطر المحدودة بأن البنك الوطني السويسري سيتدخل لمنع قوة الفرنك السويسري المفرطة".

"المنطق هنا هو أن التدخل المستمر من جانب واحد في سوق الصرف الأجنبي من شأنه أن يثير أجراس الإنذار في وزارة الخزانة الأمريكية، التي يمكن أن تصنف سويسرا رسميًا على أنها متلاعبة بالعملة وتفرض رسومًا جمركية أكثر صرامة."

ارتفع الجنيه الإسترليني/دولار بنسبة 0.7% إلى 1.3058، حيث تعزز الجنيه الإسترليني بفضل بيانات تظهر أن الاقتصاد البريطاني نما بمعدل أسرع من المتوقع في فبراير.

ووفقًا للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية، نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5% على أساس شهري في فبراير، متجاوزًا بكثير التوسع المتوقع البالغ 0.1%، بينما نما الاقتصاد بنسبة 1.4% مقارنة بالعام السابق.

وفي آسيا، انخفض الدولار/ين بنسبة 1.3% إلى 142.65، حيث ارتفع الين الياباني إلى أقوى مستوى له منذ أكثر من ستة أشهر بسبب زيادة الطلب على الملاذات الآمنة.

كما قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا مؤخرًا إن خطة البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة لا تزال على المسار الصحيح على الرغم من تزايد عدم اليقين التجاري.

ارتفع الدولار/يوان بنسبة 0.1% إلى 7.3213، بعد انخفاضه بشكل حاد من أعلى مستوى له منذ أكثر من 17 عامًا وحدد البنك المركزي الصيني بشكل غير متوقع سعرًا مرجعيًا أقوى لليوان يوم الجمعة بعد ست جلسات متتالية من التثبيت الأضعف، مما يعكس بعض الانزعاج في بكين من الضعف المستمر لليوان.

أداء سعر صرف اليورو اليوم

ارتفع اليورو بالسوق الأوروبية يوم الجمعة مقابل سلة من العملات العالمية ، ليوسع مكاسبه لليوم الثاني على التوالي مقابل الدولار الأمريكي ،مسجلاً مستوي قياسي في ثلاث سنوات ، على وشك تحقيق ثالث مكسب أسبوعي على التوالي.

تأتي تلك المكاسب بفضل قرار الاتحاد الأوروبي تعليق الرسوم الجمركية الانتقامية على السلع الأمريكية لمدة 90 يومًا، وهو القرار الذي أعلنته المفوضية الأوروبية في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق رسومه الجمركية.

يواصل زوج يورو/دولار EUR/USD الارتفاع، مسجلاً أعلى مستوى له في ثلاث سنوات فوق 1.1450 خلال التداول الأوروبي يوم الجمعة. الزيادة الأخيرة في الزوج مرتبطة بشكل رئيسي بانخفاض جديد في الدولار الأمريكي (USD) بعد أن ردت الصين بزيادة التعريفات إلى 125% من 84% على السلع الأمريكية.

تصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يزيد من مخاطر الركود في الولايات المتحدة، مما يعزز توقعات التيسير من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Fed). في الوقت نفسه، يواصل اليورو (EUR) الحصول على الدعم من إعلان الاتحاد الأوروبي (EU) عن وقف لمدة 90 يومًا على التدابير المضادة ضد الولايات المتحدة (US) يوم الخميس، بعد يوم من تعليق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التعريفات المعلنة مسبقًا لعشرات الدول.

يستعد المستثمرون لبيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) في الولايات المتحدة لشهر مارس وتقرير ثقة المستهلك المتقدم في ميشيغان، المقرر صدورهما في وقت لاحق يوم الجمعة. أيضًا، من المقرر أن يتحدث رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس ألبرتو مسالم ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز. إذا أظهرت التقارير نتائج أقوى من المتوقع، فقد يرفع هذا الدولار الأمريكي ويحد من ارتفاع زوج يورو/دولار EUR/USD.

سعر صرف اليورو مقابل الدولار

ارتفع اليورو مقابل الدولار إلى (1.1402$) عند الساعة 12:20 بتوقيت تركيا الأعلى منذ فبراير 2022 من سعر افتتاح اليوم عند (1.1198$) ، وسجل أدنى مستوى عند (1.1187$) وأعلى مستوى 1.1473 دولار عند الساعة 12:20 بتوقيت تركيا

أنهي اليورو تعاملات الخميس مرتفعًا بنسبة 2.3% ،بأكبر مكسب يومي منذ 3 ديسمبر 2015 ، مدفوعًا برد فعل إيجابي على قرار الاتحاد الأوروبي تعليق الرسوم الجمركية الانتقامية.

استقرت عائدات سندات منطقة اليورو، يوم الجمعة، بعد أسبوع شهد تقلبات حادة في الأسواق، وسط تصاعد المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي وتصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، رغم التوقف المؤقت لبعض الرسوم الجمركية الأوسع التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقد أثار قلق المستثمرين موجة بيع مكثفة في سوقي السندات الأميركية والدولار، مما دفع علاوة العائد المطلوبة على سندات الخزانة الأميركية (مقارنة بنظيراتها الألمانية) إلى أعلى مستوياتها الأسبوعية منذ تسعينات القرن الماضي، وفق «رويترز».

وارتفع العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات، الذي يُعدّ المعيار القياسي في منطقة اليورو، بمقدار 0.7 نقطة أساس ليصل إلى 2.59 في المائة.

وكان سوق السندات الألمانية قد شهد موجة بيع عالمية، يوم الأربعاء، ترافقت مع ارتفاع حاد في عائدات السندات الأميركية، واتساع الفجوة بين العائد على السندات الألمانية والأميركية لأجل 10 سنوات.

خاتمة: التوقعات المستقبلية للدولار في ظل تصاعد الحرب التجارية

إن التراجع الكبير في قيمة الدولار الأمريكي يعكس انعدام الثقة المتزايد في الاقتصاد الأمريكي في ضوء الحرب التجارية المستمرة مع الصين. بينما استفادت عملات أخرى مثل اليورو والفرنك السويسري والين الياباني من هذا التراجع، فإن الأسواق تترقب ما ستسفر عنه التطورات الاقتصادية القادمة، سواء على مستوى البيانات الاقتصادية الأمريكية أو نتائج المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. في ظل هذه الأوضاع، تظل الأسواق في حالة ترقب مستمر، حيث قد تتغير التوقعات بشأن الدولار بناءً على المستجدات الاقتصادية.