تدهور الثقة بالعملة الأمريكية يدفع الدولار لأدنى مستوى لها منذ عام 2015 مقابل الفرنك السويسري

شهد الدولار الأمريكي تراجعاً حاداً خلال تداولات يوم الجمعة، مسجلاً أدنى مستوياته مقابل الفرنك السويسري منذ عام 2015، في ظل تدهور ثقة المستثمرين في العملة الأمريكية وتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة.

ويأتي هذا الهبوط وسط ضغوط من السياسات الاقتصادية للإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، والتقلبات في سوق السندات، إلى جانب تحركات حادة في أسواق العملات العالمية.

أداء الفرنك السويسري أمام الدولار اليوم

العملة الأمريكية تواصل خسائرها في نهاية الأسبوع

واصل الدولار الأمريكي تراجعه خلال تعاملات يوم الجمعة، ليصل إلى مستويات قياسية متدنية مقابل الفرنك السويسري، في ظل حالة من انعدام الثقة بين المستثمرين تجاه الدولار وسياسات الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس "دونالد ترامب".

وقد أدى تراجع الثقة في الاقتصاد الأمريكي إلى قيام المستثمرين ببيع الأصول المقومة بالدولار والتوجه نحو الملاذات الآمنة مثل الفرنك السويسري، الين الياباني، اليورو، والذهب، ما ساهم في تسريع وتيرة الانخفاض في سعر صرف العملة الخضراء.

انخفاض مؤشر الدولار وتعمق الخسائر

شهد مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، انخفاضاً بنسبة 0.29% ليصل إلى 100.57 نقطة عند الساعة 09:43 صباحاً بتوقيت مكة المكرمة.

ويأتي هذا التراجع استكمالاً لخسائره السابقة، إذ انخفض المؤشر بنسبة 1.83% خلال جلسة الخميس، ليصل إلى 101.02 نقطة، وهو أدنى مستوى يسجله المؤشر منذ سبتمبر الماضي.

الدولار مقابل الفرنك السويسري: أدنى مستوى منذ يناير 2015

سجل الدولار الأمريكي تراجعاً ملحوظاً بنسبة 1.2% ليصل إلى 0.81405 فرنك سويسري، وهو المستوى الأدنى منذ يناير 2015، ما يعكس عمق أزمة الثقة في العملة الأمريكية. ويأتي هذا التراجع امتداداً لخسائر بلغت حوالي 4% خلال جلسة الخميس، وسط تخوفات متزايدة من الأداء الاقتصادي الأمريكي وتداعيات السياسات الداخلية والخارجية لإدارة ترامب.

منذ بداية الشهر، تراجع الدولار بنسبة 6.5% تقريباً مقابل الفرنك السويسري، ما يضعه على المسار نحو تحقيق أكبر خسارة يومية مقابل هذه العملة منذ عام 2015.

خسائر الدولار أمام الين واليورو والإسترليني

إلى جانب الفرنك السويسري، شهد الدولار الأمريكي تراجعاً واسع النطاق أمام عدد من العملات الأخرى. فقد انخفض بنسبة 3.46% منذ بداية الشهر مقابل الين الياباني، ووصل سعره إلى 144.12 ين بتراجع يومي بلغ 0.23%.

كما ارتفع اليورو بنسبة 1.7% أمام الدولار ليصل إلى 1.13855 دولار، وهو أعلى مستوى للعملة الأوروبية الموحدة منذ فبراير 2022 أما الجنيه الإسترليني فقد سجل ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.19% ليصل إلى 1.2992 دولار، ما يعكس استمرار ضعف الدولار في مواجهة العملات الرئيسية.

الدولار يرتفع أمام اليوان الصيني مدعوماً بخفض القيمة المرجعية

رغم الخسائر الواسعة التي لحقت بالدولار، فقد سجل ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.11% أمام اليوان الصيني في سوق المعاملات الفورية الدولية، ليصل إلى 7.3253 يوان. ويعود هذا الارتفاع بشكل جزئي إلى قيام بكين بخفض القيمة المرجعية للعملة المحلية في الآونة الأخيرة، في محاولة لمعادلة الضغوط الناتجة عن التوترات التجارية القائمة.

صعود العملات الحساسة للمخاطر

في ظل التغيرات الكبيرة في سوق العملات، سجلت بعض العملات الحساسة للمخاطر أداءً قوياً أمام الدولار حيث ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 1.24% ليصل إلى 0.62280 دولار، كما ارتفعت الكرونة السويدية بنسبة 1.5% لتصل إلى 9.839 كرونة مقابل الدولار الأمريكي، مما يعكس ميل المستثمرين للبحث عن بدائل خارج الدولار الأمريكي وسط حالة عدم اليقين.

تصريحات "برنت دونيلي" حول تأثير سياسات ترامب

أوضح "برنت دونيلي"، رئيس مجلس إدارة شركة "سبيكترا ماركتس"، في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن السياسات التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أدت إلى ارتفاع عوائد الديون السيادية، غير أن الأسواق حالياً تميل إلى بيع الدولار، رغم العوائد المرتفعة، ما يشير إلى تحوّل في سلوك المستثمرين.

وأكد دونيلي أن هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها أن الفروق في أسعار الفائدة - التي عادة ما تعزز جاذبية الدولار - لم تعد تؤثر إيجاباً عليه، ما يكشف عن تحول نوعي في توجهات الأسواق العالمية تجاه العملة الأمريكية.

موجة بيع في وول ستريت وتخلي عن المكاسب

شهدت بورصة وول ستريت في نيويورك موجة بيع واسعة يوم الخميس، حيث تخلّت المؤشرات الرئيسية عن مكاسبها الكبيرة التي حققتها في الجلسة السابقة. وكانت تلك المكاسب قد جاءت بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق تطبيق الرسوم الجمركية على عشرات الدول، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتهدئة التوترات التجارية.

لكن الأسواق قابلت هذا القرار بشكوك، حيث اعتبر كثير من المستثمرين أن تعليق الرسوم قد يعكس ارتفاع المخاطر المرتبطة بالنظام المالي، ما أدى إلى هجرة رؤوس الأموال إلى خارج الولايات المتحدة.

ضغوط في سوق السندات وعوائد على مسار تاريخي

تعرضت سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل لعمليات بيع مكثفة، مما وضع العوائد على السندات لأجل 10 سنوات على مسار لتحقيق أكبر قفزة أسبوعية لها منذ عام 2001.

وفي الوقت نفسه، أدى مزاد قوي على سندات لأجل 10 سنوات إلى تراجع العائد عليها بمقدار نقطتين أساس، ليصل إلى 4.376%. ومعروف أن ارتفاع عوائد السندات يشير إلى انخفاض في الطلب عليها، وبالتالي انخفاض في الطلب على الدولار المستخدم لتمويل شرائها.

النظرة الفنية للمحللين

قال "كريس ويستون"، رئيس قسم الأبحاث في شركة "بيبرستون"، إن الأسواق الأمريكية شهدت موجة بيع قوية، فيما توجهت تدفقات الشراء نحو أصول الملاذ الآمن التقليدية، الأمر الذي تسبب في تراجع جاذبية الدولار بشكل واضح.

وأضاف أن ما يجري يبدو كإعادة تموضع لرؤوس الأموال الأجنبية، حيث يعتقد أن قرار ترامب المتردد بشأن تعليق الرسوم الجمركية يعكس تزايد المخاطر النظامية، مما أدى إلى تصاعد حركة هجرة رؤوس الأموال من الأسواق الأمريكية.

خلاصة: الدولار تحت الضغط وسط تزايد الشكوك

تعكس تحركات الأسواق الأخيرة مدى التراجع في ثقة المستثمرين بالعملة الأمريكية، في ظل ضغوط من السياسات الحكومية، وتغير توجهات رؤوس الأموال العالمية، وتزايد الإقبال على الأصول الآمنة. ومع استمرار هذه العوامل، قد يبقى الدولار تحت الضغط، ما لم تتخذ الإدارة الأمريكية خطوات حاسمة لاستعادة ثقة الأسواق والمستثمرين.