الذهب يتراجع من أعلى مستوياتها على الإطلاق والدولار ينخفض لأدنى مستوياته في 6 أشهر

اليوم بداية لحقبة جديدة في التجارة الدولية مع تعريفات هائلة فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة بنسب 10% في الأغلب، ونسب خاصة لدول تجاوزت 40%.

وكانت الأسواق تتأهب لهذا اليوم منذ بداية العام مع استمرار الذهب في تسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة بشكل شبه يومي منذ يناير 2025، واليوم تستمر مسيرة الذهب الصاعدة في ظل الخوف من رد الشركاء على ترامب قبيل الإعلان عن الرسوم الجمركية المتبادلة، تعهدت العديد من الدول بالرد، حتى أن البعض طرح فكرة الرد بشكل جماعي.

وبحسب ما ورد وافقت الصين واليابان وكوريا الجنوبية على الرد بشكل مشترك على الرسوم الجمركية الأمريكية. بينما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي لديه "خطة قوية" للرد على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، ولكنه يفضل التفاوض.

"لم تبدأ أوروبا هذه المواجهة. نحن لا نريد بالضرورة الانتقام، ولكن إذا كان ذلك ضروريًا فلدينا خطة قوية للرد وسنستخدمها".

أعلنت إدارة ترامب يوم الأربعاء أن كندا والمكسيك ستكونان معفيات من معدل التعريفة الجمركية الأساسية البالغ 10% وكذلك من الرسوم الجمركية المتبادلة الإضافية لبعض البلدان في الوقت الحالي.

ستدخل التعريفة الجمركية بنسبة 10% حيز التنفيذ فقط عندما يتم إنهاء أو تعليق الرسوم الأصلية بنسبة 25% التي فرضها ترامب على الواردات الكندية والمكسيكية. وكان أساس فرض الرسوم الجمركية بنسبة 25% هو الادعاء بأن هذه البلدان المجاورة لم تكن تتحكم بشكل كافٍ في تدفق المخدرات والجريمة إلى الولايات المتحدة.

أسعار الذهب والدولار اليوم

تراجعت أسعار الذهب خلال تعاملات الخميس، بعدما سجلت مستوى قياسياً غير مسبوق عند تسوية جلسة الأمس قبيل إعلان الرئيس الأمريكي عن حزمة الرسوم الجمركية التبادلية.
جاء الأداء القياسي للذهب في خضم تصاعد مخاطر نشوب حرب تجارية عالمية مع إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" عن فرض رسوم جمركية تبادلية على كافة الدول.

الأمر الذي دفع المستثمرين للجوء إلى الملاذات الآمنة خشية تعرض الاقتصاد العالمي لصدمة تقوض آفاق نموه، فضلاً عن تفاقم الضغوط التضخمية.

تراجعت أسعار الذهب هذا الصباح بعض الشيء بعد وصولها لمستويات قياسية انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 3,125.2 دولار للأوقية عند الساعة 11:00 بتوقيت تركيا بعدما سجل أعلى سعر في تاريخها عند مستويات 3167 دولار بينما سجلت العقود الآجلة للذهب مستوى 3,150 دولار للأوقية بعدما سجلت أعلى مستوى لها على الاطلاق عند مستويات 3.201 دولار للأوقية .

الدولار يتراجع وسط تزايد الطلب على الملاذات الآمنة

انخفض الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية خلال تعاملات الخميس بعدما أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تعريفات جمركية أعلى من المتوقعة على شركاء بلاده التجاريين، مما أدى إلى بحث المستثمرين عن ملاذات آمنة مثل الذهب والين انخفض مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 1.17% عند مستوى 102.3 عند الساعة 11:00 بتوقيت تركيا .

تراجع الأسواق العالمية: الأسهم والعملات الرقمية في خطر

انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية بشكل حاد بعد أن كشف الرئيس "دونالد ترامب" عن رسوم جمركية لا تقل عن 10%، على بعض الدول، مما زاد من مخاطر حرب تجارية عالمية قد تُلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي.

وفي تداولات بعد إغلاق جلسة الأربعاء، انخفضت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر "داو جونز" الصناعي 1.8% أو 755 نقطة عند 41737 نقطة، في تمام الساعة 01:04 صباح الخميس بتوقيت مكة المكرمة.

وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 3.2% أو 181 نقطة عند 5530 نقطة، وخسرت العقود الآجلة لمؤشر "ناسداك 100" نحو 4% أو ما يعادل 789 نقطة عند 18969 نقطة.

وتضررت أسهم الشركات التي تعد من كبار المستوردين، حيث فقد سهما "آبل" و"نايكي" نحو 6%، وتراجع سهم "جنرال موتورز" 3%.

وانخفض سعر بيتكوين 1.8% عند حوالي 83479.58 دولار، لتعمق خسائرها بأكثر من 20% من أعلى مستوى قياسي لها عند 109225 دولار والمسجل في 20 يناير، يوم تنصيب "ترامب"، وفقًا لبيانات "داو جونز ماركت".

وانخفضت العملة الخضراء مقابل الدولار الكندي والبيزو المكسيكي مع بدء "ترامب" الحديث عن الرسوم الجمركية، لكن الدولار سرعان ما ارتفع مع بيان المزيد من التفاصيل بشأن القيود على شركاء الولايات المتحدة التجاريين.

وأشارت البيانات إلى أن سبائك الذهب في المخزونات الأمريكية وصلت لمستويات قياسية في ظل تهديدات ترامب التي أصبحت واقعًا اليوم.

توقعات أسعار الذهب

في ظل الخوف من الركود التضخمي ووفقًا لبنك يو بي إس، أشار الاستراتيجيون بقيادة واين جوردون: "يمثل تسارع شراء صناديق المؤشرات المتداولة انعكاسًا حادًا للتدفقات الخارجة في هذا الوقت من العام الماضي".

في الربع الأول من عام 2025، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة للذهب تدفقات كبيرة، تقدر بين 130 إلى 150 طنًا متريًا، وهو تناقض صارخ مع التدفق الخارجي البالغ 114 طنًا في نفس الفترة من عام 2024.

وشهد هذا الربع أقوى طلب على صناديق المؤشرات المتداولة للذهب منذ بداية حرب أوكرانيا في الربع الأول من عام 2022، على الرغم من أن إجمالي الحيازات لا يزال أقل بـ 730-750 طنًا متريًا من ذروة عام 2020.

وأوضح الاستراتيجيون: "بشكل عام، يمكن اعتبار هذا الانعكاس في دورة استرداد صناديق المؤشرات المتداولة على مدى سنوات متعددة إلى جانب مشتريات البنوك المركزية المستمرة للذهب والطلب القوي على العملات المعدنية/السبائك بمثابة تحول إيجابي لسوق الذهب بشكل عام".

مع وضع ذلك في الاعتبار، يحافظ بنك يو بي إس على سعر مستهدف للذهب يبلغ 3,200 دولار للأونصة على مدى أفق توقعاتهم ويستمر في تفضيل الذهب في استراتيجيات الاستثمار العالمية والآسيوية.

ومع ذلك، تدرك الشركة أن الأسعار يمكن أن تصل إلى سيناريو أعلى يبلغ 3,500 دولار للأونصة إذا تصاعدت المخاطر المتعلقة بالتعريفات الجمركية أو الجيوسياسية إلى حد التأثير سلبًا على الاقتصادين الأمريكي والعالمي.

وقال الاستراتيجيون: "نحن ندرك أنه إذا تعمقت المخاطر التجارية والجيوسياسية، فلا يمكن استبعاد حالة الارتفاع لدينا البالغة 3,500 دولار للأونصة".

على المدى الطويل، يقترح بنك يو بي إس أن تخصيص 5% للذهب ضمن محفظة متوازنة بالدولار الأمريكي هو الأمثل لأغراض التنويع.

رؤية بنك HSBC: ثلاثة سيناريوهات تدعم الذهب

يرى محللو بنك إتش إس بي سي مسارات متعددة لتعزيز قوة الذهب وسط تصحيح للسوق مدفوع بالولايات المتحدة، مشيرين إلى المخاوف الاقتصادية ومخاطر السياسات كمحركات رئيسية.

ويحدد البنك ثلاثة سيناريوهات يمكن أن يستفيد منها الذهب.

1. أولاً، مخاوف الركود الأمريكي. يذكرون أن بيئة تجنب المخاطر التقليدية يمكن أن تؤدي إلى ضعف الدولار، وانخفاض عوائد سندات الخزانة، وتراجع أصول المخاطر، وكلها عوامل من شأنها دعم ارتفاع أسعار الذهب ويلاحظ إتش إس بي سي أنه في مثل هذا السيناريو، من المتوقع أن يكون أداء الذهب جيداً كملاذ آمن.
2. ثانياً، مخاوف الركود التضخمي الأمريكي. يخبر البنك المستثمرين أنه إذا واجه الاقتصاد الأمريكي نمواً ضعيفاً وتضخماً مستمراً، فقد يشهد الذهب مكاسب أقوى.
   
   ويوضح إتش إس بي سي أنه في ظل الركود التضخمي، "ستكون عوائد سندات الخزانة الأمريكية في القاع، والدولار الأمريكي غير حاسم، وأصول المخاطر أقل، والذهب أقوى بكثير."
   
   
3. أخيراً، مخاوف الديون الأمريكية. يعتقد إتش إس بي سي أنه إذا دفعت الحكومة الأمريكية نحو مزيد من التخفيضات الضريبية أو مددت التخفيضات الضريبية الحالية، فإن المخاوف بشأن الاستقرار المالي قد تضعف الدولار وتدفع المستثمرين إلى الذهب.

وكتب محللو إتش إس بي سي: "عوائد سندات الخزانة الأمريكية في القاع، والدولار الأمريكي أضعف، وأصول المخاطر أقل، والذهب أقوى بكثير."

على عكس أحداث تجنب المخاطر العالمية النموذجية، يصف إتش إس بي سي التصحيح الحالي بأنه "مدفوع حقاً بالولايات المتحدة"، مؤكداً أن المخاطر الاقتصادية لا تزال متركزة في الأسواق الأمريكية كما يشير البنك إلى أن عوائد الخزانة والدولار قد لا توفر نفس مستوى الحماية مثل الذهب في الأسابيع المقبلة.

"نحن نجادل بأن كلاً من الدولار الأمريكي وسندات الخزانة الأمريكية/السندات السيادية في الأسواق المتقدمة ستخسر أمام الذهب كخيار مفضل للتحوط في المحفظة."