شهدت أسعار الذهب تراجعًا مع توجه المستثمرين نحو جني الأرباح، بعد أن سجل المعدن الأصفر مستويات قياسية جديدة بدعم من توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، بالإضافة إلى زيادة الطلب عليه كملاذ آمن في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية العالمية.
بالرغم من التراجع الحالي، لا تزال أسعار الذهب تحوم حول أعلى مستوياتها على الإطلاق، والتي سجلتها في وقت سابق هذا الأسبوع وجاءت هذه الارتفاعات مدفوعة بعدة عوامل، من أبرزها تصاعد المخاوف من تداعيات السياسات التجارية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والتي قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وإشعال حرب تجارية عالمية، مما دفع المستثمرين للجوء إلى الذهب كملاذ آمن.
أداء الذهب في الأسواق العالمية
- العقود الفورية: تراجعت أسعار الذهب الفورية بنسبة 0.48% لتصل إلى 2,938 دولارًا للأونصة.
- العقود الآجلة: انخفضت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.3% لتسجل 2,954 دولارًا للأونصة عند الساعة 10:14 صباحًا بتوقيت تركيا.
السياسات النقدية وتأثيرها على أسعار الذهب
يُعزى هذا التراجع إلى المخاوف المتزايدة بشأن مستقبل السياسة النقدية الأميركية، حيث تشير التوقعات إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يؤجل أول خفض للفائدة حتى سبتمبر، بعد أن كان متوقعًا سابقًا أن يتم في وقت أبكر من ذلك ومع استمرار حالة عدم اليقين بشأن توقيت التخفيض، يظل الذهب مستفيدًا من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة نظرًا لكونه أصلًا لا يدر فائدة.
الضغوط الجيوسياسية والتوترات التجارية تدعم الذهب
في الوقت نفسه، زادت حدة التوترات بين الولايات المتحدة والصين بعد سلسلة من التحركات التي اتخذها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والتي شملت فرض قيود جديدة على الاستثمارات والتجارة، مما زاد من القلق بشأن تدهور العلاقات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
كما ساعد انخفاض عوائد السندات الأميركية في دعم أسعار الذهب، حيث سجلت السندات الحكومية الأميركية ذات العامين طلبًا قياسيًا في المزاد الأخير، مما أدى إلى انخفاض العائدات عليها ومن المعروف أن العوائد المنخفضة للسندات تجعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين، حيث يقلل ذلك من تكلفة الفرصة البديلة لحيازته.
زيادة تدفقات الاستثمارات في الذهب
مع تصاعد حالة عدم اليقين في الأسواق، شهدت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب زيادة ملحوظة في التدفقات النقدية، حيث أفادت بيانات أن صناديق الذهب سجلت أكبر تدفقات إيجابية منذ عام 2022.
ووفقًا لبيانات صندوق SPDR Gold Trust، وهو أكبر صندوق استثماري متداول مدعوم بالذهب في العالم، فقد ارتفعت حيازاته إلى 904.38 طنًا يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى لها منذ أغسطس 2023، مما يضيف مزيدًا من الدعم لارتفاع الأسعار بنسبة تجاوزت 12% منذ بداية العام.
ترقب بيانات التضخم الأميركية
يتوجه اهتمام الأسواق حاليًا نحو بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، المقرر صدوره يوم الجمعة، وهو المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي لمتابعة التضخم وتشير التوقعات إلى أن المؤشر قد يسجل أدنى مستوياته منذ يونيو، لكن التقدم البطيء في خفض الأسعار قد يدفع الفيدرالي إلى البقاء حذرًا بشأن توقيت خفض الفائدة.
وقال "يب جون رونغ"، استراتيجي السوق في شركة IG، إن المستثمرين يترقبون أيضًا تطورات محتملة بشأن فرض رسوم جمركية جديدة على كندا والمكسيك مع اقتراب الموعد النهائي الأسبوع المقبل، وهو ما قد يضيف مزيدًا من التقلبات إلى الأسواق.
توقعات أسعار الذهب في المستقبل
يعتقد المحللون أن الذهب لا يزال في وضع إيجابي، حيث يستمر الطلب القوي عليه مع تزايد عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. وقال "هان تان"، كبير محللي السوق في مجموعة Exinity:
"تراجع الدولار الأمريكي خلال هذا الشهر مكّن الذهب الفوري من البقاء بالقرب من أعلى مستوياته القياسية، مستفيدًا من تدفقات استثمارية كبيرة في الصناديق المدعومة بالذهب."
وأضاف أن المستثمرين ينتظرون اللحظة المناسبة لاختبار مستوى 3,000 دولار للأونصة، لكنهم يأخذون في الاعتبار احتمالية تأجيل الفيدرالي أول خفض للفائدة إلى وقت لاحق هذا العام، مما قد يؤثر على الاتجاه العام للأسعار.
متى سيتم خفض الفائدة؟
تظهر التوقعات الحالية أن الاحتياطي الفيدرالي قد يقوم بأول تخفيض لأسعار الفائدة هذا العام خلال اجتماع سبتمبر، مما يعني أن الذهب قد يظل مدعومًا عند المستويات المرتفعة لفترة أطول، خاصة إذا استمرت الضغوط التضخمية وتوترات الأسواق المالية.
الخلاصة : رغم التراجع الحالي، لا يزال الذهب في موقع قوي بفضل استمرار الطلب على الملاذات الآمنة وتدفقات الاستثمار القوية في الصناديق المدعومة بالذهب. ومع ترقب الأسواق لقرارات الاحتياطي الفيدرالي وبيانات التضخم المقبلة، فإن أي إشارات جديدة قد تؤثر بشكل كبير على مسار الذهب في الفترة القادمة.
