الدولار يستعد لتحقيق مكاسب قوية أمام اليورو وسط ترقب لقرارات البنك المركزي الأوروبي

يشهد الدولار الأمريكي زخمًا صاعدًا مقابل اليورو، حيث تترقب الأسواق عن كثب قرارات البنك المركزي الأوروبي المتعلقة بأسعار الفائدة. ويأتي هذا في أعقاب تثبيت مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، مما دفع المستثمرين إلى إعادة تقييم التوجهات النقدية في كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية، يتزايد التوقع بأن يعلن المركزي الأوروبي عن خفض جديد في أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد الهش في منطقة العملة الموحدة.

تراجع اليورو في الأسواق

تواصل العملة الأوروبية تسجيل خسائرها أمام الدولار، حيث شهد اليورو انخفاضًا للجلسة الثالثة على التوالي، مبتعدًا عن أعلى مستوياته في ستة أسابيع ويرجع هذا التراجع إلى عمليات التصحيح وجني الأرباح التي قام بها المستثمرون، إلى جانب حالة الحذر التي تسيطر على الأسواق انتظارًا للقرارات المرتقبة للبنك المركزي الأوروبي.

ورغم هذا التراجع، فإن تحركات اليورو لا تزال محدودة، إذ يفضل المستثمرون الانتظار حتى تتضح الصورة بشأن السياسة النقدية الأوروبية. فالقرار المنتظر من البنك المركزي الأوروبي بشأن أسعار الفائدة قد يكون له تأثير بالغ على تحركات اليورو في الفترة القادمة، سواء نحو التعافي أو المزيد من الهبوط.

المركزي الأوروبي

تتجه الأنظار إلى اجتماع البنك المركزي الأوروبي، حيث تشير التوقعات إلى خفض إضافي بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل معدل الفائدة على الودائع إلى 2.75%. ويعكس هذا التوجه رغبة البنك في دعم النمو الاقتصادي المتباطئ وتقليل الضغوط على الأسواق المالية.

ومن المتوقع أن تتطرق رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في مؤتمرها الصحفي إلى مستقبل السياسة النقدية، وسط تزايد التحديات الاقتصادية والسياسية في منطقة اليورو.

وتشير التقديرات إلى أن البنك قد يواصل خفض الفائدة خلال الأشهر المقبلة لمواجهة ضعف النشاط الاقتصادي، خاصة في ظل تباطؤ معدلات التضخم إلى مستويات قريبة من المستهدف.

الدولار الأمريكي يحافظ على قوته

في المقابل، يواصل الدولار الأمريكي تسجيل أداء قوي، مدعومًا باستقرار السياسة النقدية في الولايات المتحدة. فقد استقر سعر صرف اليورو عند 1.0425 دولار، بعد أن سجل تراجعًا إلى 1.0380 دولار في وقت سابق من الجلسة وجاء هذا الأداء بعد أن أنهى اليورو تعاملات الأربعاء منخفضًا بنسبة 0.1% مقابل الدولار، مواصلًا خسائره لليوم الثاني على التوالي.

وقد عززت تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، من قوة الدولار، حيث أكد أن أسعار الفائدة لا تزال عند مستويات مرتفعة مقارنة بنقطة التعادل، مما يتيح للبنك المركزي الأمريكي مساحة للمناورة في قراراته النقدية المستقبلية.

التوقعات الاقتصادية الأمريكية وتأثيرها على الدولار

تترقب الأسواق إصدار بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في وقت لاحق اليوم، وسط توقعات بتراجع طفيف في النمو إلى 2.6% خلال الربع الرابع من العام، على أساس سنوي. ومع ذلك، تتباين التقديرات بين 1.7% و3.2%، مما يعكس حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي.

ويرى محللون في بنك ANZ أن الضغوط الاقتصادية والسياسية المتزايدة في منطقة اليورو قد تدفع البنك المركزي الأوروبي إلى اتخاذ قرارات أكثر مرونة لدعم النمو. كما حذر المحللون من أن التباطؤ في الزخم التضخمي قد يؤدي إلى بقاء معدلات التضخم أقل من المستهدف لفترة طويلة، وهو ما قد يزيد من احتمالات استمرار سياسة التيسير النقدي.

خفض الفائدة الأوروبية.. هل يستمر خلال 2025؟

تشير التوقعات إلى أن المركزي الأوروبي قد يواصل خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، حيث تتوقع الأسواق ثلاث تخفيضات أخرى خلال مارس وأبريل ويونيو، ليصل إجمالي التيسير النقدي في 2025 إلى 90 نقطة أساس. وإذا استمر ضعف النمو الاقتصادي، فقد نشهد قرارات إضافية تهدف إلى تحفيز الطلب المحلي وتعزيز الاستثمارات.

ورغم التقديرات التي تشير إلى استقرار التضخم عند النطاق المستهدف للبنك المركزي الأوروبي والبالغ 2% خلال العام الجاري، فإن بيانات ديسمبر/كانون الأول كشفت عن ارتفاع في معدل التضخم إلى 2.4%، وهو أعلى مستوى منذ يوليو/تموز. وقد يؤدي هذا الارتفاع إلى تعقيد قرارات البنك بشأن وتيرة خفض الفائدة في المستقبل.

انعكاسات السياسات النقدية على الأسواق العالمية

تعكس تحركات الأسواق الحالية حالة من الترقب والقلق بشأن اتجاهات السياسة النقدية العالمية فبينما يواصل الاحتياطي الفيدرالي سياسة التثبيت النقدي، يسير المركزي الأوروبي على خطى أكثر مرونة لتجنب مزيد من التباطؤ الاقتصادي.

ويؤدي هذا التباين في السياسات إلى تعزيز قوة الدولار مقابل اليورو، ما قد يؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للصادرات الأوروبية، لكنه في الوقت نفسه يوفر بيئة استثمارية أكثر استقرارًا في الولايات المتحدة.

خاتمة : مع استمرار عدم اليقين بشأن مستقبل أسعار الفائدة في منطقة اليورو، يظل اليورو تحت الضغط أمام الدولار ويراقب المستثمرون عن كثب قرارات البنك المركزي الأوروبي، التي قد تشكل نقطة تحول في مسار السياسة النقدية الأوروبية. وفي المقابل، يحافظ الدولار الأمريكي على زخمه بدعم من السياسات النقدية الأمريكية الأكثر ثباتًا، مما يجعله الخيار المفضل للكثير من المستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.