أسعار الذهب تحقق مكاسب أسبوعية وسط حالة عدم اليقين بشأن سياسات ترامب الضريبية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا عند التسوية يوم الجمعة، لتسجل مكاسب أسبوعية بأكثر من 2%، مدفوعة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة في ظل حالة عدم اليقين المحيطة بالسياسات الاقتصادية المقبلة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. يأتي هذا الارتفاع رغم صدور بيانات التوظيف الأمريكية التي جاءت أقوى من المتوقع، مما عزز التوقعات بعدم توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو تخفيض كبير في أسعار الفائدة.

أداء الذهب في الأسواق

أنهت العقود الفورية للذهب تداولاتها مرتفعة بنسبة 0.72% عند 2,689 دولار للأونصة، في حين صعدت العقود الآجلة الأمريكية للذهب بنسبة 0.90% لتصل إلى 2,715 دولار. يعكس هذا الأداء استمرار الطلب على المعدن النفيس كوسيلة للتحوط في مواجهة المخاطر الاقتصادية والسياسية.

عوامل دعم ارتفاع أسعار الذهب

1. تراجع ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة:

   • كشفت بيانات صادرة عن جامعة "ميتشجان" عن انخفاض مؤشر ثقة المستهلكين بنسبة 1.1% في يناير إلى 73.2 نقطة، مقارنة بـ74 نقطة في ديسمبر. هذا التراجع جاء مخالفًا للتوقعات التي كانت تشير إلى استقرار المؤشر دون تغيير.

2. القلق من السياسات الضريبية والتجارية:

   • يشعر المستثمرون بالقلق حيال وعود ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على مجموعة واسعة من الواردات، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل كبير ويحد من قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة.

3. الطلب على الملاذات الآمنة:

   • مع اقتراب موعد تنصيب ترامب في 20 يناير، تزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن في ظل المخاوف من تأثير سياسات الإدارة الجديدة على الاقتصاد العالمي.

أداء الدولار الأمريكي

على الرغم من ارتفاع أسعار الذهب، شهد الدولار الأمريكي أيضًا مكاسب ملحوظة خلال الأسبوع، حيث ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية بنسبة 0.45% ليصل إلى 109.49 نقطة جاءت هذه المكاسب نتيجة زيادة الطلب على الدولار كملاذ آمن، إلى جانب التوقعات بأن السياسات الاقتصادية المرتقبة قد تكون داعمة للعملة الأمريكية.

تأثير بيانات الوظائف على السوق

رغم ارتفاع بيانات التوظيف الأمريكية، والتي كان من المتوقع أن تؤدي إلى تراجع الذهب، إلا أن حالة عدم اليقين السائدة في الأسواق كانت العامل الأقوى ووفقًا لديفيد ميجر، مدير تداول المعادن في شركة "هاي ريدج فيوتشرز"، فإن "الذهب أظهر صمودًا قويًا في وجه تقرير وظائف أقوى من التوقعات، حيث ما زال المستثمرون يتجهون نحو الملاذات الآمنة بسبب عدم وضوح الرؤية حول السياسات الاقتصادية الجديدة."

التوقعات المستقبلية للذهب والدولار

من المتوقع أن تشهد الأسواق تقلبات حادة في الفترة المقبلة مع بدء تنفيذ السياسات الاقتصادية الجديدة. وتشير التوقعات إلى أن الإدارة الأمريكية قد تتجه نحو إصدار حزمة من القوانين تشمل رفع التعريفات الجمركية وتغيير السياسات الضريبية، وهو ما قد يؤدي إلى:

• زيادة الضغوط التضخمية: من شأن ارتفاع معدلات التضخم أن يدفع الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على مستويات الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

• دعم الدولار الأمريكي: رغم الضغوط المحتملة على الاقتصاد الأمريكي، فإن السياسات المتشددة قد تزيد من الطلب على الدولار كملاذ آمن.

• استمرار الطلب على الذهب: في ظل المخاوف التضخمية وتزايد التقلبات في الأسواق المالية، يُتوقع أن يظل الطلب على الذهب قويًا.

الطلب الفعلي على الذهب

على الرغم من المكاسب الأسبوعية للذهب، شهد الطلب الفعلي من قبل صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب تراجعًا طفيفًا خلال الأسبوع الأخير من عام 2024. ووفقًا لمجلس الذهب العالمي، انخفضت التدفقات النقدية لصناديق الاستثمار بمقدار 0.7 طن خلال الأسبوع المنتهي في 27 ديسمبر، بعد ارتفاع كبير خلال الأسبوع السابق بمقدار 18 طن، وهو أعلى مستوى أسبوعي منذ تسعة أسابيع.

توقعات أداء الذهب في عام 2025

رغم التقلبات الحالية، توقعت HSBC في مذكرة بحثية أن الزخم الصعودي للذهب قد يستمر في المدى القريب وحتى بداية عام 2025. وأوضحت المذكرة أن استمرار هذا الاتجاه الصعودي يعتمد على مجموعة من العوامل، أبرزها:

• وتيرة نمو الاقتصاد العالمي.

• توقعات التضخم والسياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى.

• الطلب الفعلي على الذهب من قبل المستثمرين والصناديق الاستثمارية.

مع ذلك، حذرت HSBC من أن عوامل مادية ومالية قد تحد من هذا الارتفاع وتدفع الأسعار إلى الانخفاض بشكل معتدل بحلول نهاية العام المقبل.

في المقابل، خفضت مجموعة "غولدمان ساكس" توقعاتها بشأن وصول الذهب إلى مستوى 3000 دولار للأونصة إلى منتصف عام 2026، عازية ذلك إلى التوقعات بتخفيض محدود في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

تدفقات الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب

في تطور إيجابي، أشار تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي إلى تسجيل الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب أول تدفق إيجابي لها منذ أربع سنوات. ويعكس هذا التدفق المتزايد اهتمام المستثمرين المتجدد بالذهب كملاذ آمن وسط التقلبات الاقتصادية والسياسية العالمية.

وتُعتبر الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب وسيلة شائعة للاستثمار في المعدن النفيس، حيث توفر للمستثمرين التعرض لحركة أسعار الذهب دون الحاجة إلى شراء المعدن فعلياً.

الخلاصة : تواصل أسعار الذهب تحقيق المكاسب بدعم من حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، التي تدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة ومع اقتراب موعد تنصيب الإدارة الأمريكية الجديدة، تتزايد المخاوف من تأثير السياسات المرتقبة على معدلات التضخم وأسعار الفائدة، مما يجعل الذهب خيارًا جذابًا للتحوط. في المقابل، يستمر الدولار الأمريكي في حصد المكاسب مستفيدًا من دوره كملاذ آمن. وعلى ضوء هذه التطورات، تبقى الأسواق في حالة ترقب لأي إشارات جديدة بشأن توجهات السياسة النقدية والمالية في الولايات المتحدة.