- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار الاقتصاد التركي
- توقعات أسعار الفائدة في تركيا: رؤية جولدمان ساكس ومورجان ستانلي بعد قرار المركزي التركي
توقعات أسعار الفائدة في تركيا: رؤية جولدمان ساكس ومورجان ستانلي بعد قرار المركزي التركي

في ظل استمرار الضغوط التضخمية والتقلبات في الأسواق المالية التركية، يتخذ البنك المركزي التركي خطوات متشددة في السياسة النقدية، من خلال رفع أسعار الفائدة بشكل يفوق التوقعات.
في هذا السياق، قامت مؤسسات مالية عالمية مرموقة، مثل جولدمان ساكس ومورجان ستانلي، بتحديث توقعاتها لأسعار الفائدة والتضخم وسعر صرف الليرة التركية، مما يعكس تغيرًا في تقييم المخاطر الكلية للاقتصاد التركي.
يتناول هذا التقرير تحليلاً معمقًا لهذه التوقعات وانعكاساتها المحتملة على الأسواق المالية والسياسة النقدية في تركيا خلال الفترة المقبلة.
قرار البنك المركزي التركي برفع أسعار الفائدة إلى 46%
1. السياق السياسي والاقتصادي للقرار
جاء قرار رفع سعر الفائدة في تركيا الأساسي بمقدار 350 نقطة أساس من 42.5% إلى 46% في اجتماع أبريل 2025، في وقت حساس يواجه فيه الاقتصاد التركي عدة تحديات على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
إذ تزامن القرار مع تصاعد التوترات السياسية الداخلية، خصوصًا بعد احتجاجات واسعة أعقبت اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض، ما زاد من الضغوط على ثقة المستثمرين الأجانب.
في الوقت ذاته، تتعرض الليرة التركية لضغوط بسبب مخاوف الأسواق من سياسات الحماية التجارية الأمريكية وتصاعد الحمائية التجارية عالميًا، مما يدفع المركزي التركي إلى اعتماد سياسة نقدية شديدة التشدد لكبح جماح التضخم ودعم العملة.
2. أبرز التعديلات في السياسة النقدية
-
سعر الفائدة الأساسي (إعادة الشراء لأسبوع واحد): ارتفع إلى 46%.
-
سعر الإقراض لليلة واحدة: ارتفع بمقدار 300 نقطة أساس إلى 49%.
-
سعر الاقتراض لليلة واحدة: ارتفع من 41% إلى 44.5%.
3. أهداف البنك المركزي التركي
أكد البنك أن الهدف من هذا الرفع هو الحفاظ على مسار انكماش التضخم واستعادة التوازن الداخلي والخارجي، مشيرًا إلى أنه على استعداد لتشديد الموقف أكثر إذا شهدت التوقعات التضخمية تدهورًا كبيرًا.
توقعات بنك جولدمان ساكس لأسعار الفائدة في تركيا
1. إطار التحليل وتقدير المخاطر
في مذكرة تحليلية صادرة عقب القرار، أوضح بنك جولدمان ساكس أن استمرار المركزي التركي في رفع أسعار الفائدة يعكس جدية في مكافحة التضخم وإعادة الاستقرار للأسواق. ومع ذلك، أشار البنك إلى أن أي صدمات جديدة – سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو خارجية – قد تعرقل خطط التيسير النقدي مستقبلاً.
2. تعديل التوقعات للمدى المتوسط
-
توقع سعر الفائدة بنهاية عام 2025: رفع من 28.5% إلى 33%، وهو ما يعكس زيادة في التقديرات المرتبطة باستمرار التضخم عند مستويات مرتفعة لفترة أطول من المتوقع.
-
بداية تخفيض أسعار الفائدة: يُتوقع أن يبدأ اعتبارًا من يوليو 2025، ولكن فقط في حال عدم حدوث صدمات تضخمية جديدة.
3. آفاق السياسة النقدية
أوضح التقرير أن المسار المستقبلي للفائدة في تركيا يعتمد إلى حد كبير على نتائج السياسة المالية للحكومة، واستمرار التزام المركزي بالاستقلالية والسياسات المتشددة، إلى جانب الظروف الخارجية مثل أسعار الطاقة وحركة رؤوس الأموال.
توقعات مورجان ستانلي لأسعار الفائدة والتضخم والليرة التركية
1. خلفية القرار وأثره على توقعات السوق
أصدر بنك مورجان ستانلي تقريرًا محدثًا في 17 أبريل/نيسان، أعاد فيه تقييم آفاق أسعار الفائدة والتضخم وسعر صرف الليرة التركية، عقب قرار المركزي برفع الفائدة. وشدد التقرير على أن هذه الإجراءات تشير إلى محاولة جدية من صناع السياسة النقدية لكبح التضخم واستعادة الثقة في الليرة.
2. التعديلات الرئيسية في التوقعات
-
سعر الفائدة المتوقع بنهاية 2025: رفع من 33.5% إلى 36%.
-
تضخم نهاية العام: يُتوقع أن يبلغ 29%.
-
سعر صرف الدولار مقابل الليرة:
-
43 ليرة بنهاية 2025.
-
47 ليرة بحلول 2026.
-
3. توقعات للسياسة النقدية المستقبلية
-
اجتماع يونيو 2025: من المتوقع أن يبقي المركزي على سعر الفائدة دون تغيير.
-
اجتماع يوليو 2025: يُحتمل أن يبدأ فيه أول تخفيض تدريجي للفائدة، شرط أن تظهر مؤشرات تضخمية إيجابية.
-
ميزان المخاطر: لا تزال المخاطر مائلة نحو الجانب السلبي، وهو ما يفسر الحذر في التوقعات.
4. مواقف استثمارية حذرة
أشار التقرير إلى أن مورجان ستانلي فتحت مركزًا قصيرًا في زوج الدولار/الليرة لمدة شهرين، مما يعكس عودة تدريجية للسوق التركية، لكن تحت رقابة مشددة وضمن أطر زمنية قصيرة لحماية الاستثمارات من تقلبات محتملة.
تقييم استراتيجي شامل إلى أين تتجه السياسة النقدية التركية؟
1. جدلية التشديد مقابل النمو
تعكس قرارات المركزي التركي الأخيرة تحولًا جذريًا في السياسة النقدية مقارنة بالسنوات السابقة التي اتسمت بالتيسير النقدي المفرط، وهو ما أدى إلى تفاقم التضخم وفقدان ثقة المستثمرين. غير أن هذا التحول لا يزال محفوفًا بالمخاطر، خصوصًا في ظل تراجع النمو الاقتصادي، وزيادة تكلفة الاقتراض، وتباطؤ الطلب المحلي.
2. مدى استقلالية البنك المركزي
رغم القرارات المتشددة، لا تزال الأسواق تُقيّم مدى استقلالية البنك المركزي عن السلطة التنفيذية، وهي نقطة محورية في تحديد نجاح السياسات النقدية في استعادة الاستقرار طويل الأمد.
3. التأثيرات المحتملة على الأسواق المالية
-
العملة المحلية: من المرجح أن تشهد الليرة بعض الاستقرار النسبي إذا واصل المركزي التركي سياساته المتشددة.
-
أسواق الأسهم: قد تواجه بعض الضغوط نتيجة ارتفاع تكلفة الاقتراض، لكن استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية قد يخفف من هذه الآثار.
-
أسواق السندات: من المتوقع أن ترتفع عوائد السندات المحلية، ما قد يجذب رؤوس أموال أجنبية على المدى المتوسط.
الختام: ماذا تعني هذه التوقعات للمستثمرين والمتعاملين في السوق التركية؟
توضح التقارير الصادرة عن جولدمان ساكس ومورجان ستانلي أن الاقتصاد التركي دخل مرحلة إعادة ضبط جذرية في سياساته النقدية ورغم التحديات السياسية والاقتصادية القائمة، إلا أن الاستجابة النقدية القوية من البنك المركزي تشير إلى نية جادة في السيطرة على التضخم واستعادة الاستقرار المالي.
غير أن التحول نحو دورة تيسير نقدي جديدة سيظل مرهونًا بمؤشرات واضحة لتحسن التضخم واستقرار الأسواق المالية، إلى جانب قدرة الحكومة على الحد من التقلبات السياسية التي تزعزع ثقة المستثمرين.