شهد الين الياباني انخفاضًا في تعاملات اليوم الأربعاء في السوق الآسيوية مقابل سلة من العملات الرئيسية والثانوية، ليواصل خسائره لليوم الثاني على التوالي أمام الدولار الأمريكي يأتي هذا التراجع بعد وصوله إلى أعلى مستوياته في خمسة أشهر، حيث تأثرت العملة اليابانية بعمليات التصحيح وجني الأرباح من المستثمرين الذين استفادوا من المكاسب الأخيرة.
كما زادت الضغوط على الين بعد تعليقات حذرة من مسؤولي بنك اليابان، مما أضعف التوقعات بشأن إمكانية رفع أسعار الفائدة قريبًا، في ظل ترقب المستثمرين لمزيد من البيانات الاقتصادية والإشارات الرسمية حول توجهات السياسة النقدية في البلاد.
أداء الدولار أمام الين الياباني
في تعاملات اليوم عند الساعة 12:30 بتوقيت تركيا سجل الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني 149.30 ين، مقارنة بسعر الافتتاح عند 149.81 ين، بينما سجل أدنى مستوى له خلال الجلسة عند 149.10 ين.
وكان الين قد تراجع يوم الثلاثاء بنسبة 0.2% أمام الدولار، نتيجة عمليات التصحيح وجني الأرباح، وذلك بعد أن سجل في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر عند 148.09 ين لكل دولار أمريكي.
تصريحات مسؤولي بنك اليابان وتأثيرها على الأسواق
أثارت التصريحات الأخيرة من محافظ بنك اليابان كازو أويدا ونائبه شينيتشي أوشيدا حالة من الحذر في الأسواق المالية، حيث أشاروا إلى أن البنك المركزي يتبع سياسة نقدية مرنة تعتمد على تطورات الاقتصاد والتضخم، دون التزام مسبق بزيادة الفائدة في كل اجتماع.
قال "أويدا" إن الفجوة في السياسة النقدية بين الدول المختلفة يمكن أن تزيد من تقلبات الأسواق المالية وحركة العملات الأجنبية، كما شدد على أن تصاعد التوترات الجيوسياسية قد يؤدي إلى تحولات مفاجئة في تدفقات رؤوس الأموال عبر الحدود، مما يستدعي اتخاذ سياسات نقدية حذرة.
أما نائب المحافظ "شينيتشي أوشيدا"، فقد أكد أن بنك اليابان لا يستهدف التلاعب بأسعار الصرف الأجنبية أو تخفيض قيمة العملة عمدًا، بل يعتمد على تقييم التطورات الاقتصادية والمالية بشكل متكامل. كما أضاف أن البنك لن يستبعد تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية عند مراجعة توقعاته الاقتصادية.
قال نائب محافظ بنك اليابان شينيتشي أوشيدا يوم الأربعاء، إنه ليس لديه فكرة محددة بشأن وتيرة رفع أسعار الفائدة في المستقبل، وليس الأمر كما لو أن بنك اليابان سيرفع معدلات الفائدة في كل اجتماع للسياسة النقدية والأجور هي مفتاح قياس تضخم الاتجاه في اليابان ويجب أن تكون يقظًا بشأن كيفية تأثير تحركات أسعار السلع التي يشتريها الناس بشكل متكرر على توقعات التضخم.
ومن الواضح أن التعريفات الجمركية المرتفعة سيكون لها تأثير أيضًا على الاقتصاد الياباني ومستويات الأسعار وسيحكم بنك اليابان بشكل شامل على التأثير المذكور من خلال التوقعات الاقتصادية الجديدة المحددة في اجتماع 1 مايو ولا توجد خطط جديدة لبيع ممتلكات بنك اليابان من الصناديق المتداولة بشكل فوري.
وأوضح "أوشيدا" أن قرار رفع أسعار الفائدة لن يكون تلقائيًا في كل اجتماع، بل سيتحدد بناءً على الظروف الاقتصادية والتضخم في اليابان. هذه التصريحات أدت إلى انخفاض توقعات السوق بشأن رفع الفائدة في مارس من 85% إلى 65%، مما ساهم في تراجع الين أمام العملات الأخرى.
ترقب البيانات الاقتصادية اليابانية قبل اجتماع مارس
مع تراجع احتمالات رفع الفائدة، ينتظر المستثمرون عن كثب صدور بيانات اقتصادية هامة في اليابان قبل اجتماع السياسة النقدية في 19 مارس. وتشمل هذه البيانات مستويات التضخم، والبطالة، والأجور، حيث ستكون هذه المؤشرات حاسمة في تحديد موقف بنك اليابان المستقبلي بشأن أسعار الفائدة.
انتعاش العوائد الأمريكية وتأثيره على الدولار
على الجانب الآخر، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة 0.9% خلال تعاملات الأربعاء، ليواصل مكاسبه لليوم الثاني على التوالي، معززًا من مستويات الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى.
يأتي هذا الانتعاش في سوق السندات وسط تقييم المستثمرين لتأثير الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على كندا والمكسيك والصين، والتي دخلت حيز التنفيذ يوم الثلاثاء. ويترقب المستثمرون مدى تأثير هذه الرسوم على التضخم الأمريكي، مما قد يؤثر بدوره على قرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة.
توقعات الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة
وفقًا لأداة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة CME، فإن الأسواق حاليًا تسعر احتمالية 7% فقط لخفض الفائدة في اجتماع مارس المقبل، في حين تبلغ احتمالات إبقاء الفائدة دون تغيير 93%.
ولإعادة تقييم هذه التوقعات، يترقب المستثمرون سلسلة من البيانات الاقتصادية المهمة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، والتي تشمل:
- الأربعاء: تقرير وظائف القطاع الخاص الأمريكي.
- الخميس: بيانات طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.
- الجمعة: تقرير الوظائف الشهري، والذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية التي يعتمد عليها الفيدرالي في تحديد توجهاته المستقبلية.
خلاصة وتوقعات مستقبلية
يعكس تراجع الين الياباني الأخير مدى تأثره بعوامل عدة، منها عمليات التصحيح وجني الأرباح، إضافة إلى التصريحات الحذرة من مسؤولي بنك اليابان التي أضعفت رهانات السوق على رفع الفائدة في مارس. وفي المقابل، فإن انتعاش العائد على السندات الأمريكية عزز من قوة الدولار، مما زاد الضغط على العملة اليابانية.
ومع ترقب بيانات التضخم والأجور في اليابان، إلى جانب التقارير الاقتصادية الأمريكية الحاسمة، قد تشهد الأسواق تقلبات ملحوظة في الفترة المقبلة. وإذا جاءت البيانات الأمريكية أقوى من المتوقع، فقد يعزز ذلك من فرص إبقاء الفيدرالي على سياسته النقدية المتشددة، مما قد يدفع الدولار لمزيد من الصعود مقابل الين الياباني.
