تراجعت أسعار الذهب خلال تعاملات الجمعة إلى أدنى مستوياتها منذ ثلاثة أسابيع، متأثرة بصعود الدولار وعمليات جني الأرباح، بعد أن بلغ المعدن النفيس مستويات قياسية في وقت سابق من الأسبوع. يأتي هذا الانخفاض وسط ترقب الأسواق لبيانات التضخم الأميركية التي تعدّ مؤشرًا حاسمًا في تحديد مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.
أسوأ أداء أسبوعي للذهب منذ نوفمبر
سجل الذهب أسوأ أداء أسبوعي منذ نوفمبر 2023، حيث انخفضت الأسعار بشكل حاد نتيجة ارتفاع قيمة الدولار، مما جعل المعدن النفيس أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى. كما أدت عمليات جني الأرباح بعد الصعود القياسي إلى زيادة الضغوط البيعية، مما عمّق من خسائر الذهب.
ويعزو الخبراء هذا التراجع إلى عدة عوامل رئيسية:
- ارتفاع الدولار الأميركي، مما جعل الذهب أقل جاذبية.
- عمليات جني الأرباح بعد الصعود القياسي إلى مستويات 2956 دولار للأونصة.
- الضبابية بشأن السياسة التجارية الأميركية، خاصة بعد تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب حول فرض تعريفات جمركية جديدة.
- ترقب بيانات التضخم الأميركية، والتي قد تؤثر على توقعات أسعار الفائدة الفيدرالية.
أسعار الذهب اليوم
في المعاملات الفورية، تراجعت أسعار الذهب بنسبة 0.58% لتصل إلى 2,860 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 11:00 صباحًا بتوقيت تركيا وسجل المعدن الأصفر خلال الجلسة أقل مستوى له منذ 12 فبراير/شباط كما هبطت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 0.82% لتصل إلى 2,871 دولارًا للأونصة.
قوة الدولار وتأثيرها على الذهب
ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.13% ليصل إلى 107.32 نقطة مقابل سلة من العملات الرئيسية. ومع ارتفاع الدولار، يصبح الذهب أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما يقلل من الطلب عليه ويدفع الأسعار للهبوط.
هذا الصعود المستمر في قيمة العملة الأميركية يرجع إلى توقعات الأسواق بأن الفيدرالي سيظل متمسكًا بسياساته النقدية المتشددة لفترة أطول، خاصة مع استمرار قوة الاقتصاد الأميركي وعدم تباطؤ معدلات التضخم بالشكل المتوقع.
كان الذهب قد شهد ارتفاعًا قياسيًا في وقت سابق من الأسبوع، حيث لامس مستوى 2,956.19 دولارًا للأونصة يوم الإثنين، مدفوعًا بارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة بسبب تصاعد المخاوف الجيوسياسية، خاصة في ظل التوترات بين الولايات المتحدة والصين، والحرب في أوكرانيا، والتقلبات في الشرق الأوسط.
لكن مع ارتفاع الدولار وزيادة الضغوط البيعية، تخلى المعدن الأصفر عن مكاسبه، متجهًا إلى تسجيل أول خسارة أسبوعية منذ بداية العام.
ترقب بيانات التضخم وتوقعات الفائدة
ينتظر المستثمرون بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم، والذي من المتوقع أن يسجل ارتفاعًا بنسبة 0.3% على أساس شهري، وفقًا لاستطلاع أجرته وكالة رويترز.
وتعد هذه البيانات بالغة الأهمية، حيث إنها قد تعطي إشارات واضحة حول توجهات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، خاصة في ظل التوقعات بأن البنك المركزي قد يقوم بخفضها مرتين على الأقل خلال عام 2025. وتشير الأسواق إلى احتمال تخفيض الفائدة بنحو 55 نقطة أساس على مدار العام، مما قد يؤثر على توجهات الذهب مستقبلًا.
السياسات التجارية الأميركية وتأثيرها على الأسواق
أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن التعريفات الجمركية الجديدة على الواردات الأميركية من المكسيك وكندا ستدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 4 مارس/آذار. بالإضافة إلى ذلك، سيتم فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على الواردات الصينية، مما سيرفع إجمالي الرسوم المفروضة على الصين إلى 20%.
هذه القرارات أثارت مخاوف الأسواق بشأن تأثيرها على التضخم، والتجارة العالمية، والنمو الاقتصادي، حيث قد تؤدي إلى تصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما قد يعزز من الطلب على الذهب كملاذ آمن على المدى الطويل.
كيف ستؤثر هذه العوامل على الذهب في الفترة القادمة؟
بناءً على التطورات الأخيرة، هناك سيناريوهان رئيسيان لمسار الذهب في الأسابيع المقبلة:
- إذا أظهرت بيانات التضخم تباطؤًا ملحوظًا، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع الدولار، مما يمنح الذهب دفعة صعودية جديدة.
- إذا جاءت بيانات التضخم أقوى من المتوقع، فقد يعزز ذلك من التوقعات ببقاء الفيدرالي متشددًا لفترة أطول، مما سيؤدي إلى مزيد من الضغوط على الذهب.
عوامل داعمة للذهب:
- استمرار التوترات الجيوسياسية.
- توقعات خفض الفائدة الأميركية لاحقًا هذا العام.
- استمرار الطلب على الذهب من قبل البنوك المركزية، خاصة في الصين وروسيا.
عوامل ضاغطة على الذهب:
- ارتفاع الدولار الأميركي.
- عمليات جني الأرباح بعد موجة الصعود القوية.
- تزايد احتمالات استمرار السياسة النقدية المتشددة لفترة أطول.
الخلاصة
تراجعت أسعار الذهب إلى أدنى مستوياتها في 3 أسابيع تحت ضغط قوة الدولار وعمليات جني الأرباح، متجهة نحو تسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ نوفمبر. في الوقت ذاته، تترقب الأسواق بيانات التضخم الأميركية التي قد تحدد اتجاه الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، مما يجعل الذهب عند مفترق طرق.
في ظل هذه التحديات، سيظل المستثمرون يراقبون عن كثب تطورات السياسة النقدية الأميركية، والتوترات التجارية، والمخاطر الجيوسياسية، والتي سيكون لها تأثير كبير على تحركات الذهب خلال الفترة القادمة.
