سعر صرف الليرة السورية يواصل صعوده أمام الدولار بالسوق السوداء بدعم عدد من الأنباء الإيجابية

 واصل سعر صرف الليرة السورية اليوم الخميس تعزيز مكاسبه أمام الدولار في السوق الموازية، بينما ظل مستقرًا في النشرة الرسمية لمصرف سوريا المركزي.

يأتي هذا التحسن بعد إعلان وزارة الخزانة الأميركية يوم الاثنين عن استثناءات جديدة من العقوبات المفروضة، تتيح تحويل الأموال الشخصية إلى سوريا. بالإضافة إلى ذلك، أشار وزير فرنسي إلى احتمال رفع العقوبات عن دمشق قريبًا.

أداء الليرة السورية في السوق الموازية

في تعاملات السوق الموازية، سجلت الليرة السورية مكاسب ملحوظة أمام الدولار. ففي دمشق وحلب، ارتفع سعر الصرف إلى 11 ألف ليرة للدولار للشراء،  أما سعر البيع، فقد بلغ 11 ألفًا و300 ليرة للدولار، بعد أن كان عند مستوى 11 ألفًا و700 ليرة.

وفي مدينة حلب، استقر سعر الصرف عند مستوى مشابه، مسجلاً 11,000 ليرة للشراء و11,300 ليرة للبيع.

وفي إدلب الواقعة شمال غرب سوريا، تحسنت الليرة لتسجل 10 آلاف و800 ليرة للدولار عند الشراء، مقارنةً بـ 10 ألفًا و900 ليرة يوم أمس. أما سعر البيع فقد استقر عند 11 ألفًا و100 ليرة للدولار، بعدما كان عند الحد الأقصى البالغ 11 ألفًا و400 ليرة.

وفي المنطقة الشرقية، وتحديدًا في الحسكة، بلغ سعر الدولار 11,000 ليرة للشراء و11,200 ليرة للبيع.

أداء الليرة في المصرف المركزي

ظل سعر الصرف الرسمي لليرة السورية في النشرة الصادرة عن مصرف سوريا المركزي مستقرًا عند 13 ألف ليرة للدولار للشراء، و13 ألفًا و130 ليرة للبيع.

عوامل تدعم تحسن الليرة السورية

1. تصريحات وزير الخارجية الفرنسي: أكد جان نويل بارو، وزير الخارجية الفرنسي، اليوم أن عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تعيق تسليم المساعدات الإنسانية إلى سوريا وتعافيها قد يتم رفعها قريبًا.
   
   

2. الإجراءات الأميركية: أعلنت وزارة الخزانة الأميركية إصدار رخصة استثنائية تسمح بإجراء معاملات مع مؤسسات حكومية سورية وبعض معاملات قطاع الطاقة. كما شملت الرخصة السماح بتحويل الأموال الشخصية إلى سوريا، بما في ذلك عبر مصرف سوريا المركزي.
   
   

3. الوضع المالي الراهن: أشار وزير مالية حكومة تصريف الأعمال محمد أبا زيد إلى أن الدين الخارجي لسوريا يتراوح بين 20 و23 مليار دولار، بالإضافة إلى "مليارات الديون المحلية". وأضاف أن الحكومة ورثت "دولة متهالكة ذات خزائن فارغة وديون ضخمة"، مؤكدًا عدم وجود سجلات مالية موثوقة من نظام الأسد السابق.
   
   

4. خطة الحكومة: تحدث وزير الاقتصاد باسل عبد الحنان عن خطة حكومية تهدف إلى تثبيت سعر الصرف كأولوية لاستقرار الأسواق وتحريك عجلة التجارة. وأوضح أن التحسينات طويلة الأمد تعتمد على زيادة الإنتاج والتصدير لإدخال العملة الصعبة وتعزيز الاحتياطيات النقدية.

رؤية مستقبلية لتعزيز الليرة السورية

أوضح عبد الحنان أن العامل الأساسي لتعزيز قوة الليرة هو تحفيز الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات. وأشار إلى أن هذه الجهود ستساعد على استقطاب العملات الأجنبية، مما يرفع من قيمة الليرة تدريجيًا. وأكد على أهمية استقرار سعر الصرف لضمان استقرار الأسواق المالية وحركة التداول التجاري.

رغم التحسن الأخير في أداء الليرة، تواجه سوريا تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها ضعف القطاعات الإنتاجية وارتفاع معدلات الدين. وتحتاج البلاد إلى جهود مشتركة بين القطاعين العام والخاص لتجاوز الأزمة الحالية، وفقًا لما أشار إليه المسؤولون السوريون في تصريحاتهم الأخيرة.

قد يهمك : أبرز جوانب الانهيار الاقتصادي في سوريا والقطاعات الأكثر تأثرًا بالحرب

آراء الخبراء حول تحسن الليرة السورية

يرى خبراء اقتصاديون أن هذا التعافي الجزئي في سعر الليرة ليس حقيقيًا في ظل التحديات والمشكلات العديدة التي يعاني منها الاقتصاد في سوريا. وأوضح الباحث في الاقتصاد السياسي يحيى السيد عمر لموقع تلفزيون سوريا، أن التذبذب في سعر الليرة بين ارتفاع وانخفاض ليس إيجابيًا بالنسبة للحكومة أو الشركات أو الأفراد، لأن استقرار العملة عامل رئيسي لاستقرار النشاط الاقتصادي.

وأضاف السيد عمر أن هذا التغيير في سعر الليرة ناتج عن عوامل نفسية وإشاعات في السوق النقدية، إضافة إلى المضاربات التي قد يديرها بعض أصحاب رؤوس الأموال. وأكد أن التحسن الأخير لم يكن مدعومًا بضخ دولار في السوق أو جذب استثمارات جديدة.

التحديات الرئيسية

1. نقص النقد الأجنبي

يتمثل أحد التحديات الرئيسية في عدم امتلاك البنك المركزي السوري لأدوات نقدية فعالة للتحكم بالسوق النقدية، حيث لا يملك المصرف أرصدة كافية من الدولار. كما أن هناك فائضًا كبيرًا من الليرة في السوق بسبب مبالغة النظام المخلوع في الاعتماد على التمويل بالعجز في نفقاته.

وبحسب تصريحات رئيس الحكومة السورية المؤقتة، محمد البشير، فإن احتياطي النقد الأجنبي في سوريا منخفض للغاية، حيث تبلغ احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي نحو 200 مليون دولار نقدًا فقط.

2. التضخم المفرط وضعف الهيكلية الاقتصادية

تُعد السياسات الاقتصادية السابقة أحد أسباب التضخم الجامح، حيث أدى ضخ كميات كبيرة من العملة في السوق إلى فقدانها قيمتها بشكل كبير. وأشار مناف قومان، الباحث في مركز "عمران" للدراسات، إلى أن الاقتصاد السوري يحتاج إلى إعادة بناء شاملة تشمل السيطرة على التضخم من خلال ضبط الكتلة النقدية.

3. السيطرة على الموارد الاقتصادية

تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على معظم حقول النفط والغاز في شمال شرق سوريا، مما يحرم الدولة من مصادر دخل هامة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه الحكومة تحديات كبيرة في إعادة الإعمار، حيث تُقدر الكلفة الإجمالية بنحو نصف تريليون دولار.

4. تعدد العملات المحلية والدولية

من التحديات الأخرى تعدد العملات المستخدمة داخل سوريا (الليرة السورية، الدولار الأمريكي، والليرة التركية)، مما يؤدي إلى تعقيد في تحديد الأسعار ويؤثر سلبًا على استقرار السوق.

قد يهمك : تكلفة إعادة إعمار سوريا.. بين التحديات الاقتصادية والدمار الهائل وأرقام تتجاوز التوقعات

الحلول المقترحة لرفع قيمة الليرة

1. تعزيز احتياطي النقد الأجنبي

يشدد الخبراء على ضرورة ضخ كميات كبيرة من الدولار في السوق من خلال جذب الاستثمارات الخارجية أو زيادة التصدير والحد من الاستيراد. هذه الخطوات تحتاج إلى بيئة استثمارية مستقرة وضمانات قانونية للمستثمرين.

2. إصلاحات هيكلية في مصرف سوريا المركزي

يوصي الباحث مناف قومان بضرورة تبني مصرف سوريا المركزي ممارسات شفافة تسهم في بناء الثقة بينه وبين المواطنين والأسواق. يجب أن تشمل هذه الإصلاحات إعادة هيكلة المصرف واستخدام كافة الأدوات النقدية المتاحة لضبط الأسعار والحفاظ على قيمة العملة.

3. ضبط السوق وتوحيد سعر الصرف

يتطلب تحسين الوضع الاقتصادي توحيد سعر الصرف ومنع المضاربات في السوق السوداء. كما يُعد ضبط أسعار السلع أمرًا ضروريًا لحماية المواطنين من التقلبات الكبيرة.

4. استبدال العملة وحذف الأصفار

من الحلول المطروحة أيضًا إصدار عملة جديدة بعد حذف عدة أصفار من العملة الحالية لتقليل الحجم الفعلي للأموال المتداولة. وأكد الباحث يحيى السيد عمر على ضرورة استبدال العملة الحالية التي تحمل رموز النظام المخلوع بأخرى تعكس الواقع الجديد.

المصدر : investing + وكالات