تأثير التوترات الجيوسياسية والانتخابات الأمريكية على الذهب
تأثير الصراعات في الشرق الأوسط
تاريخيًا، يعد الذهب من الأصول التي تلجأ إليها الأسواق خلال فترات عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. ومع تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط، تزايدت المخاوف من تأثير هذه التوترات على الاقتصاد العالمي، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن أصول آمنة مثل الذهب. هذه التوترات دفعت الذهب إلى تسجيل مستويات قياسية مع انتقال المستثمرين بعيدًا عن الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم.
الانتخابات الأمريكية وعدم اليقين السياسي
من جهة أخرى، شكلت الانتخابات الرئاسية الأمريكية عاملاً رئيسيًا في ارتفاع أسعار الذهب. ففي ظل حالة الانقسام السياسي بين المرشحين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب، ظهرت توقعات بتقلبات كبيرة في الأسواق المالية وفقًا لاستطلاعات رأي أجرتها رويترز/إبسوس، تقدم هاريس بفارق بسيط بنسبة 46% مقابل 43% لترامب، وهو ما أضاف عنصرًا جديدًا من عدم اليقين إلى المشهد الاقتصادي والسياسي.
تعليق الخبراء حول الوضع
علق تيم ووترر، كبير محللي السوق في KCM Trade، على أن الذهب والدولار يستفيدان من تدفقات شراء الملاذ الآمن نتيجة المخاطر الجيوسياسية وعدم اليقين المرتبط بالانتخابات الأمريكية. وأوضح ووترر أن السوق قد تستمر في رؤية تدفقات كبيرة نحو هذه الأصول حتى يتم حسم نتيجة الانتخابات.
الذهب كأداة تحوط ضد المخاطر
الذهب كملاذ آمن في الأزمات
لطالما اعتُبر الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين خلال فترات الأزمات، سواء كانت جيوسياسية أو اقتصادية ويعزز هذا الارتفاع في أسعار الذهب دوره كأداة تحوط قوية في مواجهة الأزمات. فقد حقق الذهب مكاسب تتجاوز 33% منذ بداية العام، مما يعكس ثقة المستثمرين في قدرته على الحفاظ على القيمة خلال فترات التقلبات.
التوترات الجيوسياسية كعامل رئيسي
قال بيتر غرانت، نائب الرئيس وكبير استراتيجيي المعادن في Zaner Metals: "تظل التوترات الجيوسياسية المحرك الأساسي للطلب على الذهب" وأضاف أن التوترات المستمرة في الشرق الأوسط وقرب الانتخابات الأمريكية يعززان جاذبية الذهب كملاذ آمن، مما يدفع بالأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب
أشار غرانت إلى أنه في حال تصاعدت التوترات الجيوسياسية، قد نشهد تجاوز أسعار الذهب مستوى 3000 دولار للأوقية قبل نهاية العام وعلى الرغم من أنه يميل إلى ترجيح تحقيق هذا الارتفاع خلال الربع الأول من العام المقبل، إلا أن المخاطر المستمرة قد تدفع الأسعار إلى تحقيق هذا المستوى في وقت أقرب.
وقال بول وونغ، المحلل لدى شركة "سبروت" لإدارة الأصول، إن عوامل مثل الطلب المتزايد من البنوك المركزية وارتفاع الدين الأمريكي، إلى جانب توقعات انخفاض الدولار في ظل تراجع أسعار الفائدة، تسهم في دعم أسعار الذهب وأكد وونغ أن هذه العوامل قد تستمر في دفع الذهب إلى مستويات أعلى في المستقبل القريب.
تأثير السياسات النقدية وأسعار الفائدة على الذهب
دور البنوك المركزية في دعم الذهب
تعتبر السياسات النقدية التيسيرية التي تتبناها العديد من البنوك المركزية حول العالم، من بينها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، من العوامل الرئيسية التي تدعم ارتفاع أسعار الذهب وقد أدى خفض أسعار الفائدة إلى تقليل جاذبية الأصول ذات العوائد الثابتة مثل السندات، مما جعل الذهب بديلاً أكثر جاذبية للمستثمرين.
قرار الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة
في الشهر الماضي، خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس وعلى الرغم من تراجع التوقعات باتخاذ خطوة مماثلة في اجتماع نوفمبر، إلا أن الأسواق ترجح حاليًا خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس، مما يعزز من جاذبية الذهب مع استمرار هذه السياسات التيسيرية، يتوقع الخبراء أن تستمر أسعار الذهب في الارتفاع.
أداء الذهب والدولار اليوم
أسعار الذهب الفورية والعقود الآجلة
بلغت أسعار الذهب الفوري أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 2,752 دولارًا للأوقية، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 0.12% خلال اليوم أما العقود الآجلة للذهب الأمريكي فقد شهدت هي الأخرى ارتفاعًا بنسبة 0.24% لتصل إلى 2,767 دولارًا للأوقية هذه الارتفاعات تعكس قوة الطلب على الذهب كملاذ آمن في ظل الظروف الحالية، ويُتوقع استمرار هذه الاتجاهات مع تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.
أداء الدولار الأمريكي
على الرغم من ارتفاع أسعار الذهب، سجل مؤشر الدولار الأمريكي أيضًا مكاسب، حيث ارتفعت عقود مؤشر الدولار بنسبة 0.23% لتصل إلى 104.13 نقطة يُظهر هذا التوازن بين الذهب والدولار أن الأسواق لا تزال تحتفظ بكلا الأصلين كوسائل للتحوط ضد المخاطر المحتملة.
أداء المعادن النفيسة اليوم
سعر الفضة اليوم
على الرغم من أن الذهب كان نجم الساحة في الفترة الأخيرة، إلا أن الفضة شهدت أيضًا بعض التحركات المهمة فقد انخفضت الفضة الفورية بنسبة 0.7% لتصل إلى 34.58 دولار للأوقية، بعد أن كانت قد بلغت أعلى مستوى لها منذ عام 2012 في الجلسة السابقة عند 34.87 دولار هذا الانخفاض يعكس تقلبات السوق رغم الأداء القوي للمعدن النفيس.
سعر البلاتين والبلاديوم اليوم
سجل البلاتين ارتفاعًا بنسبة 0.5% ليصل إلى 1033.75 دولار للأوقية، بينما تراجع البلاديوم بنسبة 0.2% إلى 1073.80 دولار للأوقية ورغم أن هذه المعادن لم تشهد نفس الارتفاع الكبير الذي حققه الذهب، إلا أنها ظلت تتحرك ضمن نطاقات ثابتة نسبيًا، مما يعكس توازنًا في الطلب عليها.
توقعات أسعار الذهب في المستقبل
توقعات قصيرة المدى
من المتوقع أن يستمر الذهب في الارتفاع في الفترة المقبلة إذا استمرت التوترات الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية العالمية وقد يؤدي استمرار هذه العوامل إلى رؤية مستويات قياسية جديدة للذهب قبل نهاية العام، خاصة إذا تصاعدت الأزمات في الشرق الأوسط أو تأخرت نتائج الانتخابات الأمريكية.
توقعات طويلة المدى
على المدى الطويل، قد تتأثر أسعار الذهب بشكل أكبر بالتغيرات في السياسات النقدية العالمية، وخاصة إذا استمرت البنوك المركزية في تبني سياسات نقدية تيسيرية. وإذا استمر الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، فقد نشهد ارتفاعًا مستدامًا في أسعار الذهب خلال العام المقبل.
الخلاصة : يشهد الذهب حاليًا فترة من الارتفاعات القوية نتيجة التوترات الجيوسياسية والانتخابات الأمريكية، إلى جانب السياسات النقدية التيسيرية التي تتبعها البنوك المركزية في ظل هذه الظروف، يظل الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين الذين يسعون لحماية أصولهم من المخاطر الاقتصادية والسياسية ومع توقعات بارتفاعات مستقبلية قد تصل إلى مستويات قياسية جديدة، فإن الذهب سيبقى محط اهتمام الأسواق في الأشهر المقبلة.
